الاستيراد المباشر.. وتحدى الأسعار

مقالات رأي و تحليلات السبت ٢٥/أبريل/٢٠٢٠ ٢٠:٠٦ م
الاستيراد المباشر.. وتحدى الأسعار

محمد محمود عثمان

استمرار تأثيرات جائحة الكورونا سوف تلقي بظلاها على مستوى أسعار كل الواردات ، ويؤكد ذلك التوقعات التي تشير إلى استمرار الغلاء وارتفاع الأسعار حتى نهاية عام 2021 على الأقل، مما قد ينذر بأوضاع اقتصادية متردية تؤثر على الأسر والأفراد في كل المجتمعات ، إذا فقدنا السيطرة الحقيقية على هذه الظاهرة باساليب وخطط علمية تلامس الواقع المعاش ، لتضع السبل الكفيلة لمواجهة أي زيادة مصطنعة أوغير مبررة في أسعار السلع والخدمات، في ظل الشلل التام الذي أصاب الأنشطة الاقتصادية والتجارية ، وعدم توافر المنتجات المحلية التي تغطى متطلبات السوق ، مما يؤدي إلى أضطراب آليات السوق المتمثلة في العرض والطلب ، وإلى الزيادات الباهظة لأسعار السلع خاصة المستوردة التي يحتاجها السوق ،كما أن زيادة الأسعار ستؤدى إلى هجرة الأيد العاملة الرخيصة ،التي لا تستطيع مواجهة غول الأسعار، وتؤدي إلى زيادة أجور ومرتبات فئات أخرى من العمال، ومن ثم زيادة الأسعار وتكلفة السلع ، وما لذلك من تأثيرات سلبية على عمليات التنمية بوجه عام.
أن أزمة كورونا الصحية قدر فرضت أزمات اقتصادية ونمطا من التفكير الاقتصادي الراشد الذي اهملناه أو تغافلنا عنه ، وهومحاولة الاعتماد على النفس وألا ننتظر حتى تحاصرنا الأزمات من كل جانب ثم نتحرك أو نهرول بحثا عن الحلول العاجلة من هنا أو هناك، ولعلنا نخرج من رحم هذه الأزمة ببعض الدروس التي نستفيد منها في كبح جماح الأسعار ومقاومة المحتكرين وعدم الاعتماد الكلي على الاستيراد من الأسواق الخارجية أو من خلال الوسطاء ، خاصة إذا توافرت لدينا العديد من العناصر المشجعة على الإنتاج أو على عمليات الاستيراد المباشر من الخارج والاستغناء عن الوسطاء او وكلاء الإستيراد الذين يتحكمون في الأسعار وانواع المنتجات وجودتها ،
وقد نجد في الموقع الجغرافي المتميز لسلطنة عمان وما تملك من مقومات لوجستية من مطارات ومنافذ وموانيء بحرية فاعلة ترتبط بالكثير من اسواق العالم ، وبالموانئ العالمية الاستراتيجية في كل القارات ، مع استخدامها للتطبيقات والتقنيات الحديثة،التي تدعم وتعزز الكفاءة والأداء باعتبارها مميزات تنافسية لجذب الاستثمارات والمستثمرين المحليين والأجانب، وتعظم الاستفادة من هامش الربح الذي يفرضه الوسطاء أو السماسرة على الواردات من الأسواق الخارجية ، والذي يرفع من تكلفة سعر السلع والمنتجات المستوردة التي يتحملها المستهلك في النهاية ،حيث من الممكن أن تصبح السلطنة مركزا مهما ومرموقا للاستيراد وإعادة التصدير،لكثير من السلع والمنتجات في المنطقة ، وهذا يمكنها من السيطرة على الأسعار في السوق المحلي، ثم تطور انشطتها لإعادة التصدير، وذلك من خلال البدء بإنشاء شركات استيراد وتصدير باستثمارات مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص مع شركاء عالميين، ولتكن البداية مع الشركات الموردة للمحلات وللمولات التجارية الكبرى في السلطنة وفي المنطقة لنقل الخبرات الإدارية والتسويقية، والتعرف على الأسواق المفضلة، والتركيز على استيراد السلع التى لايوجد لها منافس في الإنتاج المحلي- لمدة 15 أو 20 عاما قادمة - من بلاد المنشأ مباشرة ، بواسطة أسطول من السفن والناقلات الوطنية إذا وجدت ،الأمر الذي يوفر الكثير من الجهد والوقت ، ويعمل على تخفيض الأسعار، بعد تخفيض التكاليف والنفقات الكلية التي تؤدي إلى زيادة سعرها النهائي،بعد أن تُحمل على السعر الأساسي للسلعة أو المنتج ، وعلى الخامات المستخدمة في الصناعات المحلية، لذلك نحتاج قاعدة بيانات وإلى دراسات الجدوى التي توضح مدى حاجة السوق المحلي والأسواق الاقليمية إلى هذه السلع والخامات ، لوضع خطط الاستيراد والبدائل المتاحة لعدة سنوات مقبلة ، وكذلك ربط المشروعات الصغيرة والمتوسطة بهذه الشركات لتقديم الخدمات المساعدة ،أو للحصول على فرص عمل في تجارة الجملة والتجزئة،وفي عمليات الترويج والتسويق ، بالإضافة إلى الاستفادة من البنى الأساسية العمانية التي تتميز بمواصفات ومقاييس عالمية ، والتي اهتمت السلطنة بإقامتها لخدمة الاستثمار والمستثمرين على المدى البعيد،خاصة أن المجموعة العُمانية العالمية للوجستيات (أسياد) وما تملك من مجموعة شركات متخصصة، تطمح إلى إحياء الأمجاد البحرية العُمانية واستعادة سيادة السلطنة على المنطقة وريادتها لطرق التجارة البحرية لأكثر من ألفي عام، ولاشك أن ذلك سيؤدي حتما إلى ترسيخ مكانة السلطنة كأحد أهم الوجهات اللوجستية على مستوى العالم بحلول العام 2040 .