جهات حكومية ترغب بإلغاء المادة (11)!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٣/مارس/٢٠٢٠ ١١:٣٧ ص

هناك تحركات في بعض الجهات الحكومية لإلغاء المادة (11) من قانون الإقامة الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (16/‏95) التي تنص على : (يحظر منح تأشيرة دخول للعامل الأجنبي الذي سبق له العمل في السلطنة وذلك لمدة سنتين من آخر مغادرة له).

المادة جاءت لحماية سوق العمل في السلطنة من الممارسات الخاطئة لبعض العمالة الوافدة التي تمارسها على الشركات وما تشكّله من خطر عليها في عدم استقرار سوق العمل، وهدم ما تقوم به الشركات من أعمال تكون عرضة للتلاعب من عمال أجانب كانوا بالأمس في هذه الشركة وغدًا في تلك الشركة سواء بصفتهم شريكا أو موظفا أو غيرها من المسميات، ملما بكل أسرار وأعمال وزبائن الشركة السابقة، وقد يقوم بتوظيف تلك المعلومات توظيفا سيئا يضر بشركته السابقة وقد تتكبد خسائر فادحة نتيجة لانكشاف ظهرها في السوق.

الأمر الذي يتطلب عدم المضي قدما في أي إجراءات من هذا القبيل من جانب أي جهة كانت، وتحت أي ذريعة قيلت لتبرير الإجراء؛ فببساطة إلغاء المادة سيخل حتما باستقرار الأسواق ويؤثر سلبا على توفر الضمانات وينعكس وبالا على الأمن الاجتماعي.

ففي الوقت الذي يتطلع فيه الكثير من المواطنين للجهات الحكومية باعتبارها تعمل جاهدة ووفق أقصى طاقاتها لمساندة الشركات الوطنية وتسخّرجهودها لصالح البلاد والعباد، يأتي التحرك الأخير ليشكل إحباطا واضحا لتلك الآمال العراض وتحت ذرائع غير مقبولة وغير واقعية ولا وجود لها أصلا على أرض الواقع كحقوق الإنسان مثلا، متجاهلة أو متناسية بأن الذين سيتضررون من إلغاء المادة هم أيضا ينطبق عليه وصف (إنسان)، إذن هكذا منطلق لا يمكن التعويل عليه وإذ هو يتعارض مع المصلحة العامة ويضر بمصالح الشركات والأفراد ورجال الأعمال وهم كما نعلم عماد اقتصادنا الوطني.

من المفارقات بأن الجهات التي تسعى لإلغاء المادة تتناقض وتتعارض مع توجهات الجهات المسؤولة عن تطبيق قانون الإقامة كما ينبغي وهي بطبيعة الحال أعلم بمبررات وجوده أو وجودها، فضلا عن أن المرسوم السلطاني المُشار إليه خوَّل ومنح الصلاحية لرئيس الوحدة في الجهة المسؤولة عن تنفيذ قانون الإقامة الصلاحية بإيقاف العمل بالمادة (11) من عدمه، وهذه الجهة المسؤولة ذاتها تؤكد بأن لا تغيير سيطال المادة، وتؤمن على أن الهدف منها هو ضبط وتنظيم سوق العمل وتحقيق مبدأ العدالة والإنصاف للجميع، وبذلك رُفعت الأقلام وجفت الصحف.

لعل آخر تعميم أصدرته شرطة عُمان السلطانية وفي إطار تفعيل العمل بنص منطوق المادة (11) يتمثل في ضرورة حضور صاحب شركة العامل السابق أو من يمثله شخصيا وقانونيا لأقرب مركز لخدمات الجوازات والإقامة للتأكد من عدم ممانعته من عودة الأجنبي للعمل في السلطنة لدى مؤسسة أخرى، وذلك لوضع الحلول لمشكلات عملية أفرزها التطبيق السابق الذي اقتصر على رسالة عدم الممانعة، حيث رأت بأن هناك عدم صحة لبعض الرسائل وإدراكا منها بخطورة الإجراء وللتيقن من سلامته.

إن قيام بعض الجهات بدورالمحامي وسعيها لإلغاء أو تعديل المادة فهذا تطور خطير يتطلب أن يواجه بتحركات فاعلة من جانب الجهات المختصة ذات العلاقة بسوق العمل والأسواق وغرفة تجارة وصناعة عُمان ومجلس الشورى وغيرها من الجهات المعنية لتوضيح تداعيات الضغوط التي تمارس في هذا الشأن.

إن البدائل المطروحة في هذه الجوانب ضعيفة وليست مأمونة العواقب ولن تستطيع إيقاف الممارسات الخاطئة من جانب العمالة الوافدة وخطورتها على سوق العمل والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل قد تفضي لتحجيم جهود التعمين والإحلال في القطاع الخاص برمته.

نأمل ألا تعدل أو تحذف هذه المادة من قانون الإقامة لأهميتها وجدواها في تنظيم سوق العمل في البلاد وضبط و»تصفير» الممارسات الخاطئة ومن ثم عدم الانصياع أو الرضوخ للضغوط باعتبارها تتعارض مع مصالح الوطن العليا.