مسقط - الشبيبة
ترعى "الشبيبة" الأمسيات الرمضانية لغرفة تجارة وصناعة عُمان والتي تأتي هذا العام بعنوان "الوضع الاقتصادي أثناء وبعد أزمة كوفيد ١٩"
وقد نظمت غرفة تجارة وصناعة عمان مساء الأربعاء 29/4/2020 أولى أمسياتها الرمضانية، حيث تم بثها عبر منصات الغرفة في وسائل التواصل الاجتماعي، وهدفت الأمسية إلى مناقشة آثار فيروس كورونا وأسعار النفط على مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي، والنشاط الاقتصادي لدى مؤسسات القطاع الخاص العمانية والتغيرات الاقتصادية ما بعد كورونا، بالإضافة إلى مناقشة الحلول والإجراءات اللازم اتخاذها للتخفيف عن الآثار الاقتصادية المتوقعة.
شارك بالأمسية عدد من المتحدثين البارزين في المجال الاقتصادي بالسلطنة وهم نصر بن عامر الحوسني رئيس مجلس إدارة مجموعة هيماء للطاقة، والدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية، بالإضافة إلى الدكتور محمد بن حميد الوردي أكاديمي ومحلل اقتصادي، وخالد بن سيف البوسعيدي من وحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية، وأدار الحوار الإعلامي خالد بن عبدالله السلامي.
وفي بداية الأمسية قدم محمد العبري مدير دائرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالغرفة ورقة عمل حول الآثار الاقتصادية المترتبة من انتشار فيروس كوفيد – 19، مشيرا خلالها إلى مجموعة من الآثار وهي انخفاض الانفاق العام، فمن المتوقع أن يكون هناك خفض كبير في الانفاق العام خاصة في المشاريع والبنى الأساسية وهو ما يعد المحرك الرئيسي للاقتصاد في هذه الدول مما سيؤثر على الحركة الاقتصادية والنمو، ومن الآثار الأخرى التخوف من الاستثمار وتغير سلوك المستهلك والانخفاض في الطلب العالمي.
كماشات اقتصادية.
وعن السلطنة أوضح د.محمد الوردي بأنها قد اتخذت التدابير الاحترازية من بداية الجائحة، وكان قطاعي السياحة والطيران أول القطاعات المتأثرة في السلطنة، فقد أشارت التحليلات إلى أن قطاع السياحة قد تأثر بشدة كون أن الجائحة قد حدثت في ذروة الموسم السياحي في السلطنة، أما قطاع الطيران فقد أشارت بعض التحليلات أن الانخفاض في الإيرادات سيصل إلى ما يقارب 700 مليون دولار، أما الانخفاض في القيمة المضافة التي يضيفها قطاع الطيران بطريقة مباشرة وغير مباشرة تصل إلى 1.7 مليار دولار، موضحا أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطنة كمنع مزاولة العديد من الأنشطة التجارية كان لها تأثير كبير على كافة الأنشطة التجارية.
وحول تأثير كورونا على أسعار النفط أشار الوردي إلى أن النفط قد تعرض لانهيار عالمي وصل لما يقارب 60%، ففي بداية العام كانت أسعار النفط في مستوى الستينات ثم هبطت إلى الأربعينات بسبب الجائحة، وقد وصل سعر الخام العماني إلى 20 دولار، من جهة أخرى فإن ثلاثة أرباع الموازنة بالسلطنة تعتمد على النفط، ويعد سعر البرميل في الوازنة ما يقارب 58 دولار أما الآن فقد أصبح ما يقارب 20 دولار، مما يؤدي إلى هبوط حاد في إيرادات النفط مسببا عجز حاد في موازنة الدولة، وبالتالي فإن تأثير كماشة انهيار النفط أكثر من تأثير كماشة جائحة كورونا، مشيرا إلى أن فشل الاتفاق بين دول الأوبك والدول المستقلة أدى إلى بداية حرب سعرية بين السعودية وروسيا، مما تسبب في انهيار تاريخي في أسعار النفط، فقد هبطت ما يقارب 30%، وبعد اجتماع دول الأوبك والدول المستقلة تم التوصل إلى اتفاق تاريخي لخفض 10 إلى 20 مليون برميل، وتكفلت دول الأوبك بما يقارب 10 مليون برميل، وقد لاقى هذا الاتفاق تعاطف الدول المنتجة والمستهلكة، كذلك تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة، وبلا شك مع إبرام هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في مايو القادم من المؤمل أن تنتعش الأسعار.
أوضاع اقتصادية
أوضح الدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية أن انخفاض أسعار النفط يعد تاريخيا، حيث شهدت انهيارا غير مسبوق ما أثر على اقتصاديات العديد من الدول ومنها السلطنة، بالإضافة إلى تفاقم أزمة جائحة كورونا، وتوقع الصقري أن العجز المالي سيصل لأربعة ونص مليار وسيكون هناك زيادة في تراكم الدين العام الذي يشكل قلقا، حيث سيصل إلى نسبة عالية تقدر بـ 15% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
وعن الاقتراض أشار رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية أن الاقتراض الخارجي مكلف للسلطنة في حال رغبتها في تمويل النفقات الأساسية وسد العجز المالي الكبير في الموازنة المالية والتي نشأت عن الأزمتين التي سيطأ تأثيرها أيضا على سوق العمل في السلطنة، وانخفاض وتيرة التوظيف في القطاع العام والخاص، ولكن هناك ثمة أوضاع إيجابية في حال تقليص عدد العمالة الوافدة التي تعمل في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، حيث ستشهد القطاعات الاقتصادية نموا وستحظى بمزيد من الدعم فضلا عن نمو قطاعات التقنيات والابتكارات العلمية.
تأثيرات أزمتي النفط وكورونا
وقال الشيخ نصر بن عامر الحوسني رئيس مجلس إدارة مجموعة هيماء للطاقة هناك تأثيرات آنية وطويلة الأجل لأزمة انخفاض أسعار النفط وأزمة كورونا، من جهة أخرى هناك شركات عالمية كبرى أعلنت إفلاسها، وتجاوزت مديونياتها بليونات الدولارات، متحدثا عن القطاع الخاص العماني وما يعانيه من بطء في النمو الاقتصادي، حيث تعاني أغلب شركات ومؤسسات القطاع الخاص من تأخير من الحصول على استحقاقاتها من قبل الحكومة، وتشهد في ظل هذه الظروف والأوضاع الاستثنائية ضعف في المبيعات، وارتفاع تكلفة الدين العام، وقلة الاستثمارات الأجنبية، كما أن هناك قطاعات تضررت كثيرا جراء هذه الجائحة كقطاع السياحة والسفر والتعليم والمؤتمرات والمعارض، حيث يدير هذه القطاعات العديد من أصحاب الأعمال العمانيين وتأثرت أنشتطهم وأعمالهم، وتعاني مؤسساتهم من خلل مالي وضعف العمل والإنتاج، وعدم القدرة على سداد .
الالتزامات في مواعيد استحقاقها.
وأشار الحوسني الى وضع سوق مسقط للأوراق المالية، حيث قال بأنه شهد انخفاضا وسيستمر في الانخفاض في الربع الثالث من السنة، وبالتالي يجب مراجعة المخصصات المالية، وإيجاد حلول لتوفير مزيد من السيولة النقدية حتى تتمكن الشركات من الإيفاء بالتزاماتها البنكية وبرواتب موظفيها، وتحدث الحوسني عن الآليات التي اتبعتها بعض دول العالم لمساعدة القطاع الخاص من الخروج من هذه الأزمة كدفع رواتب العمال المهرة، موضحا بأن الفرصة الآن سانحة لإعادة هيكلة الشركات العائلية في السلطنة والاستفادة القصوى من قطاع تقنية المعلومات، حيث كانت تصرف الكثير من الموازنات لعقد الاجتماعات العامة والقيام بعمليات التدريب والإشراف والتأهيل وغيرها من احتياجات المنظمات، فالفرص الآن متوفرة لمن أراد إعادة هيكلة شركاته خاصة الصغيرة والمتوسطة وتقليص العمالة الوافدة، مشيرا إلى المنشور الأخير الصادر من وزارة المالية الموجه إلى كافة الشركات الحكومية بشأن سياسة التعمين والإحلال بالكفاءات الوطنية، مشيدا بالإجراءات والسياسات التي تتبعها وزارة المالية التي من ضمنها إيلاء الكوادر الوطنية اهتماما أكبر، والعمل على إيجاد فرص عمل لها، لاسيما في الشركات الحكومية، حيث تتميز ببيئة عمل جاذبة، وهنالك قدرات وكفاءات عمانية مؤهلة لشغل تلك المناصب القيادية والإشرافية، ومتى ما أتيحت لها فرصة العمل فإنها بلا شك ستعمل على رفع مستوى النمو الاقتصادي في مجالات العمل الوطني، وستبذل قصارى جهدها لأجل التطوير وبناء إمكاناتها ومهاراتها.
وقدم الحوسني وجهة نظره حول عمل وأداء الشركات الحكومية في السلطنة قائلا: "يجب على الشركات الحكومية أن تعمل وكأنها شركات خاصة، ويجب عليها خفض التكاليف والمصروفات التي تنفقها، كما يجب أن تحظى موازناتها المالية بالشفافية، وأن تكون لديها خطة عمل للخروج من النطاق الحكومي والدعم التي تحظى به بعد أن تنهي أهدافها التي أنشأت من أجلها والتي تتمثل في الاستثمار في قطاعات لا يتمكن القطاع الخاص من الولوج إليها، مشيرا إلى استثمارات القطاع الخاص في الوقت الحالي والحاجة إلى ضح رؤوس أموال لجذب الاستثمار الأجنبي، وإيجاد فرص وحوافز اقتصادية، وإعادة هيكلة القطاع الاقتصادي عموما بمختلف مجالاته".
آثار انخفاض النفط
وقال خالد بن سيف البوسعيدي من وحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية: "لقد أثر انخفاض أسعار النفط على الإيرادات المالية العامة للدولة (النفطية)، وعلى ميزان المدفوعات، وأثر كذلك على الأنشطة الاقتصادية في السلطنة ومن أجل تحقيق الاستقرار في ظل انخفاض اسعار النفط العالمية اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات من خلال إصدار منشورات مالية وتوجيهات للوحدات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة المختلفة تهدف إلى خفض الانفاق العام (رفع كفاءة الانفاق وزيادة الانضباط المالي)، وزيادة الإيرادات غير النفطية (مراجعة الرسوم والضرائب)، وتطوير النظم المالية، وتعزيز الرقابة وحوكمة الشركات الحكومية (هيكلة الشركات الحكومية واعتماد خطط تطوير القطاعات واعتماد خطط زمنية لتخصيص بعض المشاريع والشركات الحكومية ومراجعة النظم الإدارية والمالية ولوائح الموارد البشرية)، وأوضح البوسعيدي التوجيهات التي صدرت من وزارة المالية وذلك لتحقيق الاستقرار والاستدامة المالية حيث استعرض بعضا منها كتخصيص جزء من المبالغ المرصودة للمسؤولية الاجتماعية لدعم برامج التدريب المقرون بالتشغيل والتنسيق مع المركز الوطني للتشغيل بشأن إعلانات التوظيف، وذلك بما يخدم الجهود المبذولة في توفير فرص العمل، وكذلك وقف إنشاء شركات حكومية لممارسة أي من نشاط الأعمال وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص في توسعة أو إنشاء أي نشاط في الشركات الحكومية، وتعزيز دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإعداد سياسة التعمين والإحلال بالكفاءات الوطنية وفق جدول زمني محدد لمختلف المستويات الوظيفية، ووقف جميع الدورات التدريبية الخارجية، وورش العمل وحضور المؤتمرات والمعارض والاستمرار في ترشيد النفقات الخاصة بالابتعاث في المهام الرسمية بخفض البند المالي للمهمات الرسمية بما لا تقل عن 50% ووقف الترقيات والمكافئات لجميع موظفي الشركات الحكومية بغض النظر عن نتائج الشركات وأدائها.
وتطرق البوسعيدي إلى الأثر المالي الذي أحدثته الإجراءات المالية الهادفة إلى خفض الانفاق بين عام 2015-2019، قائلا تم تحقيق نتائج مالية مباشرة تزيد عن ثلاثة مليار ريال عماني، وتكبدت الموازنة العامة للدولة انفاق إضافي من خلال إجراءات وقف المصروفات الاستهلاكية التي تؤثر على النشاط الأساسي للوحدة الحكومية، وإعادة جدولة بعض المشاريع الإنمائية، وبعض المصروفات الرأس مالية وغيرها، كما كانت هناك زيادات إضافية حتمية في الانفاق العام كالعلاوات الدورية والالتزامات الملحة، بالإضافة إلى ارتفاع المخصصات المالية على بنود الفوائد على القروض ومصروفات الدعم وتقدر بما يزيد على 1.5 مليار ريال عماني.
وأشار البوسعيدي في حديثة إلى أن الأثر المالي للإجراءات المالية المتخذة لخفض الانفاق العام والضبط المالي لعام 2020 حتى 15 أبريل يزيد عن 500 مليون ريال عماني، ويتوقع أن يزيد إثر الإجراءات المالية عن مليار ريال عماني خلال العام مع اتخاذ إجراءات إضافية، وفي ظل جائحة كورونا فإن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الجائحة، حيث شملت إجراءات الوقاية الاجتماعية والاستجابة الطبية ووقف بعض الأنشطة التجارية والخدمية، والاستعداد لعمليات الإغاثة والإيواء وتفعيل نقاط التحكم والسيطرة، وإجراءات الحجر الصحي وإجراءات توفير الأمن الغذائي وإجراءات نقدية ومالية وتجارية حمائية وتحفيزية للمواطن والقطاع الخاص وإجراءات حماية القوى العاملة الوطنية وإجراءات لتعزيز الاتصالات وعمليات الابتكار التقني والصناعي، وإنشاء صناديق الدعم الصحي والاجتماعي والقطاع الخاص لدعم القطاع الصحي، ومساعدة الأسر الأكثر تضررا من وقف الأنشطة التجارية والإجراءات الاحترازية المتخذة ودعم منشآت القطاع الخاص المتضررة وبالأخص الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ودارات النقاشات حول الحوافز والتسهيلات الاقتصادية التي يجب توافرها خلال هذا العام والعام المقبل حتى يتمكن القطاع الخاص من الخروج من هذه الظروف، حيث قال الشيخ نصر بن عامر الحوسني رئيس مجلس إدارة مجموعة هيماء للطاقة علينا ان نستفيد من الموارد البشرية العمانية، حيث ان الحكومة الرشيدة قد صرفت الكثير من الأموال على قطاع التعليم العالي، ونحن نفاخر بالكوادر العمانية التي تعمل في مختلف القطاعات في الدولة، كذلك يجب أن نستفيد من السواحل العمانية التي توفر قطاعات سمكية عالية الجودة، وهي تصدر منتجاتها إلى الأخرى كذلك يجب تقنين الانفاق وترشيده، حيث يذهب مجمله للقطاع الحكومي منذ عشرة أعوام تقريبا، في حين قال خالد بن سيف البوسعيدي من وحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية أن الإجراءات التي اتبعتها اللجنة العليا تعمل على حماية القطاع الخاص والمواطن والاستغناء عن بعض الضرائب وتوفير الاحتياجات الضرورية كالمستلزمات الطبية للقطاع الصحي، فنحن نواجه أزمة تحتاج تخفيض إنفاق أو التنازل عن إيرادات متوقعة، كذلك نحتاج إلى توزيع الادوار بين الحكومة والقطاع الخاص ونقل ملكية بعض المشاريع الحكومية، أو العمل على إدارتها من قبل القطاع الخاص، وقال الدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية: إن الإجراءات المتبعة حاليا ستسهل آثار الجائحة ومشكلة انخفاض أسعار النفط، حيث إن تيسير السيولة المالية وتسهيل القروض أمر ضروري، كما أن صندوق الأمان الوظيفي سيخفف المعاناة على القوى العاملة في القطاع الخاص، وسيحقق إيجابيات ذات أبعاد اقتصادية، والحد من التقلبات والظروف التي قد تصيب الاقتصاد بين الحينة والأخرى.