مسقط – لورا نصره
على أبواب العام الجديد، وفي ظل التشاؤم المنتشر كثيراً هذه الأيام بسبب الأوضاع الاقتصادية وانهيار أسعار النفط التي يراها البعض نهاية العالم، أحببت أن أتحدث عن الأمل، وكيف يتمسك به البعض بإصرار طائر العنقاء الأسطوري الذي ينبعث من الرماد معلناً استمرار الحياة في ولادة جديدة من رحم المعاناة.
يقال إنه عندما ترى مصيبة الآخرين تهون عليك مصيبتك الخاصة لتكتشف أن أوضاعك الخاصة أفضل بكثير من الآخرين. قرأت قبل أيام خبراً عن سوريا التي احتلت المركز الأول في الأخبار على مدار الأعوام الخمسة الفائتة لهول ما حدث بها، الخبر يبتعد عن قصص الموت والدمار التي أصبحت الخبز اليومي للسوريين ليحدثنا عن الأمل في المستقبل، الخبر عن افتتاح مكتبة ضخمة في عاصمة الدمار السوري حلب الشهباء التي تحولت من مدينة لا تنام إلى مدينة أشباح يعيش سكانها على أطلال خرائبهم بانتظار الموت بين قذيفة وأخرى، مدينة هي في التصنيف العالمي الأشد خطراً. في هذا العالم المشحون بالخوف يتم افتتاح مكتبة عامة هي الأكبر في سوريا على أيدي شباب من أبناء هذه المدينة الذين لم يفقدوا الأمل بالغد.
مكتبة «Safe Time» تقع في حي المحافظة، وتمتد على مساحة 1000 متر مربع، وتحتوي اليوم على 2000 كتاب و2500 كتاب إلكتروني، بالإضافة إلى قاعات للبحث العلمي ومسرح متكامل ومراسم خاصة لطلاب الهندسة المعمارية وأجهزة كمبيوتر لتسهيل عمل روادها.
المدهش في الخبر ليس المكتبة بحد ذاتها، بل حجم الإقبال عليها منذ اليوم الأول للافتتاح، شباب وشابات ممن أخطأهم الموت يقبلون على الحياة من جديد وسط الكتب بنهم واضح للمعرفة والدراسة والاطلاع. يقول مؤسس المكتبة : «على الرغم من خطورة المدينة وما تعرضت له من دمار شبه شامل لم يستثن حتى الحجر وليس فقط البشر، إلا أنني أفضل البقاء فيها وتقديم كل ما يمكنني تقديمه لها ولشبابها الصامد فيها حتى اليوم، كما أنها مدينة تتميز بقدمها وأهميتها الثقافية والحضارية عبر السنين، ولن تسلبها الحرب شيئاً مما هي عليه» ما رأيكم إذاً؟ فهل أوضاعنا نحن أسوأ أم أولئك الذين قرروا أن ينبعثوا من جديد من هوة الموت؟ تفاءلوا بالخير تجدوه، والأزمة التي ترونها نهاية العالم ليس سوى تجربة بسيطة جداً بميزان الآخرين، بل لعلها فرصة لنا جميعاً لنتعلم ونخرج منها أقوى وأقدر على مواجهة الصعاب.
دمتم ودامت عُمان