المواطن خطر احمر

مقالات رأي و تحليلات السبت ١٨/أبريل/٢٠٢٠ ١٩:٥٣ م
المواطن خطر احمر

بقلم: على بن راشد المطاعني
قرت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع تأثيرات فيروس كورونا (كوفيد 19) العديد من القرارات الهامة الهادفة إلى معالجة التأثيرات الواقعة على المؤسسات والشركات وبشكل عادل وسليم يعطي كل ذي حق حقه ، وذلك بهدف التخفيف من تأثيرات الجانحة على الجميع ، وهو ما يعكس المسؤولية الوطنية التي تضطلع بها الحكومة في معالجة الأزمات ومشاركتها لكل أطراف الإنتاج وبما يسهم في تساوي الجميع في تحمل الأعباء والاضطلاع بدور أكبر من الجميع في مثل هذه الأزمة العصيبة التي تمر بها كل دول العالم وليس السلطنة وحدها كما نعرف .
فالتأثيرات التي طالت الشركات والعاملين فيها وأهمية التعاون بينهم كمسؤولية مشتركة في تلافي تداعياتها هو أمر تمليه الظروف الراهنة التي تتطلب من الكل تحمل تبعاتها ، والعمل على سد الثغرات بهدف الحد من التأثيرات الجانبية بدون تهاون من أي طرف ، ‏الأمر يجعلنا جميعا نقف كحائط صد للخروج من هذا المنعطف بأقل الخسائر الممكنة وعبر التعاضد والتكاتف من كل الأطراف .
لقد حظيت وزارة القوى العاملة بجملة من القرارات وبإعتبارها أحد أهم الجهات التي تضطلع بمسؤولية كبيرة في منظومة التوازنات الخاصة بإدارة تأثيرات الأزمة بدون إخلال بحقوق أي طرف ، وبإعتبار الوزارة هي الركن الأساس في إرساء وإستقرار عنصر الإنتاج وهو العنصر الأكثر تعقيدا وأهمية وسط عثار غبار الأزمة ، فهي تتعامل مع جهات قد تكون متعارضة في التوجهات ومتضاربة في المصالح ، فمن الطبيعي أن تحدث إشكاليات كثيرة تزيد من تداعيات الأزمة وتأثيراتها على الجميع ، إلا أن المعالجة المتوازنة لهذا الملف وفي إطار الحزمة الثانية من إجراءات الحكومة ممثلة في اللجنة العليا كانت أكثر إيجابية وإنصافا لأطراف الإنتاج بدون إفراط أو تفريط في حقوق أي طرف.
ولعل من الطبيعي في هذه الظروف الإستثنائية أن يصدر قرار بوقف إنهاء خدمة المواطنين في الشركات ومؤسسات القطاع الخاص ، كإحدى المسلمات التي يجب ترسيخها تلافيا لإستغلال (بعض) الشركات للظروف وقيامها بإنهاء عقود عمل المواطنين وتقليص أعداد القوى العاملة الوطنية لديها ، إضافة لممارسات أخرى ليست بالغريبة على (هذه) الشركات التي تنتهز هكذا سوانح للتخلص من الكوادر الوطنية .
كما أن اللجنة عززت من توجهات وزارة القوى العاملة في معالجتها لهذا الملف ببذل الجهود الهادفة إلى إستقرار العمالة الوطنية والحرص على إستدامتها في القطاع الخاص ، إيمانا منها بأن المواطن هو الأحق بالعمل من غيره ويمكن تأهيله وتدريبه متى كان ذلك ضروريا للإرتقاء بجودة العمل وتحسين مخرجاته ، فهذه (البعض) تفعل ذلك مع العمالة الوافدة بدون ضجر أو تذمر رغم إنعدام عنصر الكفاءة والقدرة لديها إضافة لإختلاف الثقافات وغيرها من المتغيرات التي تفرض عليها التعامل مع أبناءنا بذات الحنو والرأفة .
وفي ذات الإطار أعطت القرارات التي أُتخذت لمعالجة ملف القوى العاملة الشركات مساحة من الحرية للتعاطي مع الأزمة مثل منح إجازات مدفوعة الأجر ، وكذلك تخفيض الأجور مقابل ساعات العمل بتراضي الأطراف وغيرها من الحقوق والصلاحيات ، وهذه ميزة أتاحت للشركات التعاطي مع الأزمة وفقا لمجالات عملها إذا تطلب الأمر تخفيض ساعات العمل بعد إستنفاد أرصدة الإجازات .
وأيضا منحت اللجنة الموظفين المتوقع تأثرهم من أي قرارات تتخذها الشركات بعض المزايا كتأجيل دفع أقساط القروض للبنوك وجدولتها وتأجيل دفع فواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي وإلحاق المتأثرين ببرنامج دعم الوقود وغيرها من المزايا والتسهيلات .
فالجهود المبذولة من جانب الحكومة في إطار سعيها لإحداث التوازن المطلوب بين أطراف الإنتاج ماضية في طريقها بدون المساس بحقوق العمال المكتسبة ، وفي ذات الوقت تعويض الشركات مما لحق بها من أضرار ، حتى قيمة المأذونيات خفضت إلى 201 ريال ، أي بأكثر من مائة ريال للشهور الثلاثة القادمة .
نأمل أن نتعاون لتجاوز تداعيات هذه الأزمة والعمل سوية للنهوض بروح المسؤولية الوطنية في هذا الصدد ، فالوقت بالفعل لايسمح بأي خلافات أو توجهات لاتصب في هذا الإتجاه ، إنه الوقت الذي تتضح فيه معادن الرجال ، ونحسب بأن معادنهم من الذهب الخالص ..