إن إقرار مجلس الوزراء مراجعة وتعديل أسعار المنتجات النفطية في السوق المحلية والذي سيبدأ تطبيقه في منتصف يناير الجاري، خطوة استراتيجية في ظل انخفاض أسعار النفط، تأتي منسجمة مع نهج الاقتصاد الحر المنفتح الذي تعتمده السلطنة، ما يسهم في تعزيز سمعة ومكانة اقتصادنا الوطني على خريطة الاقتصاد العالمي، وعلى ترتيب البلاد في المؤشرات الاقتصادية الدولية، وعلى البيئة والمناخ الاستثماري في الدولة، إضافة إلى أن ربط أسعار المشتقات النفطية بالسعر العالمي والتغيير معه، سيعبر تعبيراً حقيقياً عن سعر الإنتاج والكلفة، ويحقق التوازن بينهما، ناهيك عن المساهمة في تخفيف الضغط المالي على الميزانية العامة للدولة.
من الواضح أن القرار يستهدف تغيير المنظومة السعرية للوقود، لإحداث توازن بين السوقين المحلية والعالمية، ويأتي ضمن القرارات اللازمة لحماية الثروة النفطية للدولة، وتحقيق الاستغلال الأمثل لها، إذ يشجع القرار على المحافظة على الموارد وترشيد استهلاك الوقود، ويسهم على المدى الطويل في تعديل النمط الاستهلاكي في البلاد، إذا ما علمنا أن حجم دعم الوقود في البلاد بلغ هذا العام 450 مليون ريال عماني، فيما بلغ في العام 2013 بليون ريال عماني.
وبحسب تصريحات الوزير المسؤول عن الشؤون المالية، فإن تعديل أسعار الوقود سيكون شهريا وفق الأسعار العالمية، فتوقعات أسعار النفط لهذا العام 2016 تشير إلى أنها ستكون في أدنى مستوياتها، وبالتالي لن يكون ثمة عبء كبير على المستهلك فيما لو تم تعديل السعر، وسيكون الفرق بيسات ولا يتعدى 30 إلى 40 بيسة في اللتر للبنزين.
وبحسب علمنا فإن تعديل أسعار الوقود جاء بعد دراسات متأنية أثبتت وجود منافع اقتصادية واجتماعية وبيئية، ستنعكس إيجابا على اقتصاد الدولة والمجتمع على حد سواء، ويأتي في إطار الرؤية الاستراتيجية للسلطنة في تنويع وتعزيز مصادر الدخل، لضمان تنافسية وجاذبية الاقتصاد الوطني، إضافة إلى بناء اقتصاد قوي غير قائم على الدعم الحكومي للسلع، حيث بينت الدراسة التي قامت بها الحكومة أن معدل استهلاك الفرد للوقود في حدود 22 ريالا عمانيا شهريا، وفي حالة رفع الوقود بنسبة 25 في المائة سيكون الارتفاع في حدود 5.5 ريال عماني في معدل الاستهلاك الشهري للفرد، وهو مبلغ يمكن التكيف معه، ولن يشكل عبئا على المستهلك.
ويكمن دور المواطن الذي يستطيع تجاوز تأثير هذا القرار من خلال وقف التبذير واستهلاك الوقود وفق الحاجة فقط، فالاستهلاك اليومي والمصروفات الهامشية، التي تعد هدراً في ميزانية الأسرة أو الفرد، يجب أن تقنن وتضبط من خلال الترشيد، وإعادة النظر في حجم الاستهلاك والإنفاق اليومي، ورفع ثقافة الترشيد في أوساط العائلة والمجتمع.
ونأمل من لجنة مراقبة تحديد بيع المشتقات النفطية محليا عندما تقر أسعار الوقود أن تراعي المواطن بحيث لا يتأثر في معيشته وعدم تكليفه فوق طاقته مع مراعاة التأثيرات على الجانبين الاجتماعي والاقتصادي. كما نتمنى من اللجنة عدم الاعتماد على سوق عالمية واحدة في آلية التسعير ، مع وضع ربحية معقولة ومناسبة لشركات التوزيع، للحد من خسائرها، وتمكينها من تقديم أفضل الخدمات.