تعرف على التوقعات للعالم بعد كورونا

مزاج الاثنين ٢٠/أبريل/٢٠٢٠ ٢٠:٢٥ م
تعرف على التوقعات للعالم بعد كورونا

جدة - ش
يتسائل كثير من الناس: متى تكون نهاية كورونا، وهل هي أقتربت أو ما زال لكثير من الوقت؟ وهذا هو السؤال الذي ربما ليس هناك إجابة مؤكدة بالنسبة له .. و لكن السؤال الآخر ترى كيف سيكون العالم بعد كورونا؟ مجلة "فورين بوليسي" ترى أن جائحة كورونا، شأنها شأن أحداث مفصلية في التاريخ كسقوط جدار برلين أو انهيار بنك ليمان براذرز، حدث عالمي مدمر يصعب تخيل عواقبه على المدى البعيد.

وسعيا منها للكشف عن ملامح النظام العالمي بعد انحسار جائحة كورونا، نشرت الصحيفة توقعات 12 عالما ومفكرا بارزا من مختلف أنحاء العالم، إليكم أبرز خمسة منها: يرى العالم ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد الأمريكية، أن جائحة كورونا ستسهم في تقوية الدولة وتعزيز الوطنية، وأن الحكومات في مختلف أنحاء العالم ستتبنى إجراءات طارئة لإدارة الأزمة المتمثلة في تفشي الوباء، لكن العديد من تلك الحكومات لن يرغب في التخلي عن السلطات الجديدة عندما تنتهي الأزمة.

كما توقع أن يسرع انتشار الوباء وتيرة تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق، ويدلل على ذلك باستجابة دول شرقية لمواجهة المرض مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة بشكل أفضل من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، كما أن تعاطي الصين مع الوباء كان جيدا بالرغم من تعثرها في البداية عند اكتشاف الفيروس.

وقال إن الاستجابة البطيئة والمتخبطة في أوروبا وأميركا من الأشياء التي شوهت الهالة التي طالما أحاطت بالتعامل الغربي. ووفقا لوالت فإن الوباء الحالي لن يسهم في تغيير السياسة العالمية السائدة التي يطبعها الصراع، ودلل على ذلك بأن الأوبئة التي مرت على البشرية من قبل لم تضع حدا للتنافس بين القوى العظمى ولم تكن نقطة بداية لحقبة جديدة من التعاون العالمي. وخلص إلى أن المعركة ضد الوباء الحالي سينقشع غبارها عن عالم أقل انفتاحا وأقل ازدهارا وحرية نظرا لتضافر عوامل عدة، من ضمنها الفيروس القاتل والتخطيط غير المناسب والقيادات التي تفتقر للكفاءة مما يضع البشرية على مسار مثير للقلق.

نهاية العولمة
أما روبن نيبليت، الرئيس والمدير التنفيذي لـ"تشاثام هاوس" المعروف بالمعهد الملكي للشؤون الدولية ومقره بريطانيا، فيرى أن جائحة فيروس كورونا قد تكون القشة التي قصمت ظهر بعير العولمة الاقتصادية. ويُرجع نيبليت ذلك إلى عوالم قبل ظهور الوباء، من ضمنها القلق الأمريكي من تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية للصين والذي أدى إلى إجماع سياسي على فصل الصين عن التكنولوجيا العالية التي تمتلكها الولايات المتحدة ومحاولة حمل حلفاء أميركا على أن يحذوا حذوها.

كما أن الضغط الشعبي والسياسي المتزايد لخفض انبعاثات الكربون حماية للبيئة، أثار تساؤلات حول اعتماد العديد من الشركات على سلاسل التوريد من مسافات بعيدة. ووفقا لنيبليت فقد أجبر تفشي "كوفيد-19 " الحكومات والشركات والمجتمعات أيضا على تعزيز قدرتها على التعامل مع فترات طويلة من العزلة الاقتصادية الذاتية، ومن المستبعد في ظل كل ما سبق أن يعود العالم إلى فكرة العولمة ذات المنفعة المتبادلة التي طبعت أوائل القرن الحادي والعشرين.

"هل فازت الصين"؟
يرى كيشور محبوباني، الباحث في معهد آسيا للبحوث بجامعة سنغافورة الوطنية ومؤلف كتاب "هل فازت الصين؟" حول تحدي الصين للهيمنة الأمريكية، أن الجائحة لن تؤثر كثيرا في الاتجاهات الاقتصادية العالمية، ولكنها ستسهم في تسريع تغيير كان قد بدأ بالفعل، هو الانتقال من العولمة التي تتمحور حول الولايات المتحدة إلى عولمة تتمحور حول الصين.
وأشار محبوباني إلى أن هذا السيناريو بات مرجحا في ظل فقدان الشعب الأمريكي الثقة بالعولمة والتجارة الدولية، والذي بات أيضا يرى أن اتفاقيات التجارة الحرة أصبحت سامة سواء في ظل حكم الرئيس دونالد ترامب أو غيره.

وفي المقابل، لم يفقد الصينيون ثقتهم بالعولمة والتجارة الدولية نظرا لعدة أسباب بعضها يعود لأسباب تاريخية، حيث يدرك القادة الصينيون جيدا الآن أن قرن الذل الذي عاشته الصين من عام 1842 إلى عام 1949 كان نتيجة لتهاونها والجهود غير المجدية التي بذلها قادتها لقطعها عن العالم. وقد أثمر انفتاح الصين على العالم خلال العقود القليلة الماضية انتعاشا اقتصاديا وعزز ثقة الشعب الصيني بثقافته، فبات الصينيون يؤمنون بقدرتهم على المنافسة في أي مكان من العالم.

أمريكا فشلت في اختبار القيادة
ترى نائبة المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، كوري شاك، أن عالم ما بعد فيروس كورونا لن يشهد استمرار زعامة الولايات المتحدة للعالم. وقالت شاك في توقعاتها، إن العالم لن ينظر إلى الولايات المتحدة بعد الآن كقائد دولي نظرا لسلوك الإدارة الأمريكية الذي يقوم على تغليب المصالح الذاتية الضيقة وافتقار تلك الإدارة الفادح للكفاءة.

وأشارت إلى أنه كان بالإمكان التخفيف من الآثار العالمية لهذا الوباء إلى حد كبير من خلال قيام المنظمات الدولية بتوفير مزيد من المعلومات في وقت مبكر، الأمر الذي سيمنح الحكومات الوقت الكافي لإعداد وتوجيه الموارد للأماكن التي تعد أكثر حاجة إليها، وكان بمقدور الولايات المتحدة الاضطلاع بهذا الدور وتنظيم تلك الجهود لتثبت أن اهتمامها لا ينصب فقط على الشأن الداخلي الأميركي. وختمت شاك بأن واشنطن قد فشلت في اختبار القيادة وأن العالم قد بات أسوأ حالا نتيجة لذلك الفشل.

مزيد من التفكك والانعزالية
وكتبت صحيفة "الشرق الأوسط" تحت عنوان: " العالم ما بعد الوباء... مزيد من التفكك والانعزالية": "كيف ستكون صورة العالم والعلاقات بين دوله، عندما يخرج من حربه الحالية مع وباء "كورونا"، وما هي السيناريوهات المحتملة لتركيبة النظام الدولي؟

وقالت الصحيفة: يتوقع محللون أن يواصل هذا النظام مسار تفككه الذي شهدناه على مدى الأعوام السابقة. وبصرف النظر عن الوقت الذي سيحتاجه التعافي، سيشهد الاقتصاد الأمريكي انكماشاً ملحوظاً، وستحتاج قطاعات أساسية وقتاً طويلاً للتعافي. ومن المرجح أن يتحول الأمريكيون إلى الاهتمام أكثر بأوضاعهم الداخلية، ما يعني انصرافاً عن الاهتمام بالسياسات الخارجية.

أيضاً، أصبح واضحاً أن الولايات المتحدة لم تعد تحتل المركز المهيمن عالمياً الذي كانت تشغله في الماضي، وهذا أمر لا تغير في موازينه هوية رئيسها أو شخصيته. لقد سبق لروسيا والصين أن تنطحتا لموازنة الولايات المتحدة في كثير من مناطق العالم، ويتوقع أن تواصلا محاولاتهما لتوسيع نفوذهما في المناطق التي تخدم مصالحهما.
أما الركائز التي كان يقوم عليها "النظام العالمي"، فيرجح أن تضعف أكثر بسبب الوباء. وبالرغم من أن الصين طرحت نفسها كنموذج للإدارة الناجحة للازمة، وحققت بعض المكاسب الرمزية نتيجة لتفعيل قوتها الناعمة، وتقديم مساعدات طبية للعديد من دول العالم، فإن ذلك لا يعني أنها قادرة على ملء فراغ التراجع الأمريكي".