برعاية جامعة السلطان .. ملتقى خليجي حول التعلم عن بعد في ظل أزمة "كورونا"

بلادنا الأحد ٠٣/مايو/٢٠٢٠ ١٩:١٣ م
برعاية جامعة السلطان .. ملتقى خليجي حول التعلم عن بعد في ظل أزمة "كورونا"

مسقط - ش
نظمت جامعة السلطان قابوس ممثلة بالمجموعة البحثية " الدافعية والتنشئة الوالدية" ملتقى خليجيا عبر برنامج زووم بعنوان "الدافعية للتعلم عن بعد بدول الخليج في ظل أزمة فيروس كورونا "كوفيد 19" وتعد هذه المجموعة البحثية إحدى المجموعات بقسم علم النفس بكلية التربية بالجامعة.

أدار جلسات الملتقى الدكتور سعيد بن سليمان الظفري- أستاذ مشارك ورئيس المجموعة البحثية بحضور سعادة الدكتور علي بن سعود البيماني رئيس الجامعة وما يقارب من 100 مشاركا من باحثين ومتخصصين وطلبة.

كما تم في الملتقى استضافة خمسة متحدثين رئيسين من الأساتذة المتخصصين في علم النفس بجامعات دول مجلس التعاون الخليجي وهم: الدكتور إبراهيم بن سلطان الحارثي – مدير مكتب ضمان الجودة وأستاذ مساعد بقسم علم النفس في جامعة السلطان قابوس، والدكتور صبحي بن سعيد الحارثي أستاذ مشارك بجامعة أم القرى، والأستاذ الدكتور بدر العمر أستاذ بجامعة الكويت، والدكتور عبدالناصر فخرو- أستاذ مساعد بجامعة قطر، والدكتورة فدوى المغيربي –أستاذ مساعد بجامعة الإمارات. كما تم استضافة أربعة طلبة من جامعات مختلفة بالسلطنة.

بدأ الملتقى بالترحيب بالمشاركين وتوضيح أهداف الملتقى، إذ يسلط الضوء على الدافعية للتعلم والتي تمثل الطاقة المحركة للسلوك الإنساني، وارتكز الملتقى على مناقشة موضوع الدافعية للتعلم عن بعد من خلال ثلاثة محاور رئيسية وهي: نظرة تقييمية لواقع البحث العلمي بمجالات علم النفس في ظل أزمة فيروس كورونا كوفيد 19، ودافعية المتعلمين عن بعد، واستراتيجيات دعم دافعية المتعلمين في التعلم عن بعد. ثم قدم الطلبة الأربعة خلاصة تجاربهم الشخصية في التعلم عن بعد بجامعاتهم ودافعيتهم للتعلم في ظل هذه الجائحة، فقد قال الطالب سلطان المعمري من جامعة ظفار: "دافعية التعلم تختلف من طالب لطالب اعتمادا على خبراته السابقة، ومعرفته بالمجال التكنولوجي، ففي البداية واجهنا العديد من الصعوبات، وكانت دافعية التعلم متدنية، ولكن بعد ذلك استطعت تجاوز تلك العقبات شيئا فشيئا، وأصبحت دافعيتي كبيرة ولله الحمد، مما يحفزني على مواصلة الدراسات العليا مستقبلا". أما الطالبة شيماء الصوافية من جامعة السلطان قابوس- قسم العلوم الإسلامية بكلية التربية، فقالت: "عندما وصلنا قرار التعلم عن بعد شعرنا بالحماس، ولكن عندما بدأت الدروس تتراكم علينا بدأت الدافعية تقل خاصة أنني أحب المناقشة والحوار والاستماع لآراء زملائي الطلبة، وهذا ما أفتقده كثيرا في المحاضرات المسجلة. فضلا، عن أن الحجر المنزلي دفعني لممارسة هوياتي المفضلة ومنها القراءة، وهذا صرفني قليلا بعيدا عن الدراسة"، وقالت الطالبة الزهراء الحسينية من جامعة الشرقية: "في ظل وجود هذه الجائحة ومتطلبات هذه المرحلة من فرض التباعد الاجتماعي فإن دافعيتي للتعلم تتحكم بها أمور متعددة فأصبح لابد لي من التعلم عن بعد من المنزل، وهذا يعد تحديا لكونه تجربة جديدة فقدنا خلالها المعطيات السابقة والروتين اليومي كالتفاعل المباشر مع المحاضر، وارتياد مرافق الجامعة المختلفة، ولكن بعد أن تقدمنا في التعلم عن بعد أصبحت أشعر بالإنجاز"، وأضافت الطالبة ولاء المقبالية من جامعة صحار: " تجربة التعلم عن بعد تجربة جديدة على الجميع، لذا تم إعطاؤنا أسبوعا تعريفيا للتعرف على الخطط الجديدة للمقررات الدراسية. بالنسبة لي فإن دافعيتي قد زادت، إذ أن التعلم عن بعد أعطاني المرونة لدخول المحاضرات في الموعد الذي يناسبني. كما أن الأساتذة موجودين على منصات التعلم عن بعد على مدار اليوم. ولكن بالطبع هنا بعض التحديات التي تواجهني ومنها ضعف شبكة الإنترنت، لذا أنصح زملائي بالصبر ودعم بعضنا البعض لتجاوز هذه المرحلة".

وتوضيحا للمحور الأول للملتقى قال الأستاذ الدكتور بدر العمر من جامعة الكويت: " أزمة كورونا كانت صدمة للجميع سواء أساتذة أو طلبة أو مواطنين ولم نكن مستعدين لمواجهة هذا الموقف بدراساتنا، ولكن الواقع فرض علينا دراسة تأثيرات الأزمة، فأصبحنا بحاجة لنوع معين من الدراسات وخاصة لما بعد الصدمة. وتحديدا إجراء دراسات عالمية تدرس الواقع في المجتمع ويشترك بها متخصصون من مختلف فروع علم النفس، وتكون قائمة على بيانات رصينة تساعد صناع القرار في اتخاذ القرارات السليمة"، وقال الدكتور صبحي الحارثي من جامعة أم القرى: "الجائحة أتت بشكل مفاجئ وفي وقت قصير، ولكن هذا لا يمنعنا من قرع جرس القضايا المهنية والتربوية والمجتمعية، ومنها: كيف تحمي صحتك النفسية في ظل أزمة كورونا 19؟ وطرق تقديم الدعم النفسي للفئات المتضررة من هذا الفيروس، وفن واستراتيجيات إدارة الأزمات على مستوى الأفراد والمؤسسات والحكومات، ودور علم النفس في تقديم الاستشارات النفسية كتخصيص خط ساخن لذلك، ومواجهة الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي". أما الدكتورة فدوى المغيربي من جامعة الإمارات فقالت: "من المدهش أن الكتابات عن كوفيد19 بدأت منذ يناير 2020 على شكل مقالات علمية وأبحاث بيولوجية ولكن حتى في علم النفس هناك عدد لابأس به، ومن المهم أن نتطرق كمختصين في علم النفس لبعض الموضوعات النفسية المهمة مثل التأثير السلبي لهذا المرض على العاملين في المجال الطبي، وكذلك الحالة النفسية لكبار السن، وكيفية تقديم الدعم النفسي للمصابين". أما الدكتور عبدالناصر فخرو من جامعة قطر، فقال: " الأبحاث القائمة حاليا أغلبها أبحاث محلية قليل منها إقليمية، ولكن لا توجد إلى الآن أبحاث على مستوى عالمي. وفي مجال علم النفس نحن بحاجة لدراسات تقييمية للتوازن النفسي للأفراد، وقياس القلق وتأثير الإعلام فيه، ودراسات لما بعد الصدمة، وأرى أن هناك تعطش كبير لقياس إيجابيات كورونا في الوضع الراهن وما بعده، وقياس تكيف الأفراد في المحجر أو المستشفيات، وتفسير السلوك الجديد لما بعد الأزمة: العلاقات الأسرية، التعامل مع التكنولوجيا، والتعامل مع الشائعات، وإدارة الأزمات للجميع". وقال الدكتور إبراهيم الحارثي من جامعة السلطان قابوس: " عدد البحوث في الدافعية وعلم النفس والتكيف النفسي عددها كبير، وكذلك النظريات والنماذج كثيرة، ولكن ما نفتقده هو دراسات تدرس الأزمة من منظور مشترك يجمع فروع علم النفس بما فيها علم النفس الصناعي والتجاري، ونحن بحاجة للدراسات الطولية والتجريبية، إذ أن الدراسات الوصفية هناك صعوبة في الاعتماد على نتائجها، ونجد أن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال ركزت على التحصيل الدراسي، ولكننا بحاجة لدراسات عن النموذج السلوكي كدراسة سلوك الإنسان في مواقف معينة مثلا: تأجيل الدراسة، أو حذف مقررات دراسية، أو سلوك المخاطرة والتخلي عن التحكم"

وفي المحور الثاني (دافعية المتعلمين عن بعد): قال الأستاذ الدكتور بدر العمر: " التعلم عن بعد ليس ابتداعا وليس نظاما تربويا لمواجهة الأزمات بل هو جزء لا يتجزأ من منظومة التعليم في الدول المتقدمة. ولعل هذه الأزمة زادت من توجه دولنا الخليجية لاستثمار طرق التعليم المفتوح والفضاء الافتراضي التربوي لمواجهة أزمة التعليم التي نتجت عن كورونا، ولنجاح التعلم عن بعد مطلوب التكامل والتعاون بين أضلاع المثلث المعلم والمتعلم وولي الأمر". وقال الدكتور صبحى الحارثي: " تجربة التعلم الإلكتروني تجربة عانى منها من كانت لديه معرفة وتكيف بسيط مع التكنولوجيا. ولكن أجزم بأن الغالبية من طلابنا قد استطاع تخطي هذه العقبة والدليل على ذلك التفاعل الكبير للطلبة عبر المنصات التعليمية وإرسال أبحاثهم وواجباتهم وتقديم الاختبارات الالكترونية مما أكسبهم خبرات تقنية وتعليمية جديدة. نحن فقط بحاجة لتأطير التعليم عن بعد حتى لا تكون هناك عوائق مستقبلا". وقال الدكتور إبراهيم الحارثي: " يجب تعديل طريقة تفكير الطالب ليستطيع التعامل مع التعلم عن بعد من خلال محاكاة التفكير إذ تغيرت بيئة التعلم عن بعد عن بيئة التعلم التقليدي المباشر التي تعود عليها الطالب، ويتم ذلك من خلال ثلاث مراحل: أولا فهم مصادر الدافعية في التعلم عن بعد وهي: تحليل المهمة، والكفاءة الذاتية، والأهداف، التوقعات، والقيم، الاهتمامات. ثانيا الأداء، إذ يجب على الطالب مراقبة أدائه، وتعلم التحكم الذاتي وطلب المساعدة عند الحاجة، وفي المرحلة الأخيرة الاحكام التي يصدرها الطالب عن نفسه في التعلم عن بعد وهنا يظهر نوعان من العزو للنتائج، إما العزو الذاتي أو الخارجي ويميل الأفراد إلى العزو الذي يريحه ذاتيا"، وعليه يجب تصميم بيئة التعلم الافتراضي بحيث تحاكي التعلم المباشر بمعنى أن تصمم لكي تدفع الطالب للعمل وتدفعه لوضع أهداف ووضع قيم وتوقعات وبشكل كلي تخلق الدافعية للتعلم".

وفي المحور الثالث (استراتيجيات دعم دافعية المتعلمين في التعلم عن بعد): قال الدكتور عبد الناصر فخرو: يمكن زيادة دافعية التعلم عن بعد من خلال تقديم التغذية الراجعة للطلبة، وتوفير كل الامكانيات لوصولهم السريع للمواد التعليمية والمكتبات. كذلك من المهم أن يكون أسلوب المحاضر مشوقا ويعطي أمثلة واقعية. أيضا يجب احترام المتعلم كشخص واحترام خصوصيته، وتشجيعه على الإنجاز من خلال ملف الانجاز "البورتفوليو"، ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين خاصة الطلبة ذوي الاعاقات والحالات الاستثنائية من المهم عدم إشعارهم بالعزلة. كذلك المجموعات التعاونية والمناقشات التفاعلية تزيد من الدافعية لدى المتعلم. وأسلوب التأمل الذاتي من الأساليب الممتازة لزيادة الدافعية إذ يشجع على التعلم وحب المعرفة. ويمكن جعل التعلم على شكل ألعاب إلكترونية" وأضافت الدكتورة فدوى المغيربي فقالت: "رغم أننا نعمل من المنزل إلا أنه من المهم جدا الفصل بين المنزل والعمل فلابد أن يكون لدينا روتين يومي لتجنب الفوضى، والتركيز على العمل في وقته، ويساعد على ذلك فرق الدعم والتطبيقات الإلكترونية التفاعلية مثل البلاك بورد وويبكس وزووم وغيرها من البرامج. ومن الاستراتيجيات الناجحة لزيادة دافعية المتعلمين هي المرونة ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، وتقسيم المادة العلمية لأجزاء بسيطة يسهل دراستها، والتركيز على المعلومات المهمة، ومراعاة الظروف النفسية للطلبة. كما يجب تقدير جهود الأمهات العاملات وتعدد أدوراهن والتي زاد عليها تعليم أبنائهن في المنازل. كذلك طرق التقييم في التعلم عن بعد يجب أن تتلاءم مع هذا النوع من التعليم فمن الخطأ الاعتماد على الاختبارات فقط كوسيلة للتقييم بل يجب الاعتماد على أكثر من وسيلة للتقييم مثلا كتابة التقرير، والأنشطة المصاحبة التي تتناسب مع كل مقرر".

وفي ختام الملتقى تم فتح باب النقاش للجمهور الحاضرين وأجاب الأساتذة ضيوف الملتقى عن استفساراتهم وختم الدكتور سعيد الظفري رئيس المجموعة البحثية المنظمة للملتقى اختتم الملتقى بأخذ توصيات المشاركين في الملتقى من أجل تعزيز دافعية المتعلم بدول الخليج العربي، والتي كان من أهمها أنه لابد للطلبة والأساتذة إتقان استخدام منصات التعليم عن بعد، واستمرار هذا النوع من التعلم بعد الأزمة جنبا إلى جنب مع التعليم المباشر. وانتهى الملتقى الخليجي بتوجيه كلمة شكر لضيوف الملتقى الذين ثمنوا هذه المبادرة المتميزة من جامعة السلطان قابوس في تناول موضوع مهم من الموضوعات المستجدة في الساحة التربوية، وتسليط الضوء على دافعية المتعلم للتعلم عن بعد في ظل اتجاه جميع دول العالم لاستثمار التكنولوجيا حتى يستمر التعليم ولو عن بعد، وهي الشعار الذي أكد عليه سعادة رئيس جامعة السلطان قابوس والذي جاء ضمن اهتمام الجامعة بضرورة استمرار الفصل الدراسي حتى يحقق أهدافه التي وضعت لتحقيقها ضمن الخطط الأكاديمية لمختلف أقسام وكليات الجامعة.