دمشق – ش – وكالات
تستعد الدفعة الأولى من سكان مدينة تدمر الأثرية للعودة إلى منازلهم، بعد نحو أسبوعين على استعادة الجيش السوري سيطرته على المدينة وطرد تنظيم “داعش” منها بدعم روسي.
وقال مصدر حكومي سوري يوم أمس السبت: “بدأ تسجيل أسماء العائلات التي ترغب بالعودة إلى منازلها في مدينة تدمر السكنية” في ريف حمص الشرقي، موضحا أن “الدفعة الأولى من العائدين ستدخل (السبت) إلى تدمر قادمة من حمص، ليتبعها أعداد متكررة من العائلات بشكل تدريجي طيلة أيام الأسبوع المقبل”.
وسمحت السلطات السورية لسكان المدينة الذين اضطروا للنزوح عنها، بالعودة إلى منازلهم بعد إزالة الألغام التي خلفها مسلحو التنظيم وراءهم، وذلك بعد إنتهاء فرق هندسية روسية وسورية متخصصة، من نزع الألغام التي خلفها الإرهابيون، وإعادة فتح الطرق إلى الأحياء السكنية.
كما انطلقت الأربعاء 6 أبريل، المرحلة الأولى من أعمال إعادة تأهيل البنى التحتية في تدمر، إذ أن 45% من الأحياء السكنية في المدينة مدمرة، حسب ما أعلنه محافظ حمص طلال البرازي، خلال زيارته المدينة مؤخرا، حيث قال: “أعمال الصيانة بدأت في تدمر، وستستمر لمدة شهر كمرحلة أولى، بهدف عودة المهجرين إلى أحيائهم ومنازلهم”.
يذكر أن الجيش السوري، كان قد أعلن في 27 مارس استعادة سيطرته على مدينة تدمر وتحريرها بالكامل من عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي تحت غطاء جوي أمنته القوات الفضائية الجوية الروسية.
يشار إلى أن مسلحي “داعش” أعدموا في الفترة التي خضعت المدينة التاريخية السورية لهم 280 شخصا على الأقل، وفقا لبعض المصادر، كما ألحقوا أضرارا بالغة بمواقع أثرية مدرجة ضمن قائمة الـ”يونيسكو”. ويرى المراقبون أن استعادة السيطرة على تدمر مثلت انتكاسة كبيرة لتنظيم “داعش” منذ أعلن “خلافته” في أنحاء سوريا والعراق سنة 2014.
وعلى صعيد متصل؛ ظن المهندس بسام دباس أنه لن يتمكن من العودة مجددا الى مدينة القريتين، مسقط راسه في وسط سوريا، بعد سيطرة تنظيم داعش عليها وخطف المتطرفين المئات من سكانها المسيحيين الذين كان في عدادهم.
وبعد ثمانية اشهر، وجد دباس (55 عاما) نفسه واقفا امام تبقى من جدران متفحمة في كنيسة دير مار اليان، حيث اعتاد الصلاة. ويكاد لا يصدق ان الجيش السوري تمكن من استعادة السيطرة على مدينته التي استولى عليها الجهاديون في أغسطس الفائت.
ويقول دباس وهو مهندس ميكانيكي لوكالة فرانس برس "لقد عدت للتو ولم اتمكن من رؤية منزلي بعد". وكانت مدينة القريتين الواقعة في محافظة حمص تعد رمزا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في سوريا منذ قرون. لكن الوضع تغير منذ سيطرة تنظيم داعش على المدينة واقدامه على خطف قرابة 270 من سكانها المسيحيين، كان دباس واحدا منهم، ونقلهم شرقا على بعد نحو تسعين كيلومترا في عمق الصحراء السورية حيث احتجزوا في قبو تحت الارض.
وبعد 25 يوما على احتجازهم، اطلق التنظيم سراح معظم المخطوفين وبينهم دباس الذي لم يعرف سبب ذلك. عاد الرجل الى القريتين قبل ان يتمكن من الفرار الى قرية تسيطر عليها قوات النظام بالقرب من مدينة حمص.
ويوضح دباس "ليس بمقدورك ان تتصور تصرفاتهم. ليست تصرفات بشرية على الاطلاق" مضيفا بتأثر "من الصعب ان اصدق انني ما زلت على قيد الحياة". وبعد خمسة ايام على استعادة قوات النظام سيطرتها على القريتين اثر اشتباكات عنيفة مع الجهاديين، بدات قلة من السكان بالعودة الى المدينة حيث كان يقيم نحو ثلاثين الف نسمة.
ويعاين العائدون الشوارع التي امتلأت بالركام فيما اثار المعارك واضحة على واجهات الابنية التي تدمر بعضها والمنازل التي نهبت محتوياتها وتضررت جدرانها. وتكاد المدينة تبدو اشبه بمدينة اشباح خالية من اهلها وتحتاج الكثير لاعادة بنائها.
ومقابل مستديرة رئيسية في المدينة، يسمح فيصل عبد الرحيم لمجموعة من الصحافيين بالدخول الى منزله فور عودته اليه. ويشرح كيف ان الكثير من مقتنياته قد سرقت فيما تدمر سقف غرفة الجلوس وتعم الفوضى في المطبخ.
ويقول بحسرة "انا حزين جدا لرؤية منزلي بهذه الحالة. انه امر مؤلم للغاية" قبل ان يضيف "نأمل ان يعيد الجيشان الروسي والسوري الامان الى هذه المدينة حتى نتمكن من اعادة بنائها مجددا".
وتمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على القريتين يوم السبت الماضي في اطار هجوم واسع بدأه بدعم جوي روسي وتمكن خلاله من استعادة السيطرة على مدينة تدمر الاثرية الواقعة على بعد اكثر من مئة كيلومتر شمال شرق القريتين، في تقدم يعد الابرز للنظام منذ بدء موسكو حملة جوية في سوريا في 30 سبتمبر.