الدراما العُمانية المفتقدة في رمضان

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٦/أبريل/٢٠٢٠ ١٩:٣٩ م
الدراما العُمانية المفتقدة في رمضان

بقلم: علي المطاعني
يفتقد الجمهور في شهر رمضان المبارك لهذا العام على شاشة تلفزيون سلطنة عُمان يفتقد الدراما العُمانية التي إعتاد على مشاهدتها في كل رمضان وبنحو ثابت حتى أضحى لها عشاق ومريدين داخل السلطنة وخارجها ، بل أن الدراما العُمانية وفي يوم من الأيام كانت تقف كتفا أزاء كتف مع الدراما الخليجية ذات الباع الطويل رغم تراجعها في السنوات الأخيرة مثلنا تماما ولأسباب تختلف عن أسباب تراجعنا فكل بلد أوضاعه الخاصة به .

لقد كان للدراما العُمانية عشاقها ومريديها في السنوات الماضية ، وأمسى فنانينا نجوم تسطع في سماوات الخليج العربي بل في العام العربي برمته ، وكانت قادرة تماما على معالجة الشأن الداخلي وتناوله بإقتدار ، ثم نجد إنعكاسها على الشارع قويا عبر حوارات ونقاشات محتدمة بين المشاهدين من جانب وبين النقاد والمتخصصين من جانب آخر ، وكانت تستفيد من هذا الحراك لتجويد وتجديد كيانها الداخلي .

غير أنه وفي السنوات الأخيرة أخذ هذا الحراك في الخفوت رويدا رويدا حتى توقف تماما ، ورمضان هذا العام يمثل السكون في معناه الكامل ولا نقول الموت في معناه الشامل .

ذلك أن وصف المشهد بالسكون فيه بذرة من الأمل بأن الحياة ستدب في هذا الجسد ليعاود الحركة من جديد بعد إنتفاء أسباب السكون أو الجمود .

ليكن رمضان هذا العام وقد إنطلق السؤال الحائر من عقاله ليسأل طوب الأرض عن أين هي مسلسلاتنا ، وأين هم أبطالنا المشاهير والذين أحببناهم وعشقناهم ، ومن تصانيف القدر أن يرحل فناننا المحبوب سعود بن سالم الدرمكي قبل أيام من حلول رمضان ليذكرنا بمأساة الخواء الذي نحن فيه اليوم .

فأين المشكلة بل أين هي المعضلة هذا هو السؤال الذي يستحق أن نجد إجابة عليه تشفي الغليل ، هل ياترى المعضلة تكمن في ندرة كُتاب الدراما ، أم في المخرجين أم في الممثلين والممثلات ، بداية نقر ونعترف بأن أي عمل درامي يبدأ من الكاتب أو كتاب السيناريو ، فهل لدينا سيل منهمر من هذا الإبداع الجاهز ، بالقطع لا ، نحن نعاني من ندرة الكُتاب هذه حقيقة ، وفي المقابل لدينا مخرجين بمستوى عال ويستطيعون تطويع أي عمل وتقديمه للجمهور سواء أكان إذاعيا أم مسرحيا أم تلفزيونيا ، وهم فقط في إنتظار ذلك الإنتاج الجيد .

المعضلة مطروحة لوزارة شؤون الفنون المستحدثة لتعالج الأمر ومن جذورة ، تأكيدا لحقيقة أن التشخيص الجيد للحالة المرضية هو الضامن الوحيد لإيجاد أو لوصف العلاج المناسب والعكس أيضا صحيح بطبيعة الحال .و ترتيب بيت الفنون من جديد لتكون هذه الوزارة الوليدة ان تضطلع بدورها في احتضان الدراما العمانية بكافة اطيافها و العمل على انتاج المسلسلات و الافلام وتسويقها محليا و خليجيا .

ان عدم عرض أي مسلسل محلي على الشاشة في رمضان هذا العام حدث لاينبغي أن يمر مرور الكرام ، ولا ينبغي بالطبع أن يتكرر ، أي لن يكون مقبولا أن يكون الوضع هو ذاته وعينه في رمضان القادم ، ذلك أن حدث فمعناه أننا قد فشلنا تماما في تشخيص الحالة وأن مرحلة موت الدراما العُمانية قد أزفت ، هذا إحتمال مرفوض من كافة الأوساط ذات العلاقة ، وليس في ذلك خلاف أو إختلاف .

فعلى وزارة شؤون الفنون أن تعد العدة من الآن وتقيم الندوات والدراسات والورش الكفيلة بوضع الأصبع على الجرح النازف كأولى المراحل التي يتطلبها العلاج الذي قد يطول ولكن لابد من البدء به منذ الآن أي في هذا الرمضان الخالي من أي عمل كموعظة لنا لا تنسى .

نامل في رمضان القادم أن نرى أعمالا درامية محلية تعيد المشاهدين لشاشاتهم المحلية بعد أن تبعثروا يمنة ويسره بين القنوات والفضائيات الخارجية بعد أن يئسوا في لهجة تعيد إليهم حنين الماضي الجميل ..

وليس بصعب على وزارة شؤون الفنون التي يجب ان تفرض نفسها في الاهتمام بالفنون بكافة انواعها و منها الدراما العمانية التي تفتقد الراعي الذي يكسوها بالرعاية و العناية الواجبة. نامل ان يكون ذلك حلا لهذه المعضلة مستقبلاً تعمل على تطوير هذا المجال و تعززه بكل السبل الممكنة .