مسقط – وكالات
تحتفل عدة دول حول العالم في 21 مارس من كل عام بـ"عيد الأم"، إلا أن العام الحالي 2020، تغلبت أزمة "كورونا" العالمية على مظاهر الاحتفال في مثل هذا اليوم.
رغم أن البعض يرى أنها من العادات الحديثة خاصة أنها مرتبطة بالتاريخ الميلادي، إلا أن الفراعنة احتفلوا بعيد الأم، وكانت الحضارة المصرية من الحضارات التي أعطت المرأة مكانتها وحقوقها.
ووفقا لوكالة "سبوتنيك" الروسية ، كانت مكانة الأم مقدسة عند قدماء المصريين منذ بداية الأسرات، وهو ما تمثل جلياً في تحديد يوم سنوي للاحتفال بإيزيس رمز الأمومة والزوجة الصالحة في الديانة المصرية القديمة، فخلدوها في آثار معابدهم، وفي متون الخلق والتكوين وفي الأساطير والبرديات المقدسة، كما اختاروا العدد الأكبر من آلهتهم من الأمهات.
يقول مجدي شاكر الخبير الأثري المصري، إن المرأة في مصر الفرعونية تمتعت بحقوق لم تنلها في العصر الحديث، وكان لها استقلالها المالي عن الرجل واشتغلت المرأة المصرية بالكثير من المهن والحرف والمناصب المرموقة في المجتمع، مثل منصب القاضي والوزير، وعملت بالطب والجراحة وامتهنت مهنة المرضعة والمولدة، وكانت سيدات الصفوة يشغلن وظيفة إدارة مصانع النسيج الكبرى، وكان بإمكانها أن تدير أملاكها الخاصة بها.
يضيف شاكر في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المصريين القدماء اعتقدوا بالبعث وبالعالم الآخر، ثم نظروا إلى الجنس البشرى والولادة والتكاثر كضمان لبقاء الجنس البشرى واستمراره، وهو ما أكد دور المرأة وأصبحت الأم هي مركز العائلة، كونها المنجبة والمرضعة والمربية وربة البيت.
كما أعتقد المصري القديم أن حياة الآلهة تماثل حياة البشر، وأن رباط الزواج هو الرباط الاجتماعي، وهو ما عرف بالثالوث أى وجود عائلة، وهي التي تلد وتقوم برعاية الطفل حتى سن البلوغ وتقدم له النصح في سن الرشد، وعند تأهبه للزواج تختار له زوجة، وعند هذه المرحلة تأتى أخرى من بنات جنسها لبدء دورة أخرى
وصايا "الحكيم آنى"
من وصايا "الحكيم آنى" إلى ابنه: يجب ألا تنسى فضل أمك عليك، ما حييت فقد حملتك قرب قلبها، وكانت تأخذك إلى المدرسة وتنتظرك ومعها الطعام والشراب، فإذا كبرت واتخذت لك زوجة فلا تنسى أمك".
ويوصى بالأم وحسن معاملتها ويذكر بما لها من أفضال فيقول: رد إلى أمك ضعف الخبز الذي أعطته لك، وأحملها كما حملتك، لقد كنت بالنسبة لها عبئا مرهقا وثقيلا وهى لم تسأم أو تضجر عندما أزف موعد مولدك، وحملتك رقبتها ومكث ثديها على فمك سنوات".
ويوصى بعدم عقوقها قائلا: "فتذكر أمك التي ولدتك وأنشأتك تنشئة صالحة.. الأم هبة الإله للأرض، فقد أودع فيها الإله سر الوجود، أجلب الرضا لقلب أمك والشرف لبيت أبيك".
احتفال القدماء بعيد الأم
احتفل القدماء بعيد الأم، حيث اتخذوا من "إيزيس" رمزا للأمومة، وكانت تمثل كثيرا وهى ترضع حورس، وصارت رمزا للأمومة والحماية، واحتفلوا بهذا العيد بإقامة مواكب من الزهور تطوف المدن.
وكان من صفات المصريين القدماء احترام الأمهات، وتبجيل الأم في الأسرة الكبيرة، والاهتمام باحتياجات النساء.
وآمن المصرى القديم بأنه لن تقوم حضارة إلا إذا قامت على جناح الأم، وأن تكريم المرأة بشكل عام في حد ذاته أحد إنجازات الحضارة المصرية.
بردية توثق احتفالات عيد الأم
عثر على بردية تعود للدولة القديمة منذ حوالي خمسة آلاف عام، وثقت احتفالات عيد الأم، وقد اختار المصريون موعد الاحتفال بعيد الأم آخر شهور فيضان النيل، عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور، أي وقت خصوبة الطبيعة في مصر، وهو شهر "هاتـور" في التقويم المصري القديم، ولقد شبه المصريون القدماء الأم بنهر النيل، الذي يهب الحياة والخصب والخير والنماء.
وكان يتم الاحتفال بعيد الأم مع شروق الشمس التي يعتبرون نورها وأشعتها رسالة من إله السماء للمشاركة في تهنئتها.
هدايا عيد الأم عند الفراعنة
كان المصريون يضعون للأم في غرفتها الهدايا والتماثيل المقدسة، المعبرة عن الأمومة واعتبروا تمثال "إيزيس" التي تحمل ابنها حورس رمزا للأمومة، ورمزا لعيد الأم، فكانوا يضعونه في غرفة الأم ويحيطونه بالزهور والقرابين من أوانى العطور والدهون، وملابس الكتان ومختلف أنواع الأطعمة.
في بردية للدولة القديمة تم اكتشافها في منطقة سقارة وجد فيها كلمات خاصة بعيد الأم، وتضمنت :" اليوم عيـدك يا أماه ..لقد دخلت أشعة الشمس من النافذة لتقبل جبينك،وتبارك يوم عيدك واستيقظت طيور الحديقة مبكرة لتغرد لك في عيدك وتفتحت زهور اللوتس المقدسة على سطح البحيرة لتحيتك، اليوم عيدك يا أماه فلا تنسي أن تدعو لي في صلاتك للرب".