مسقط
خمس سنوات ونيف من الحرب السورية كانت كافية لينسى العالم كيف كان وجه سوريا يبدو، وحيث تصدرت صور الموت والدمار الشاشات كان من المهم مشاهدة معرض «سوريا في ظلال الذاكرة» للفنان السوري فادي مصري زادة الذي استضافه متحف بيت الزبير مؤخرا، وعاد بنا سنوات عديدة إلى ما قبل الأحداث في سوريا ولنقوم معه بجولة بين أعمدة تدمر الأثرية، ولنقف تحت قوس النصر الذي دمره «داعش»، ولنتفرج على أطلال الياسمين الدمشقي وجبال القلمون وننطلق في كل أرجاء سوريا شمالا وجنوبا، شرقا وغربا من خلال لقطات قدمت مزيجا من الدلالات الجمالية والإنسانية.
رسالة الجمال والسلام هذه تكونت من 120 صورة بعضها ملون وبعضها بالأبيض والأسود ضمها معرض الفنان فادي وكان قد اختارها من بين أكثر من 3000 صورة التقطها في الفترة الزمنية بين العام 1990 إلى 2003 تاريخ مغادرته لسورية للعمل في مسقط.
يصف «زادة» المعرض بأنه واحد من أهم معارضه. يقول: «هذا المعرض هو من أهم المعارض التي قمت بها لأنه يأتي في وقت حساس جدا بالنسبة لكل السوريين، حيث شعرت بأنني أريد أن أقدم شيئا لبلدي وبما أنني مصور فما أستطيع تقديمه هو أن أعيد من خلال الصور التذكير بسوريا الجميلة. سوريا التاريخ والحضارة، فسوريا التي أعرفها هي سوريا الحلوة المليئة بالبساطة والعفوية والجمال وهي التي رأيتها في رحلاتي وصورتها قبل أن يحل بها الدمار.
تقنية الفيلم
يضم أرشيف فادي ما يقارب 3000 صورة لمواقع سورية مختلفة، وعن كيفية اختياره لعدد 120 صورة من بين كل هذا الأرشيف يقول: « لقد كان طريقا طويلا فكل صورة تعني لي شيئا، ولم يكن اختياري قائما على الأفضل بل حاولت قدر الإمكان اختيار صور تعكس ملامح الحياة السورية في مختلف الجغرافية السورية من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب.
وعن اختلاف تقنية التصوير بين الأمس واليوم يقول: «في ذلك الوقت كانت تقنية التصوير المتوفرة هي تقنية شريط التظهير (الفيلم)، وهذه التقنية أكثر متعة وتشويقا من التصوير الرقمي الحديث حيث كان المصور يحمل معه عدة أفلام تتنوع بين الأبيض والأسود والملون وكان يلتقط الصور التي تلهمه، ثم كان عليه الانتظار حتى يذهب للغرفة المظلمة ويظّهر الصور ويرى النتائج التي حصل عليها، فإما أن يكون راضيا أو يصاب بخيبة أمل.
ويضيف: «بالنسبة لي كانت تقنية تصوير الفيلم تحمل قدرا كبيرا من التشويق افتقدناه مع الكاميرات الحديثة التي جعلت التصوير أسهل بكثير لكنه غير قادر على منح المصور ذلك الإحساس بالشغف والترقب.
المحطة المقبلة
يقوم فادي حاليا بالتحضير لعدة أفكار لمعارض مقبلة، لكن الأهم بالنسبة إليه حاليا هو انشغاله بالترتيب لنقل معرضه إلى محطات أوروبية مختلفة لإيصال رسالته إلى دول أخرى. يقول: «تقع على عاتق الفنان دوما مهمة أن يقدم رسالة حياة و جمال وحب من خلال فنه، لذلك فإن أقل ما نقدمه لأمنا سورية في هذا الوقت هو أن نعيد تذكير العالم بجمالها.. أريد لمعرضي أن ينقل رسالة الحب والسلام والجمال وأن يقول هذه هي سوريا التي نريد. ويضيف: «أقول لكل السوريين لملموا جراحكم، أحبوا بعضكم، وابدؤوا تعمير سوريا لتنهض من جديد». يذكر أن فادي مصري زادة فنان فوتوغرافي وهو عضو نادي فن التصوير الضوئي في سورية منذ العام 1993. شارك في مسابقات الاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي الفياب وله عدة معارض داخل سوريا وخارجها كما أنه حاصل على العديد من الجوائز.