هل يدعم المجتمع رواد الاعمال

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٠/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:٣٦ ص
هل يدعم المجتمع رواد الاعمال

علي بن راشد المطاعني

تبذل الحكومة جهودا كبيرة في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال العديد من الجهات العامة والخاصة، خاصة الفئات الجادة ومن رواد الأعمال في البلاد وتمكينهم من إدارة أعمالهم الحرة،
ويمثل هذا الدعم أهمية كبيرة لهذه الشركات التي سوف تكبر غدا، لكن نحن كمجتمع هل ندعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنفس القدر الذي تقدمه الدولة أو أقل من ذلك من خلال شراء منتجاتها والاستعانة بخدماتها أو نبادر إلى الشراء من العمالة الوافدة المنافسة لها؟ سؤال يدور دائما في ذهني وأنا أشاهد الكثير من التناقضات في مجتمعنا الذي يلقي اللوم بأنه ليس هناك دعم وغيره من التحديات، لكن في الوقت ذاته فإن الفرد والمجتمع لا يدعمان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنفس القدر الذي تدعم به الحكومة، هل نساند أبناءنا من خلال شراء احتياجاتنا ومتطلباتنا مع هذه الكوادر الوطنية التي تكدح من أجل بناء نفسها بنفسها بدون أن تطالبنا بوظيفة وتضغط في إيجاد عمل ثابت لها في القطاعين العام أو الخاص.
للأسف هناك الكثير من المغالطات التي يجب أن تصحح في ممارساتنا ودورنا في التعاطي مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، نحن قبل غيرنا، فالكثير من المشروعات الذاتية لا تعاني من قلة الدعم المادي والمعنوي من خلال الجهات الحكومية التي فتحت أبوابها لمنح قروض برسوم زهيدة بقدر ما تعانيه من دعم الفرد والمجتمع لها في شراء منتجاتها التي تضمن لها الاستمرارية والديمومة في العمل، فالدعم الحكومي ليس كافيا وحده ، إذا لم تسانده قوى من المجتمع في تفضيل المنتجات التي تفرزها مؤسسات أبنائنا وبناتنا بل ان هذا الدعم هو من يضمن استمراية هذه المؤسسات للابد و مدى جدواها الاقتصادية لرواد الاعمال .
إن قوة المجتمع في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة أكبر من أي دعم حكومي، فهذا الدعم يدفع نحو التشجيع على ممارسة الأعمال الحرة وتحفيز الكوادر لامتهان المشروعات الذاتية، والشراء ولو كانت البضاعة بزيادة طفيفة عن غيرها من المحلات التي تدار من أيدٍ غير عمانية، خاصة إذا سلمنا أن هذا استحقاق يجب أن نؤديه كأحد الواجبات الوطنية علينا تجاه أبنائنا.
فالإنسان العماني يجب أن يسأل نفسه، ماذا قدم هو لابن وطنه قبل أن ينظر إلى الآخرين سواء أشخاصا أو جهات مختصة في دعم مشروعات الشباب والمبادرات الخاصة، فهل بادر أحدنا إلى الشراء من معارض رواد الأعمال التي تقام بين فترة وأخرى؟، هل أخذ أسرته لاطلاعها على منتجات الشباب لكي يرفدوا هذه النخب الشابة التي آثرت أن تعمل بنفسها.
إن الفرد والمجتمع يجب أن يتحمّلا المسؤولية مثلما ما يحمّلاها الآخرين في بعض الأحيان، فالدعم ليس بمفهومه الضيق الذي يراه البعض وإنما مفهوم الدعم واسع وكبير يتطلب كل واحد منا أن يقدمه لهؤلاء الشباب لكي تمضي مسيرة العمل الحر في البلاد وينهض القائمون عليه، ويتحفّز العاملون في هذا المجال، ويرون أن هناك جدوى من أعمالهم الحرّة التي بالطبع لا تنجح إلا من خلال تفضيلها وشراء منتجاتها. هناك الكثير من صور الدعم التي يمكن أن يقدمها المجتمع العماني لأبنائه الشباب الذين ينخرطون في سلك العمل الخاص، سواء بإسداء النصيحة لهم وتشجيعهم على العمل في هذا المجال من خلال تعزيز معنوياتهم وتسخير اليسير من الوقت والجهد لمساندة في مشاريعهم أو دراسات الجدوى، أو بالإسهام في إنشاء مشاريع لهم، فهذا الدعم المعنوي والمادي من أقرب الناس بالطبع يكون له وقع خاص على نفوس الشباب أن يكونوا أقرب الناس له يشدّ أزرهم نحو العمل الحرّ ويقف بثقله معهم لإنجاح مشروعاتهم، فهل نحن نعمل في هذا الشأن أم نترك الجمل بما حمل للأبناء يصارعون البقاء.
هناك جهود هادفة إلى تمكين الشباب العماني من أفراد في المجتمع من الواعين لمسؤوليتهم ودورهم في دعم ورفد أبنائنا الشباب ولكن السواد الأعظم من المجتمع يتحدث أكثر ولا يعمل إلا قليلا، بل يفضل الشراء مع الوافد ويطلب من الجهات توظيف ابنه ودعم ابن أخيه دون أن يسأل نفسه ماذا قدم هو لهما فهل هذا مناسبا ومفترضا منا كافراد و مجتمع ؟
ان تمكين ابناءنا من العمل في القطاع الخاص او ريادة الاعمال تبداء من انفسنا كافراد في المجتمع من خلال تعزيزهم و تفضيل التسوق منهم حتى و تن كانت اسعارهم اعلى بنسب 10 بالمائة لازم ندرك بان هذه الزيادة سوف تفتح بيتا عمانيا و توظف احد ابناءنا الشباب .
نأمل أن يسأل المجتمع نفسه ماذا قدم لأبنائه قبل أن يلوم الآخرين، وأن يسعى لتغيير هذه الفلسفة ويتجه إلى الشراء والتسوق من العمانيين الكادحين في العمل الحر أولا والعاملين في القطاع الخاص ثانيا، وأن يعتقد بأن نجاحهم مرهون بتشجيعه لهم قبل أن يكون ذلك النجاح بيد الآخرين وأن يسأل نفسه قبل أن يلوم الآخرين وهكذا تمضي مسيرة العمل الوطني وهكذا تبنى الأوطان، فثقافة اللوم للغير قبل انفسنا يجب ان تنتهي ونحاسب انفسنا قبل ان نحاسب الاخرين حتى وان كانت جهات حكومية او مؤسسات خاصة.