الحكومات الإلكترونية.. ومتطلبات العصر

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/فبراير/٢٠٢٠ ١٢:٠٥ م
الحكومات الإلكترونية.. ومتطلبات العصر

محمد محمود عثمان

الحكومات الإلكترونية أصبحت مطلبا عصريا وحتميا لإنجاز التعاملات في القطاعات المختلفة الخدمية والاقتصادية والاستثمارية ، التي تحتاج إلى آليات حديثة لإنجازالمعاملات وعرض المعلومات والبيانات لتكون في متناول الجميع عبر شبكة الإنترنت بالسرعة والدقة والوضوح،لأن الحكومة الإلكترونية ،هى التي تستطيع أن تلبي هذه المطالب والأهداف بسرعة و بسهولة ويسر،وبعيدا عن التعقيدات والروتين البشري، ولا يمكن تحقيق ذلك أو الوصول إليه بدون التغلب على الفجوة الرقمية التي تتمثلفي الأساس في الرغبة والقدرةعلى استخدام التكنولوجيا وأجهزة الحاسب الآلي والشبكة العنكبوتية العالمية والإنترنت ، و الذكاء الاصطناعي وتتمثل إشكاليات الفجوة الرقمية عربيا في الأدوات والأفراد والامكانات وكيفية تحقيق التجانس بينهم للخروج بمنظومة رقمية تمثل البنية الأساسية للحكومة الألكترونية ، والقدرة على التصدي لمقاومة بعض الأفراد للتغيير والتجديد وعدم رغبتهم في التعلم واكتساب المهارات اللازمة للتشغيل وأداء المهمات ، لأن الصعوبة الحقيقية تكمن في تكوين البنية التحتية من الأفراد التي يعول عليها كجوهرأساس للحكومة الإلكترونية ، من خلال قدراتهم على توظيف واستخدام الإنترنت ووسائل الاتصالات الحديثة.

ولا شك أن الدور الاساسي في نجاح ذلك يعتمد على جودة وأداء وقناعات العاملين في الحكومات الذين يمتلكون إدارة وإرادة التغييروالرغبة في التحول إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة ، وهما من العوامل المؤثرة في صعوبة اندماج مؤسساتهم في الحكومة الإلكترونية ، خاصة أن الكثير من الأجيال السابقة على عصر الإنترنت ليس لديهم ألفة أو علاقة ارتباط مع التعاملات غير الورقية ، وهي عملية عادة وتعود وكثيرا ما نلمسها في أجيالنا الحالية من طبقة المسؤولين والموظفين حيث لا يرى بعضهم متعة في القراءة من خلال الكمبيوتر أو الهاتف النقال تدفعهم للتمسك بالصحف والمجلات الورقية، وهذه من العوامل الثقافية التي تفاقم هوة الفجوة الرقمية بين المتعلمين ، إلا أن المشكلة تكون أكبر في المجتمعات التي تعاني من نسب كبيرة من الأمية ، خاصة أن نسبة الأمية بين البالغين في عالمنا العربي تقترب من 45 % وهى أعلى من المتوسط العالمي وحتى من متوسط البلدان النامية ، وكذلك في المجتمعات التي تتميز بتدني مستوى التعليم وعدم توافر فرص التعلم الكافية ، التي تعد من أهم الأسباب التي تنتج عنها الفجوة الرقمية العربية ، وهذه المجتمعات في الدول النامية تتسم بضعف قابليتها للتغييراستنادا إلى منظومة القيم والتقاليد السائدة التي تجد صعوبة في تقبل أي تغييرات جديدة نظرا لتمسكها بهذه القيم والتقاليد، ومن ثم غياب الثقافة العلمية التكنولوجية ، لذلك نجد من الصعب أن نشكل حكومات الكترونية بما تتميز به من حداثة وتطور وسرعة ودقة واتقان ورتم سريع في التعامل من قبل المواطنين والمتعاملين أو معهم في إنجاز العمل والأعمال وتنشيط الحياة الاقتصادية ودعم الاستثمارت ، بعيدا عن قيود الروتين والبيروقراطية ، وكذلك في ظل وجود حكومات تقليدية بعضها انتهى عمرها الافتراضي أو أصابتها الشيخوخة والوهن الذي يحول بين حركتها بحرية في قيادة الشعوب وتفجير طاقاته ، الأمرالذي يجعلها في موضع الضعف والرفض لكل ما هو جديد من الابتكارات والآلات الحديثة والمتطورة ومما يترتب عليه وصمها ببطء الحركة والبعد عن الإبداع والتنافسية ، وحتى يتم التغلب على هذه الفجوة لابد من أن تكون هذه الثقافة موجودة لدى جميع شعوب الدول النامية، وأن نخطط الحكومات التقليدية لذلك منذ المراحل الأولى للتعليم، بما يخدم مصلحة تلك المؤسسات في تقديم خدمات الكترونية أفضل على المدى الطويل ، في إطار مسؤوليتها عن إعداد وتوفير البنى الأساسية البشرية ، إلى جانب ضمان توافر شبكة انترنت قوية ومتطورة تعتمد على ترددات النطاق العريض في المؤسسات الحكومية وفي القطاع الخاص،لتوفر السرعات التى تناسب حجم التشغيل المتوقع من مختلف المواقع والمناطق حتى البعيدة عن العواصم الرئيسية ، لضمان أداء جيد للحكومة الإلكترونية، والاستفادة الحقيقة من الخدمات التي تقدمها، وحث شركات الاتصالات على ذلك لتوفيرشبكات الإنترنت فائق السرعة التي تغطي جميع المناطق الجغرافية ، حتى لا يشعر المواطن أو المتعامل من خلال الشبكة بالعجز عن تلبية احتياجاته أوعدم إنجاز معاملاته إلكترونيا، بالإضافة إلى أهمية وجود القوانين والتشريعات التى تحكم وتنظم المعاملات اللإلكترونية بشكل موسع واكثر شمولية وتخصصا ، يتواكب مع التعاملات والجرائم المستحدثة التي تسبق التشريعات في معظم الأحيان ، وتقف أمامها القوانين الحالية جامدة ، مع التركيز على تنفيذ خطة وخريطة زمانية للانتقال من الإدارة الورقية الروتينية إلى الحكومة الالكترونية، للاستفادة منها من خلال بوابة واحدة توفر الوقت والجهد .