صندوق النقد العربي يتوقع عودة سوق النفط العالمي إلى حالة التوازن

مؤشر السبت ٠٩/أبريل/٢٠١٦ ٢٠:٠٧ م
صندوق النقد العربي يتوقع عودة سوق النفط العالمي إلى حالة التوازن

أبوظبي- العمانية
توقع صندوق النقد العربي أن يعود سوق النفط العالمي إلى حالة التوازن نظراً لانحسار انتاج النفط الصخري واتفاق دول أوبك على عدم رفع الانتاج مجدداً، وأن يكون متوسط سعر النفط 40 دولارًا للبرميل خلال العام 2016، الا أنه في المدى المتوسط" قد يصعب تجاوز السعر العالمي مستوى 60 دولارًا للبرميل نظراً لإمكان عودة منتجي النفط الصخري إلى العمل دون الحاجة لاستثمارات كبيرة".
وجاءت هذه التوقعات في إطار "آفاق الاقتصاد العربي" الذي يتضمن توقعات الأداء
الاقتصادي للدول العربية خلال عامي 2016 و2017 وذلك في إطار الجهود التي يبذلها الصندوق لدعم متخذي القرار في الدول العربي.
وأشار التقرير إلى أن التحدي الأكبر للنمو العالمي هو أداء الاقتصادات الناشئة والنامية في ظل انخفاض التجارة العالمية، وانخفاض تدفقات رؤوس الأموال إليها. بينما يعود انخفاض سعر النفط بأثر إيجابي على الاقتصادات المتقدمة، مما قد يعزز فرص نمو بعض الدول العربية المستوردة للنفط لاعتماد صادراتها على أداء شركائها التجاريين الأساسيين.

النمو العربي
وفيما يتعلق باتجاهات النمو الاقتصادي في الدول العربية، أشار تقرير "آفاق الاقتصاد العربي" إلى استمرار تأثر الاقتصادات العربية بالتطورات في البيئة الاقتصادية الدولية، خاصة فيما يتعلق ببطء تعافي النشاط الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها النفط. ويبين التقرير تأثر عدد من الدول العربية خلال العام 2015 بالتطورات الداخلية التي لا زالت تؤثر على الأوضاع الاقتصادية في هذه البلدان. في مواجهة هذه التطورات لجأت بعض الدول العربية المُصدرة للنفط، لا سيما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى الإبقاء على الانفاق العام عند مستويات داعمة للنمو مع تركيز أكبر على اعتبارات الاستدامة المالية، إضافة إلى لجوء بعضها إلى زيادة كميات الإنتاج النفطي للتخفيف من أثر تراجع أسعار النفط على توازناتها لاقتصادية الداخلية والخارجية.
على الجانب الآخر، تواصل استفادة الدول العربية المستوردة للنفط للعام الثاني على التوالي من عدة عوامل أهمها التحسن التدريجي للأوضاع الداخلية، وما نتج عنه من دعم لمستويات الاستهلاك والاستثمار، إضافة إلى التأثير الإيجابي لانخفاض أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية التي شرع بعضها في تبنيها منذ العام 2011. وتشير التقديرات إلى تسجيل الدول العربية كمجموعة معدل نمو يقدر بنحو 3.2 في المئة خلال العام 2015، مدعوماً بشكل رئيس بالنمو معتدل الوتيرة في كل من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومجموعة الدول العربية المستوردة للنفط، وهو ما سيخفف من تأثير تباطؤ معدل نمو مجموعة الدول العربية الأخرى المُصدرة للنفط.
التصحيح المالي
وتوقع التقرير ظهور أثر سياسات التصحيح المالي التي ستؤدي إلى خفض الإنفاق في عدد من الدول العربية المُصدرة للنفط في إطار سياساتها الرامية لتحقيق نوعٍ من أنواع التوازن بين اعتبارات دعم النمو الاقتصادي وتحقيق الانضباط المالي.
ومن المتوقع كذلك تسجيل الدول العربية نمواً يتراوح حول 2.8 في المئة خلال العام الجاري، ذلك قبل معاودته الارتفاع إلى 3.1 في المئة عام 2017، في ظل التوقعات باتجاه الأسعار العالمية للنفط نحو الارتفاع وبفرض تحسن الأوضاع الداخلية في عدد من البلدان العربية وتعافي النشاط الاقتصادي العالمي.
وانعكس أثر انخفاض الأداء الاقتصادي والسياسات النقدية المنضبطة في عدد من الدول العربية على معدلات التضخم في تلك البلدان. وفي المقابل شهدت بعض البلدان العربية ضغوطًا تضخمية ناتجة عن تدابير إصلاح نظم دعم السلع الأساسية.

تراجع للتضخم
وشهد عام 2015 تراجع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة إلى نحو 6.5 في المئة مقارنة مع 8.1 في المئة مسجلة في العام السابق. بالنسبة لمعدلات التضخم المتوقعة في الدول العربية خلال عام 2016، توقع التقرير ارتفاع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة ليبلغ حوالي 7.4 في المئة. ويعزى ذلك بصفة اساسية إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار بسبب استمرار الحكومات في مراجعة وتقييم الدعم الحكومي بما يشمل تعديل منظومة دعم منتجات الطاقة والمياه والكهرباء إضافة إلى توقع ارتفاع مستويات التضخم المدفوع بعوامل جذب الطلب في بعض الدول العربية خلال عام 2016 نتيجة للزيادة المتوقعة في أجور العاملين.
أما في عام 2017، وفي ظل التوقعات بالارتفاع النسبي في الاسعار العالمية للنفط والمواد الخام في ضوء توقع تحسن النشاط الاقتصادي العالمي، فانه من المتوقع ان يرتفع معدل التضخم في البلدان العربية كمجموعة إلى نحو 8.1 في المئة.
القطاع المصرفي
على صعيد التطورات المصرفية، توقع التقرير أن يؤثر انخفاض أسعار النفط وتباطؤ اقتصادات الدول المنتجة له سلباً على معدل نمو الودائع في القطاع المصرفي العربي، نظراً إلى الحجم النسبي للقطاع المصرفي لهذه الدول. يبقى التحدي في السنوات القادمة في الحفاظ على مستوى منخفض من الديون المتعثرة، هنا تبرز الحاجة لاستمرار الإنفاق الحكومي مما قد يدفع تلك الدول إلى اصلاحات هيكلية ومالية تساهم في الإبقاء على مستويات الإنفاق العام قريبًا من مستوياتها الحالية.
اما على صعيد الأوضاع المالية، كان للتغيرات في الأسعار العالمية للنفط تأثيرات على الموازنات العامة في الدول العربية العام 2015، وإن اختلفت تلك التأثيرات حسب مجموعات الدول المختلفة. فمن جهة تأثرت الدول العربية المصدرة للنفط جراء تراجع الأسعار العالمية للنفط، وهو ما انعكس بشكل كبير على الإيرادات النفطية للدول العربية الرئيسية المُصدرة للنفط التي تسهم بالجزء الأكبر من الإيرادات العامة التي تراجعت بنسبة 42 في المئة عام 2015. من جهة أخرى، استفادت الدول العربية المستوردة للنفط من انخفاض أسعاره بما خفف من الضغوط على الموازنات العامة، لا سيما على ضوء ارتفاع كلفة بنود دعم السلع الأساسية في موازنات هذه الدول، وهو ما انعكس إيجاباً على أوضاع المالية العامة. ومن المتوقع ارتفاع العجز في الموازنة المجمعة للدول العربية من 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 إلى 11.4 في المئة عام 2015 حسب التقديرات. كان من أبرز ما اتسمت به ملامح السياسة المالية في الدول العربية خلال العامين 2015 و2016 سواء تلك المصدرة للنفط أو المستوردة له، التركيز بشكل كبير على تنفيذ حزم واسعة النطاق من الإصلاحات المالية العامة استهدفت ترشيد الانفاق العام ودعم الإيرادات بهدف ضبط أوضاع الموازنات العامة وضمان استدامتها، لا سيما على ضوء التحديات التي تواجه السياسة المالية في هذه البلدان.
في هذا الإطار، جاء الإصلاح الضريبي على رأس أولويات صانعي السياسات المالية حيث بُذلت جهود عدة لدعم الإيرادات الضريبية وضمان عدالة وكفاءة منظومة الضرائب من خلال مراجعة شرائح الضرائب على الدخل وأرباح الشركات، إضافة إلى تبني أو إصلاح ضرائب القيمة المضافة، وتوجيه النظام الضريبي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمناطق الواعدة. من جهة أخرى، تحول الاهتمام نحو ضبط بنود الانفاق العام من خلال ترشيد الانفاق الجاري عبر ضبط نفقات الأجور والمضي قدماً في إصلاح منظومة دعم السلع الأساسية، إضافة إلى رفع كفاءة الانفاق الاستثماري. كما أولت الحكومات العربية اهتماما كبيرا برفع مستويات شفافية وكفاءة إدارة الموازنة العامة وخفض العجوزات. واكب ذلك جهود موازية لرفع كفاءة عمليات إدارة الدين العام، وحرص على زيادة متوسط آجال إصداراته وتمويله من مصادر تضمن الاستدامة المالية.
أما في عام 2016، توقع التقرير أن يشهد العجز في الموازنة المجمعة للدول العربية ارتفاعاً طفيفاً إلى نحو 11.6 في المئة على ضوء التوقعات باستمرار بقاء أسعار النفط العالمية عند مستويات منخفضة، وهو ما سينعكس بدوره على الإيرادات النفطية المتوقعة، فيما يتوقع أن تتأثر الإيرادات الضريبية باستمرار ضعف النمو على المستويين الدولي والإقليمي. في المقابل، سيكون للانخفاض المتوقع للنفقات العامة بنسبة 6 في المئة العام الجاري تأثيراً إيجابياً في ظل تواصل تنفيذ عدد من سياسات الضبط المالي.
أما في عام 2017، فمن المتوقع أن تشهد أوضاع الموازنات العربية تحسنا ملحوظا، بما يساعد على خفض عجز الموازنة المجمعة للدول العربية كنسبة من الناتج المحلي إلى 7.8 في المئة، في ظل التوقعات بارتفاع الإيرادات العامة نظراً للتعافي المتوقع للأسعار العالمية للنفط بنسبة 15 في المئة، وارتفاع الإيرادات الضريبية بفعل التحسن المرتقب للنشاط الاقتصادي في الدول العربية وعدد من شركائها التجاريين الرئيسيين، إضافة إلى بدء ظهور أثر الإصلاحات المالية العامة المتعددة التي يجري تنفيذها وفق أطر زمنية تمتد حتى عام 2020.
أما فيما يتعلق بأوضاع القطاع الخارجي، يتوقع خلال عام 2016 تواصل تأثر أداء ميزان المعاملات الجارية للدول العربية كمجموعة باستمرار تراجع أسعار النفط العالمية. كما أنه من المتوقع أن يؤثر التحسن النسبي لأداء اقتصادات دول الاتحاد الاوروبي ايجاباً على الصادرات غير النفطية للدول العربية. إضافة إلى الأثر الإيجابي المتوقع لرفع أسعار الفائدة العالمية على حصيلة دخل الاستثمار في
الدول العربية كمجموعة.
وكمحصلة لهذه التطورات، يتوقع أن يستمر العجز في الميزان الجاري للدول العربية كمجموعة خلال عام 2016، ومن المتوقع أن يرتفع العجز ليبلغ نحو 137.8 بليون دولار (يمثل 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) مقارنة مع عجز قدره 105.7 بليون دولار خلال العام 2015. ومن المتوقع أن يتراجع خلال عام 2017 العجز في الميزان الجاري للدول العربية كمجموعة ليبلغ نحو 97 بليون دولار، يمثل 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ذلك في ضوء التحسن النسبي المتوقع لأسعار النفط العام القادم .