"كورونا" ليست الأولى.. تعرف على تاريخ الأوبئة في السلطنة.. "الكوليرا" أشهرها

بلادنا الأربعاء ١٣/مايو/٢٠٢٠ ٢٠:٢٢ م
"كورونا" ليست الأولى.. تعرف على تاريخ الأوبئة في السلطنة.. "الكوليرا" أشهرها

مسقط – الشبيبة

في الوقت الذي يعيش فيه معظم سكان دول العالم في عزل صحي وحظر تجوال وترقب ، بسبب تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد 19)، وتأثر السلطنة به مثلها كبقية الدول وارتفاع عدد الإصابات فيها إلى 4019 حالة ، منها 17 وفيات حتى اليوم الأربعاء 13 مايو 2020م، يتسأل البعض هل يعد هذا الوباء هو الأول من نوعه الذي يضرب بلادنا الغالية؟.

للإجابة على هذا السؤال، رصدت "الشبيبة" عبر عدة مراجع تاريخية متنوعة حول تاريخ الأوبئة في السلطنة، حيث ذكر كتاب "حكايات في تاريخ عمان"، للمؤرخ العماني نصر بن ناصر بن خلفان البوسعيدي، الصادر في عام 2019، أن مرض "الكوليرا" في السلطنة كان من أكثر المآسي المرضية هلاكا.

وكانت بداية انتشار "الكوليرا" في المدن العمانية لأول مرة في العشرينات من القرن الـ 19 الميلادي، والذي انتقل للبلاد بداية من موانئ مسقط عن طريق السفن التجارية وبحارتها القادمين من الهند التي أصيبت بالكوليرا في عام 1817م وفقدت من خلاله أكثر من 25 مليون شخص.

والكوليرا مرض خطير ينشأ عن بكتيريا من النوع الواوي تعيش في الماء الملوث بالبراز البشري الذي بإمكانه أن تتلوث به الخضروات والفواكه وغيرها من الأطعمة التي تحتوي على كميات من الماء الملوث أو أي طعام يحط عليه الذباب وهو ملامس لبراز آدمي مصاب بالمرض، كما بإمكان أن تعيش هذه البكتيريا المسببة للكوليرا في خزانات المياه التي تحمل في السفن وقوافل السفر البرية لعدة أيام.

ووفقا لكتاب"حكايات في تاريخ عمان"، الذي استند على تقرير بعنوان " الكوليرا تجتاح بعض مناطق الخليج عامي 1821 و1865م"، المنشور بصحيفة دار الخليج، بتاريخ الأربعاء 5 يوليو 2017م، فأن عُمان وتحديدا مسقط كانت قبلة أكثر السفن التجارية القادمة من القارة الهندية والأفريقية مع كل ما يحملونه من بضائع.

وكانت بداية الاجتياح الأول للكوليرا في عمان، نتيجة هذه الأسباب، وقد كتبت التقارير البريطانية آنداك ودونت ما حدث نتيجة انتشار هذا المرض كالذي دونه الكولونيل جايكار من القنصلية البريطانية في مسقط بتاريخ 1 أبريل عام 1900م.

وأوضح الكتاب أن الاجتياح الثاني لوباء الكوليرا في السلطنة كان في عام 1865م وأحدث فوضى واضطرابا كبيرا في منطقة الخليج العربي، ولكن هذه المرة كانت العدوى قادمة إلى مسقط من السفن القادمة من زنجبار وكانت البداية من خلال إحدى هذه السفن القادمة من لامو بزنجبار وتحمل على ظهرها 85 فردا بينهم مصابون بقي منهم فقط 35 فردا وصلوا إلى مسقط حاملين معهم الكوليرا بالإضافة إلى بحارة السفن القادمين كذلك من الهند إلى مسقط.

وانتشر الوباء بسرعة كبيرة ومخيفة في عمان حيث بلغ عدد الوفيات بحلول عام 1865م 600 شخص في مسقط لوحدها فقط و1700 حالة وفاة في مدينة صور.

وانتشر بعدها لعدة مناطق في السلطنة، وفتك بعدد كبير من الناس، وقد حذرت السلطات البريطانية الحكومة العمانية ودعتها إلى اتخاذ الإجراءات المشددة لتلافي انتشار الوباء بإقامة الحجر الصحي للمصابين قدر الإمكان لمواجهة مشكلة انعدام المستشفيات أنذاك، وإيقاف لبرهة من الزمن استقبال السفن القادمة خاصة من الهند التي كانت تعاني كثيرا من وباء الكوليرا.

ويكشف كتاب ""حكايات في تاريخ عمان"، أن السلطنة تعرضت لاجتياح ثالث لوباء الكوليرا، في عام 1899م وكانت إصاباته يوميا تتجاوز الـ300 حالة ولكن كل صفات المرض تشير إلى انه الكوليرا مثلما أكده التقرير الذي أرسله مندوب القنصل ما كيردي بمسقط في 11 أكتوبر من عام 1899م نتيجة قدوم بعض السفن من جوادر التي انتشر فيها الوباء وتمكنهم من الهروب من إجراءات الحجر الطبي مما تسبب بانتشار المرض بين الناس ليقضي هذا المرض على حياة 135 مريضا في مطرح فقط.
وأوضح الكتاب أن السلطنة تعرضت لاجتياح رابع لوباء الكوليرا في عام 1904م، حيث أشار إليه بعض التقارير الأجنبية الصادرة من مكاتب القنصليات الأوروبية في مسقط لحكوماتهم وذكروا فيها موضوع انتشار الكوليرا في المناطق الداخلية مما تسبب في نزوح عدد كبير من الأهالي باتجاه مسقط.

وقد اتخذ السلطان فيصل بن تركي الصرامة في تطبيق الحجر الصحي للقادمين من الداخل، مما أسهم بشكل كبير في التقليل من حدة انتشار المرض في مسقط.

كما تعرضت السلطنة لاجتياح خامس لوباء الكوليرا في عام 1910م، حسبما أشارت تقارير القنصليات الأجنبية في مسقط وذكر التقرير تفاصيل انتشار الكوليرا في العاصمة وجهود السلطان فيصل بن تركي بمسألة الحجر الصحي لتفادي انتشار الوباء في البلاد.