كيث جيه. فرنانديز
إن الشيء، الذي فقد بريقه في عين شخص ما وأصبح لا يٌدخل الفرحة على قلبه، قد يجعل آخر يشعر بالفرحة. إن هذا الأمر يمكن أن يتحقق في التسوق عبر الإنترنت بين الأقران، ولكن يصعب تحقيقه عند التعامل مع كميات ضخمة من الملابس خاصة على مستوى الدولة. تهدف الشركة اللبنانية غير ربحية "فابريك أيد" إلى سد الفجوة القائمة في قطاع الملابس المستعملة عن طريق إعادة توزيع أطنان من الملابس عالية الجودة على المجتمعات المحرومة بأسعار تتراوح ما بين 0.30 دولار إلى 2 دولار لكل قطعة.
تقول الشريك المؤسس وكبير موظفي الاتصال بالشركة لين أبي عاد، البالغة من العمر 24 عاماً: "من الضروري بالنسبة لنا أن نقوم بتخفيض ثمن ملابسنا لمساعدة أكبر عدد ممكن من الناس."
منذ تدشين فابريك أيد في ديسمبر 2016، قامت الشركة ببيع حوالي 75000 قطعة من الملابس والأحذية والإكسسوارات لأكثر من 13000 شخص.
وتضيف لين أبي عاد قائلة إن الشركة توفر الفرصة لما يقارب من 3.3 مليون لبناني مصنفين من بين المعوزين تسوق الملابس التي يستطيعون تحمل تكاليفها في بيئة مشابهة لتجار التجزئة التقليديين في ممارسة تحافظ على كرامتهم. ويمنح الدفع مقابل هذه القطع المشترينَ شعوراً بالفخر، حيث إن القطع التي يشترونها من معروضات الشركة أكثر قيمة مما يٌقدم في شكل صدقات.
خرج الشريك المؤسس عمر عيتاني، صاحب الـ 24 عاماً، بفكرة فابريك أيد بعد أن اكتشف أن الملابس، التي كان يتبرع بها أفراد عائلته لحارس المنزل الخاص بهم، تُرمى في النفايات، حيث يتخلص الأخير من تلك الملابس لأنها لا تناسب أفراد عائلته.
وكشف عمر عن بعض الحقائق المثيرة للاهتمام، حيث تمثل المنسوجات من 5٪ إلى 10٪ من النفايات الصلبة في لبنان، لكن الجمعيات الخيرية تجمع وتعيد توزيع حوالي 5٪ فقط من الملابس المستعملة لأنها تفتقر إلى البنية التحتية، التي تمكنها من التعامل مع كميات أكبر.
وتعود لين للحديث بقولها: "يوجد في لبنان أكثر من 250 متجراً للملابس المستعملة يستوردون أكثر من 12000 طن من الملابس المستعملة سنوياً، ويدفعون من 5 إلى 12 دولاراً للكيلوجرام أي أكثر من 80 مليون دولار. ومن ثم، فإنهم مجبرون على بيع ملابسهم بأسعار أعلى لتحقيق ربح."
تعاونت لين وعمر مع صديقهما التقني المتخصص حسام حنوني، الذي يبلغ من العمر الآن 21 عاماً، وقاموا بتأسيس شركة فابريك أيد بمبلغ 2000 دولار نقداً فقط.وقد تم اعتمادهم في عام 2017 في مشروع المسرعات الخاص بمنظمة اليونيسيف، وتم تسجيلهم كشركة في أكتوبر.وفي العام التالي، فازوا بالجائزة العربية لمنتدى إم.آي.تي.لريادة الأعمال.وفي عام 2019، قام برنامج الأمم المتحدة للبيئة بمنح عمر عيتاني جائزة "أبطال الأرض الشباب"، نظراً لإظهاره كيف يمكن أن تتحول الموضة إلى صناعة خالية من النفايات ومنخفضة الكربون.
وتقول لين في شرحها لطريقة عمل فابريك أيد، إنه عادة ما يتم جمع الملابس في صناديق ذكية في جميع أنحاء لبنان وفرزها في مستودع مركزي. ثم، يتم إرسال القطع عالية الجودة إلى المتاجر ومحلات البيع بالتجزئة في المناطق المهمشة. ويتم إعادة تدوير القطع غير المناسبة لإعادة التوزيع بالتعاون مع مدارس الموضة مثل إيسمود وتُباع تحت العلامة التجارية "ريم أيد" أو يتم إعادة استخدامها في الوسائد والمراتب.
لقد نجحت فابريك أيد في تحقيق هدفها على عدة مستويات؛ فبالإضافة إلى دعم المجتمعات المحرومة، فإنها توفر مخزوناً منتظماً من الملابس المناسبة لميزانيات البسطاء لتوريدها لمتاجر بيع الملابس بأسعار منخفضة وتقلل حجم النفايات في لبنان، مما يساعد الدولة على خفض بصمتها الكربونية. وفي ضوء جمع فابريك أيد هذه الملابس على المستوى المحلي، فإنها تقوم بيعها بأسعار أقل بكثير إلى المتاجر نفسها - حتى بعد التنظيف - مما يُمكّن المتاجر من تحسين ربحيتها أثناء بيع الملابس بالتجزئة بسعر أرخص. وتوظف فابريك أيد أيضاً أشخاصاً من أبناء المجتمعات المهمشة كعمال في الشركة نفسها وكذلك كخياطين للعلامة التجارية ريم أيد.
وتضيف لين قائلة: "من خلال إعادة تصميم دورة الملابس، فإننا نترك أثر إيجابي على المجتمعات والمنظمات غير الحكومية والبيئة والشركات."
ومع إرساء سلسلة قيمة دائرية للملابس المستعملة، فإن طموح فابريك أيد على مدى خمس سنوات هو العمل على نشر الفكرة عبر منطقة الشرق الأوسط بداية من الأردن.
وتخطط الشركة كذلك لتوسيع نطاق عملها من خلال الاستفادة من الطلب المتزايد على الملابس القديمة من جانب فئات اجتماعية واقتصادية مختلفة. وفقاً لما ذكره القائمون على متجر"ثريد-آب"، وهو من أكبر متاجر بيع الملابس المستعملة عبر الإنترنت، فإن قطاع الملابس المستعملة ينمو بمعدل 21 مرة أسرع من سوق الملابس العام، وأنه من المتوقع أن تقفز قيمته من 24 بليون دولار في عام 2018 إلى 53 بليون دولار بحلول عام 2023.
وستقوم شركة فابريك أيد خلال هذا الصيف بفتح متجر للملابس القديمة في منطقة الجميزة ببيروت.وتشير لين إلى هذه الخطوة بقولها:" "نحن نعمل على استهداف بيئة وطبقة اجتماعية مختلفة من الناس. وسيعمل هذا المتجر على نشر الوعي بين اللبنانيين بشأن نفايات الأقمشة والمنسوجات. هدفنا دائما هو تشجيع الناس على التوقف عن دعم الأزياء السريعة، والاستثمار عوضاً عن ذلك في الأزياء المستدامة المعاد استخدامها."