علي المطاعني
في الوقت الذي تبذل فيه أجهزة الدولة جهودا غير عادية لمواجهة تأثيرات وباء كورونا وانعكاساته على السلطنة وتجند كل إمكانياتها للحد منه بكل الطرق الممكنة والمتاحة، وعلى مدار الساعة ومن أعلى المستويات بالبلاد، فإن المسؤولية كذلك تقتضي من المواطنين والمقيمين الوقاية منه بكل الطرق والتفاعل الإيجابي مع توجيهات التوعية الصحية لتتكامل الجهود الحكومية والأهلية في صد تداعياته على البلاد والعباد.
فمسؤولية الفرد في الواقع أكبر من مسؤولية الجهات الرسمية مهما كانت إمكانياتها وباعتباره رأس الرمح في منظومة الوقاية والمكافحة معا، وستبقى الأجهزة والمستشفيات والدوائر الأخرى ذات الصلة عوامل مساعدة للوقاية ولتوفير العلاج، الأمر الذي يفرض علينا التعامل الجاد مع التحذيرات والإعلانات والمتابعة الدقيقة لكل التطورات والمستجدات في هذا الشأن.
بلا شك أن كافة أجهزة الدولة في حالة تأهب قصوى لمواجهة تأثيرات المرض المنتشر في العالم بشكل متفاوت، ولعل توجيه جلالة السلطان هيثم بن طارق-حفظه الله- بتشكيل لجنة عليا للتعامل معه من عدة جهات مختصة وهي في حالة انعقاد دائم، يؤكد على الجدية والصميمية في مكافحته، وقد اتخذت العديد من القرارات الهادفة للوقاية من تداعياته إضافة لأخذ الاحتياطيات اللازمة في هذا الشأن.
جميعها خطوات تعكس مدى اهتمام أجهزة الدولة كغيرها من الدول بهذا العارض، وأنها في الواقع لم تتخذ من التهويل والتضخيم مطية للإيضاح والإبلاغ، فالإجراءات كانت تتصف بالوعي الكافي والتقدير المسؤول لمجريات الأحداث وقد وضع في الاعتبار التوازن الدقيق ما بين ضرورات التعامل مع الحالة وما بين ضرورة ألا تتعطل مفاصل العمل في الدولة، وألا نهول من الأمر أكثر من اللازم رغما عما يشاع في وسائل التواصل الاجتماعي من فوضى وضغوط مجتمعية غير مدركة لتداعيات الأمور، والموعزة للسير خلف ضباب الإشاعات أكثر من الوقوف على مسببات المرض وكيفية انتقاله والوقاية منه.
فعلى الرغم من أن عدد الإصابات لا يتجاوز الـ 18 حالة، شفي عدد منها بفضل الله وجهود العاملين في الحقل الصحي الذين يديرون الأمور بكفاءة عالية، إلا أن الجهات ذاتها تواجه ضغوطا مجتمعية غير متعقلة تقوم بتشتيت وبعثرة الجهود وباعتبارها ترتكز على الإشاعات وحدها وهي بذلك تضاعف من الأعباء على الجهات وأجهزة الدولة، ولعل اللجنة العليا اتخذت قرارات تعد مناسبة مثل وقف الفعاليات والتأشيرات السياحية وتدخين الشيشة، وغيرها من القرارات، أما مطالبة البعض بإيقاف الدراسة في المدراس بدون أي مبررات كافية تشير لحتمية هكذا قرار فهو مطلب سابق لأوانه؛ فأجهزة الدولة تعرف كيفية التعامل مع مثل هذه الظروف والحالات أكثر من رغبات أفراد تحركهم العاطفة أكثر من الحقائق، وما من شك أن الجهات المختصة وإذا ما تأكد لها بالقرائن والحقائق على الأرض بأن الأمر يتطلب اتخاذ هذا الإجراء فلن تتأخر لحظة واحدة في اتخاذه لحرصها الأكيد على سلامة أبنائنا وبناتنا.
ما هو مطلوب من الجميع الآن أخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية والبعد عن الأماكن المزدحمة وكذلك الحرص على النظافة، وتجنب بعض العادات الاجتماعية كالسلام باليد و»الخشوم» وغيرها من العادات المعروفة والتي قد تتسبب في نقل العدوى.
بالطبع أن الإيمان في النفوس كامل ومستتب، وجميعنا يؤمن بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا تأكيدا لما جاء في الآية 51 من سورة التوبة، غير أن ذلك لا يعني التراخي في اتخاذ الاحتياطات اللازمة إذ يجب علينا أن نعقلها ثم نتوكل على الله، وبالتالي فإن التعاطي الإيجابي مع التعليمات والتحذيرات بات الآن فرض عين.
نأمل أن تكلل كل الجهود في هذا الصدد بالنجاح، وأن يعمل كل أفراد المجتمع بروح الفريق الواحد مع أجهزة الدولة في مثل هذه الظروف الطارئة والاستثنائية وبما يسهم في وقاية المواطنين والمقيمين من أي تداعيات لهذا المرض، والله نسأل أن يجنبا عواقب هذا الداء، إنه نعم المولى ونعم المجيب.