كورونا.. والوطن

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/أبريل/٢٠٢٠ ٢٠:٢٩ م
كورونا.. والوطن

محمد بن عبدالله الراسبي

الحروب التي تشنها دول كبرى خلفها مخططات ومصالح وإن خلفت ضحايا كثر من ذات الدول لأن الهدف هي المصالح البعيده والإستراتيجية والضحايا الذين تضحي بهم دولهم محسوبه في سبيل تحقيق اهدافهم , في حين انها لغيرهم هي خسائر فادحه.
جائحة كورونا الجديده وحرب أسعار النفط مثلهما كمثل أي حرب فيها من الخسائر وسقوط ضحايا المال والبشر ولكن تحمل في نفس الوقت الكثير من الفوائد وإن كان - يبدوا عليها- غيرمفتعله كمثل تلك الحروب المرسومه مسبقا لأهداف ذات مصالح بحته.
لسنا اكثر فقها في تحليل وتفاصيل فيروس كورونا وتأثيراته الصحيه من المتخصصين انفسهم سواء من علماء أبحاث او أطباء، ولكننا سوف نعرج لفهم ابعاد ونتاج هذه التحديات التي تواجهنا في ذروة التصدي لهذا الفيروس او حتى في بداياته باعتباره درسا عظيما في زمن اعتبرناه جميلا أمنا ,وسيظل كذلك عن شاء الله.
إنها حكمة من الله لكي يكشف لنا الكثير ما لم نبصره سابقا ,وهو ضعف بعض الأمم أمام هذه الجائحه وعدم إستطاعتهم مواجهته برغم مراهنتهم والتغني بقوتهم وجبروتهم وهزيمة كل ما يعترضهم او يعتريهم ..كورونا قد يعيد ترتيب القوى بأن يعزز بعضها ويضعف قوة بعضها لكي تظهر قوى جديده ولو على المدى البعيد سواء في الإقتصاد او الصحة او الأمن الغذائي والإنساني.
حول كورونا التشاؤم الى تفائل , وحول عمل البعيد الى قريب ,وحول السلبي إلى إيجابي وحول الدول الغير منتجه الى ان تكون منتجه ذاتيا ,وأن تلتفت الى من لم يعطوا الفرصه من أبناء وطنهم سابقا ,حتى لا تواجه هذه الدول شبح الإعتماد على الغير والذي فيه الكثير من الضرر المستمر وتأثيره على الناتج القومي. إنها مناورات افتراضيه تحاكي واقع اليم , والحكيم من يستفيد من هذه المناورات ويسجل نقاط ضعفه ويحول كل هذه المواجهات
إلى قوه داخليه ليس في زمن الأزمات فقط بل للمستقبل.
كغيرنا وجدنا أنفسنا فجأة في وسط حصار غير متوقع وذلك عندما طوق الفيروس جميع معظم المنافذ البريه والجويه بين دول العالم واستعمر كل بقعه بين ليلة وضحاها والتي كانت مفتوحه على مدار الساعه , اجبر العالم ان يعزل نفسه وأن يدع كل دوله تعتمد على نفسها دون خيار اخر سوى أن تظهر معادنها ,وخيرات أبنائها في مواجهة التحديات التي كانت يوما ما سهلة المنال بإعتمادها على غيرها .
من خلال هذه الجائحه ظهرت الفجوات والتي يمكن تسميتها (فجوات نقاط الضعف) حين كان يصورها البعض يوما ما انها فجوات لايمكن سدها، ولكن ظهر في زمن كورونا (الجميل) من يعيد حساباتنا ومن هو قادرعلى تحويل نقاط الضعف الى قوه والبدء بسد الثغرات بعد إعارتها إهتماما بالغا وتحويلها الى مصالح وطنيه, ومكاسب مستقبليه .
قد يكون وضعنا جيد في مواجهة الفيروس مقارنة مع دول أخرى بل اتخذنا إجراءات قدر مانستطيع للحد من الأثار المترتبه على ذلك. الحقيقة المره تظل مره لأن الأثار المترتبه لهذه الجائحه اقوى كونها تلامس حياة الأفراد اليوميه بسبب التزاماتهم المعيشيه البسيطه والتزاماتهم الماليه والتي قد تكون غير معفيه وغير مقدره من قبل الغير من المقتدرين مما يؤدي الى تفاقم مشاكلهم وتدحرجها الى ما هو ابعد من ذلك في حالة عدم تلافيها ودعمها.
الجميع في قارب واحد وهذا القارب يحتاج إلى إداره حازمه واضحه بتحليل جميع اركان المشكله وفئاتها المتأثره وأبعادها و تقاسم التأثيرات وهو بأنه على الكل ان يساهم في تقليص النتائج المتوقعه ليظل الجميع رابح او يخرج بأقل الخسائر وتستمر العجله تدوروأن تبدأ بطيئة خير من أن يتوقف بعضها ويختل توازنها. ما نحن واثقون منه والشواهد تدل على ذلك ودون تحديد او ذكر امثله هو بان تعلمنا الكثير من الدروس المستفاده والتي طبقت على الواقع ولم تكن في الحسبان يوما ما.
كل ما علينا هو توثيق كل شارده ووارده من هذه الدروس في هذا الوقت العصيب ، حتى يسجل التاريخ اننا كنا كالجسد الواحد والسد المنيع للخروج بفوائد عظيمه تغنينا في مراحل الشده والرخاء .