وداعاً للمعاناة

مزاج الأحد ١٠/مايو/٢٠٢٠ ١٩:٥٠ م
وداعاً للمعاناة

كانت هذه هي المعضلة التي واجهها شقيق باسم البلادي، الذي رفض الذهاب لعيادة نفسية على الرغم من احتياجه للعلاج من الاكتئاب. ولهذا السبب، أجرى معه صديق للعائلة - يعمل بمجال الطب النفسي - جلسات علاجية عبر الهاتف استغرقت ستة أشهر حتى بدأ شقيق باسم بتقبل أن يجلس مع متخصص وجهاً لوجه.

وقد حفزت هذه التجربة - بالإضافة إلى شبه انعدام خدمات الرعاية النفسية عن بُعد في المملكة العربية السعودية - باسم البلادي إلى إنشاء تطبيق إلكتروني أسماه "لبيه" يُتيح لمستخدميه حجز جلسات علاجية سرية تُجرى عن بعد.

يقول باسم البلادي - مؤسس "لبيه" ومقرها في المدينة المنورة، لقد حالفني الحظ أن كان صديقي طبيباً نفسياً، ولكن هذه التجربة جعلتني أتساءل: كم عدد من يمرون بهذه المعاناة التي مر بها أخي سواء من مواطني المملكة أو بالمنطقة العربية بشكل أعم وأشمل، ويخجلون مثل أخي من الذهاب إلى عيادة صحة نفسية، ولما لا توجد وسيلة بديلة تتيح لهؤلاء التواصل مع مستشار نفسي متخصص. ولذلك قررت أن أبتكر حلاً يُيسر على الناس التواصل مع المعالجين النفسيين، ويتفادى المخاوف المجتمعية المترتبة على هذا النوع من العلاج، وذلك بهدف المساعدة في توفير العلاج النفسي على نطاق أوسع، بغض النظر عن مكان إقامتك."

وقد سجل ما يقرب من 25000 شخص كمستخدم لتطبيق "لبيه" ممن يحتاجون للمساعدة النفسية وحوالي 50 مُعالجاً معتمداً، وذلك منذ انطلاقة التطبيق في 2018. وقد قدم التطبيق حوالي 12000 جلسة علاجية حتى يومنا هذا، وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة النساء اللاتي يستخدمن التطبيق قد بلغت حوالي 65% بينما قاربت نسبة الرجال 35%، وأن أكثر أساليب العلاج شيوعاً هو العلاج السلوكي المعرفي.
ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن واحداً بين كل أربعة أشخاص في العالم يعاني من الاضطرابات النفسية أو العصبية في إحدى مراحل حياته، لذلك فخدمة كهذه تصبح مطلوبةً بشدة. وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة عدد الأطباء النفسيين في المملكة العربية السعودية تبلغ 2.03 أخصائي لكل 100 ألف مواطن. وبينما ترتفع هذه النسبة عن معظم الدول العربية، إلا أنها أقل بكثير من مثيلاتها في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويؤكد باسم: "لدينا نقص كبير."

جميع المستشارين المُسجلين حالياً مع "لبيه" من المقيمين في السعودية ولكن زبائن الشركة منتشرون في تسع دول. كما أن هناك بعض المواطنين السعوديين المقيمين بالخارج.
ويشرح لنا باسم قائلاً: "نحن نؤمن بأن هذا النوع من العلاج يجب أن يُقدم بواسطة من هم على وعي دقيق ودراية عميقة بثقافتنا."

يُتيح التطبيق إمكانية إطلاع المستخدمين على الملفات الشخصية للمعالجين، والتي تتضمن تفاصيل عن تخصصاتهم وخبراتهم ومعدلات أجورهم والتقييمات المنشورة لمن تعاملوا معهم من قبل. وتتراوح الأسعار من 100 إلى 200 ريال سعودي (26 إلى 53 دولاراً) في الساعة، وذلك بالنسبة للحجوزات التي يتم تسجيلها بواسطة التطبيق أو الموقع. كل ما هو مطلوب منك للتسجيل هو بريد إلكتروني واسم مستخدم.

ويؤكد باسم أن "إخفاء الهوية أمر بالغ الأهمية لمستخدمي التطبيق."
بإمكان المستخدمين أن يتواصلوا عبر الفيديو أو الصوت أو الرسائل أو الملاحظات الصوتية مع من يختاروه من المعالجين. وغالباً ما يستخدمون مزيجاً من هذه الوسائل، وتعد وسائل التواصل بالصوت والكتابة هي أكثر وسائل التواصل شيوعاً بين مستخدمي التطبيق.

وفي إطار السعي الحثيث لتوفير الدعم والعلاج النفسي على أوسع نطاق ممكن، أطلق "لبيه" سلسلة من الندوات الإلكترونية عن الصحة النفسية وجلسات علاج جماعية عبر الإنترنت في الربع الأخير من 2019، فقد قدم ما يقرب من 30 جلسة لجمهور يبلغ عدده 5000 شخص من 13 دولة. كما يجري الآن إعداد دليل لحالات واضطرابات الصحة النفسية باللغة العربية ويوشك أن يُتاح للمستخدمين مجاناً.
وقد تم تنزيل التطبيق أكثر من 30000 مرة على أنظمة تشغيل أندرويد وآي أو إس. وسوف تُضيف الشركة هذا العام معالجين جدد من البحرين والكويت وعُمان والإمارات العربية المتحدة قبل التوسع في باقي دول المنطقة في 2021. وقد صرح باسم بأن شركة "لبيه" ذات التمويل الذاتي ستجري جولات تمويلية في 2020، ولكنه لم يذكر مزيداً من التفاصيل.

ولكنه أردف: "إن "لبيه" هي فكرة تُطوِّع التكنولوجيا لدعم المرضى "الصامتين" - لتمكنهم من التحدث والحصول على الدعم والمساعدة التي هم في أشد الحاجة إليها. نحن ندعم الجميع سواء من الشباب أو كبار السن. رسالتنا هي أن المعاناة ليست نهاية العالم، لا بأس من طلب المساعدة، نحن هنا للاستماع والدعم والمساعدة."