مرحباً شهر رمضان

مقالات رأي و تحليلات السبت ٢٥/أبريل/٢٠٢٠ ١٩:١٥ م
مرحباً شهر رمضان

محمد بن رامس الرواس
mramis@ssds.co.om

منذ أن كنت صبياً يافعاً لا تزال مشلات وتراتيل الترحيب بشهر رمضان المعظم بالمساجد خاصه في اواخر شهر شعبان تتردد في أذني وأناشيد الحداة المنشدون ترتفع أصواتهم الشجية بذلك اللحن الندي الأبدي الجميل الذي يخترق الآذان ويصل مباشرة للقلوب دون استئذان
مرحبا شهر رمضان المعظم مقامه
مرحبا مرحبا شهر الرضا والكرامة
مرحباً بك شهر رمضان المعظم ترحيب محب يأمل أن يحظى منك بأوفر الحظ والنصيب من الاجر ، مرحباً بك شهر الإحسان، مرحبا بأصوات المرتلون للقرآن ،وصلاة المؤمنون بالأسحار ، مرحباً بك شهر الرضوان، مرحباً بك شهر الانعام ، مرحباً بك يا شهر القيام، شهر الصفاء والوفاء والاحسان ، والضياء والنور والايمان ، شهر يجلي المحن والهموم، ويزيل الغم عن الصدور ، مرحباً شهر كله صفاء ووفاء، فيه كنوز الخيرات والغفران وليلة القدر وتنزل الرحمات، مرحباً شهر رمضان المعظم .
عندما يهل علينا شهر رمضان المعظم كل عام بأنواره المباركة، وتجلياته العظيمة، نستعد له بتوبة نصوحة وأدعية مختارة ، وصدقات ، وقراءة قرآن وتواصل مع الارحام وزيارة الاهل والخلان .
لكن هذا العام شهد تغيراً كبيراً في الأحداث، أجبرنا على وضع غير مسبوق لم نتمكن من خلاله من القيام بأعمال عديدة كنا نستعد من خلالها لاستقبال الشهر الفضيل، ومنها موائد إفطار الصائمين للمساجد، لقد جعل الله لرمضان روحاً مباركة لا تتبدل بتبدل الأحداث ، وجعل له قيّم وثوابت أنزلها الله في محكم التنزيل تجعل أعمال هذا الشهر الفضيل من أجر ومضاعفة الحسنات لا تتوقف ولا تنقص للعاملين المخلصين ، فما نشهده هذه الأيام من أمر طارئ أجتاح العالم سيجعل من المؤمنين أكثر ثباتاً وأكثر إقبالاً على شهرهم الفضيل، فشعائر رمضان المباركة مستمرة رغم ما تعترضنا هذه الأيام من حوادث طارئة، فصلوات التراويح وقراءة القرآن ،والاعتكاف وليلة القدر وزيارة الأرحام ستظل أجورها ثابتة بإذن الله وإن تغير الزمان والمكان وتغيرت الوسائل.
إن صلواتنا ستكون مع ازواجنا وابناءنا ، وتلاوتنا بمنازلنا ، واعتكافنا بمنازلنا ، وزيارات الأقارب وتواصلنا معهم سيكون هذا العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فمع تغير العصور والأزمة وتبدل الأدوات أصبحت بين أيدينا الأجهزة الحديثة ولله الحمد التي تمكننا من التواصل معهم والاطمئنان عليهم ومعرفة أخبارهم إنما كانوا أول بأول.
إن ثبات المسلم في وجه الصعاب والمخاطر وتحمله المحن التي تعترضه خلال حياته يتقبلها بالرجوع إلى الله والرجوع اليه يكون بالأعمال الصالحة ، فقد هيى الله له القرآن الكريم وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام لتكون درعاً واقياً وحصن منيع يستعين به على نوائب الأيام.
قد تكون الظروف هذا العام مختلف، لكن روح العبادة لله مستحضرينها في كل وقت ومكان وزمان، فمن فضل الله أن جعل لرسوله عليه أفضل الصلاة والسلام الأرض مسجداً وطهورا حيث كان وحل، وحيثما فرض عليه الواجب (وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)*رواه البخاري.
أن تلاوتنا للقرآن ستزداد أوقاتها بشهرنا المبارك بفضل اتساع الوقت لدينا، واستماعنا للمحاضرات الرمضانية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي سيكون لها مساحات أكبر لمشاهدتها مسجلة ومباشرة ، وتوزيعنا للصدقات ستكون أكثر جدوى وفائدة بعون الله ثم بعون الجمعيات والمؤسسات الخيرية والتطوعية التي انتشرت بأرجاء عمان ، كما ان أدعيتنا خلال أوقات الأسحار وفي أوقات ليل رمضان المباركة ستكون اكثر قرباً لله.
اللهم وقف الجميع ببابك ولاذ المسلمون بجنابك ، ووقفت سفينة عبادك على بحر كرمك يرجون الجواز إلى ساحل رحمتك فآمنن علينا بشهر كريم تفرج فيه كربتنا وتغفر لنا ، وتعتق رقابنا من النيران .
يا رب الأرباب يا أرحم الراحمين، أيقظنا يا سيدي من غفلتنا ، فكن لنا متولّياً، وأفض علينا من مغفرتك يا منان بمقتضى فضلك وكرمك وإحسانك، ربنا وإلهنا اجعلنا أوفر حظاً بهذا الشهر المبارك بجاه سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام، واسقنا سقيا أهل ودادك وشربة تملئ قلوبنا بأنوار زكواتك وأكشف عنا كل محنة وبليّة، ربنا أغثنا تكرماً منك وإحساناً من لدنك، يا وهاب فرج فرجاً قريباً غير آجل.
وأرزق عُماننا وسلطاننا والمسلمين رزقاً واسعاً وأذقنا بشهرك المعظم برد عفوك وحلاوة مغفرتك ورضاك عنا.