محمد بن رامس الرواس
"أحب الناس إلى الله أنفعهم" صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قليلون هم من وهبهم الله أن يكونوا من اصحاب الأيادي البيضاء فى الوطن ...وقليلون هم من اعطاهم المولى عزوجل نور البصيرة لمساعدة الآخريين والوقوف معهم فى الأزمات من أجل تخفيف هموهم ومساعدتهم والتخفيف من احمال اثقلت كواهلهم.
يحرص ديننا الحنيف علي التكافل والتآزر بين أفراد المجتمع، ولقد حث القرآن الكريم في كثير من الآيات الكريمة على أعمال البر والإحسان للناس (ويطعمون الطعام على حُبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) الإنسان.
كما دعى الرسول عليه أفضل الصلام والسلام في العديد من أحاديثه الشريفة لمثل هذه الأعمال الصالحة " من نفس عن مؤمنٍ كربة من كُرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة" رواه مسلم. ولقد عكست مجتمعاتنا العُمانية في كثير من الأزمات والأوقات الصعبة صورٌ رائعة للتكافل الاجتماعي، وبذل الكثير من الجهود الخيرة خاصةً من الجمعيات الخيرية والتطوعية والأفراد ، التي سجلت أروع آيات العطاء على كافة المستويات أفراد ومؤسسات ، ممن بذلوا الجهد والمال من أجل توفير الاحتياجات لأخوتهم المحتاجين ومد يد العون للأسر الفقيرة والسائلين وأبناء السبيل.
أرسل لي عبر الواتس أب أحد الأخوة الناشطين بالعمل التطوعي يعمل تحت مظلة أحد الجمعيات الخيرية رسالة صوتية مفادها أنهم قاموا بتقديم مؤونة لأحد الأسر المحتاجة لكنهم تفاجئوا بأن كان رد أهل المنزل كيف لنا أن نطبخ دون أن يكون لدينا أسطوانة غاز؟ ذكر لي هذا الأخ الكريم أنهم ذهبوا لشراء أسطوانة غاز من مصروفهم الخاص وقاموا بتركيبها بمطبخ هذه الأسرة استجابة لحاجة ملحة لأسرة تتألف من عدة أفراد تتراوح أعمارهم من الثالثة للرابعة عشر سنة لا يجدون إلا القليل من الطعام خلال يومهم، ومن خلال هذا المثال الذي سقناه لابد من الحرص على التأكد من كافة الأمور الأخرى للأسر فالطعام وحده مهم جداً لكن هناك حاجات أساسية أخرى يجب الالتفات إليها، إن الوضع صعب جداً في ظل هذه الجائحة ، ولاصحاب الأيادي البيضاء الذين يستحقون منا كل الشكر والتقدير نقول لهم انتم الوحيدون الرابحون الحقيقيون بهذه الجائحة حيث استثمرتم أوقاتكم في عمل الخير لوجه الله -عز وجل- إما بدفع المال أو مناولة الطعام أو فك كُربة محتاج، ولله دركم فأيديكم أبيض من الثلج وهي تخفف من معاناة أهل مجتمعكم ، فاليد العُليا خير من اليد السفلى وإطعامكم الطعام هي من أعمال أولي الأيدي والأبصار، فلكم منا كل التأييد فأنتم أصحاب الأفضال والنِعم والإحسان للمجتمع.
إن أصحاب الأيادي البيضاء خلال هذه الجائحة نشروا عبيرهم على قلوب أخوانهم المحتاجين والمعوزين فأزداد السلام والأمن والاطمئنان فهم المحسنون، ومنبع الخير الذي يجري في مجتمعاتنا، وأصحاب المواقف الرائعة في مد يد الإحسان للأخرين، وهم النماذج التي يحتذى بها في عمل الخير فلنكن جميعاً من أصحاب الأيادي البيضاء نبذل كما يبذلون بنفس العطاء.
يا لها من ظروف صعبة ومحزنة هذه الأيام التي تمر بها الكثير من الأسر بجانب أن بعض منازلهم قد لا تكون مهيئة للعيش فيها باستمرار، لقد رأيت أنه واجباً علي أن أنقل لكم هذه الصورة الواقعية لتدركوا ما وصلت إليه حالة بعض الأسر من ظنك وبؤس لكن الأمل بالله كبير ثم بأهل الخير من أجل غوث هذه الأُسر المحتاجة، ومن اجل تكافل المجتمع ليعيش مطمئناً هادئاً .