تداعيات انتشار فيروس كورونا على الاقتصادات الخليجية

مؤشر الاثنين ١٧/فبراير/٢٠٢٠ ٢٠:٤٨ م
تداعيات انتشار فيروس كورونا على الاقتصادات الخليجية

مسقط – الشبيبة

انتشار فيروس كورونا المستجد في الصين يزيد من التحديات التي تواجهها الدول الخليجية.
مع ذلك نتوقع بأن يكون التأثير محدوداً على دول الخليج، على افتراض بأنه سيتم احتواء الفيروس بحلول مارس 2020، مما سيسمح برفع القيود عن السفر والإجراءات الأخرى التي اتخذتها بعض الدول في الربع الثاني من هذا العام، كما أننا نتوقع أنه لن يكون له تأثير كبير على أسعار النفط.
تستورد الصين ما بين 4% إلى 45% من إجمالي السلع التي تصدرها الدول الخليجية، وتعتبر عُمان الأولى في التصدير إلى الصين بالنسبة لإجمالي صادراتها.

من الممكن أن تؤثر القيود التي فرضتها بعض الدول على السفر بسبب انتشار الفيروس، في حال عدم رفعها وفقاً لتوقعاتنا، على قطاع الضيافة، ولكن التأثير سيكون أكبر على دبي، التي استقبلت العام الماضي نحو مليون زائر صيني.

يواصل فيروس كورونا المستجد الذي بدأ انتشاره في أواخر العام 2019 فرض تحديات كبيرة على المستويين الشعبي والاقتصادي في الصين، والذي من المحتمل أن يكون له المزيد من العواقب. ونظراً لأهمية الاقتصاد الصيني بالنسبة للنشاط الاقتصادي العالمي، ترى وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" بأن التطورات الأخيرة قد تؤثر على الآفاق الاقتصادية لمنطقة الخليج، المتأثرة حالياً بانخفاض أسعار النفط وحالة عدم اليقين الجيوسياسية. وفي حال استمرار انتشار الفيروس سيكون هناك مخاطر من احتمال تصاعد التداعيات الاقتصادية بشكل غير متوقع، حيث ستشمل الآثار الائتمانية جميع أنحاء العالم وليس الصين فحسب. أما في الدول الخليج فالتداعيات يمكن أن تشمل تراجعاً في أسعار النفط والنمو الاقتصادي وأسعار العقارات، إلى جانب التغير في الإنفاق الحكومي، والتي من الممكن أن تشكل بعض الضغط على المُصْدرين الذي نصنفهم في المنطقة. ولكن بموجب السيناريو الأساسي لدينا، نتوقع بأن يكون الأثر في الوقت الحالي محدوداً على تصنيفاتنا الائتمانية.

ويبقى الغموض سيد الموقف بشأن معدل انتشار فيروس كورونا المستجد وتوقيت وصوله للذروة. ولكن تشير عمليات النمذجة (الفحص والمتابعة) التي يقوم بها علماء الأوبئة إلى احتمال وصول الفيروس إلى ذروته انتشاره في الفترة الممتدة بين أواخر فبراير ويونيو. وبغرض تقييم التداعيات الاقتصادية والائتمانية لانتشار الفيروس، افترضنا بأنه سيتم احتواء الفيروس في مارس، تماشياً مع تقريرنا المنشور مؤخراً بعنوان "فيروس كورونا المستجد يوجه ضربة كبيرة مؤقتة للاقتصاد الصيني". ومع تطور الوضع، سنواصل تحديث توقعاتنا وتقديراتنا وفقاً لذلك.

لا نزال نتوقع بأن تبقى أسعار النفط 60 دولار أمريكي للبرميل في العام 2020 و55 دولار أمريكي للبرميل في العام 2021 بصرف النظر عن انتشار الفيروس. لذلك، نعتقد بأن تأثير فيروس كورونا المستجد على الاقتصادات الخليجية سينعكس بشكل رئيسي على حجم الصادرات، حيث من المرجح أن تتراجع الصادرات في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع في الصين، والذي بحسب توقعاتنا سيصل إلى 5% في العام 2020 مقارنةً بنحو 6.1% في العام 2019. كما يمكن تمديد خفض حصص الإنتاج الحالية لمنظمة أوبك إلى ما بعد مارس، والتي من الممكن أن تؤثر على تقديراتنا للإيرادات المالية وإيرادات الحساب الجاري لدى الحكومات السيادية الخليجية.

تصدر الدول الخليجية ما بين 4%-45% من صادراتها للسلع إلى الصين، وعُمان هي الأكثر انكشافاً (%45.1) بين الدول الخليجية، بينما الإمارات هي الأقل انكشافاً (%4.2) وفقاً لآخر البيانات المتاحة لقاعدة بيانات تجارة السلع للأمم المتحدة للعام 2018 (U.N.'s Comtrade database) .

تراجع محتمل لحركة السياحة والسفر
القطاعات المرتبطة بقطاع الضيافة في منطقة الخليج - مثل خطوط الطيران، والفنادق، والتجزئة – يمكن أن تتأثر من خلال تراجع حركة السياحة منذ انتشار فيروس كورونا المستجد، لاسيما وأن انتشاره بدأ قبل الاحتفال بالعام الصيني الجديد، عندما تصل عادةً حركة السفر من وإلى الصين إلى ذروتها. فرضت الحكومة الصينية قيوداً على حركة السفر بعد انشتار الفيروس وقد قام بعض المسافرين بإلغاء رحلاتهم للحد من خطورة نقل العدوى. وما يزيد من حدة التأثير حقيقة أن السياح الصينيين يميلون للإنفاق خلال رحلاتهم بمعدلات أكثر من المتوسطة. وفقاً لإحصائيات شركة "نلسن" يعد معدل إنفاق السياح الصينين رابع أكبر معدل في العالم بواقع 3,064 دولار أمريكي للشخص. تشير تقارير إلى أن عدد السياح الصينيين الذين زاروا منطقة الخليج وصل إلى 1.4 مليون سائح في العام 2018 حيث من المرشح أن يرتفع هذا العدد إلى 2.2 مليون في العام 2023، وقد شكلت دولة الإمارات العربية المتحدة الوجهة الرئيسية لهؤلاء السياح.

إلى المدن الصينية. علاوة على ذلك، مثل المسافرون الصينيون 3.9% من إجمالي عدد المسافرين عبر مطار دبي الدولي في العام 2018. يتضح بأن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الدولة التي تستحوذ على النصيب الأكبر من مساهمة المواطنين الصينيين في حركة الطيران والسياحة والإنفاق على التجزئة والاستثمار في العقارات بين الدول الخليجية الست. ستبدأ فعاليات معرض إكسبو 2020 في دبي اعتباراً من أكتوبر هذا العام، ويتوقع خبراء بأن يصل عدد زوار دبي خلال فترة المعرض التي تمتد على مدى 6 أشهر إلى 25 مليون زائر، أكثر من 70% منهم من خارج الإمارات، ولكن في حال استمرار تأثير الفيروس إلى ما بعد مارس فهناك احتمال بأن تستقبل دبي عدداً من الزوار أقل بكثير من المتوقع.

تأثيرات غير مباشرة قد تلحق بقطاع العقارات
عموماً، يمتلك عدد قليل من الصينيين عقارات في مجلس التعاون الخليجي، مما يشير إلى أن انتشار فيروس كورونا المستجد سيكون له تأثير ضئيل على سوق العقارات. ولكن قد يكون هناك تأثير غير مباشر إذا قرر الأجانب (المقيمين أو غير المقيمين) تأجيل أو إلغاء خطط شراء العقارات نظراً لحالة عدم اليقين الناتجة عن انتشار الفيروس، ومعدلات الإصابة به، وخيارات العلاج.

تداعيات محدودة على المؤسسات المالية
نتوقع بأن يكون التأثير ضعيفاً على البنوك، وبأن يأتي بشكل غير مباشر من خلال التأثير العام على الاقتصادات الخليجية، والذي نتوقع بأن يبقى محدوداً بموجب السيناريو الأساسي لدينا. البنوك التي نصنفها في منطقة الخليج لديها انكشاف مباشر محدود على الشركات الصينية. ولكن في حال أدى انتشار الفيروس إلى تعريض بعض القطاعات الهامة لضغوط، كالعقارات، فإننا قد نلمس هذه التأثيرات خلال الأشهر القليلة المقبلة. والمعني هنا على وجه الخصوص البنوك في دولة الإمارات عموماً ودبي، ولكننا لا نتوقع حالياً أي تغييرات على التصنيفات الائتمانية. وبالنسبة لقطاع التأمين، لا نتوقع أي تأثير مباشر على نتائج الاكتتاب لدى شركات التأمين في المنطقة. ولكن تعرض الاقتصادات الخليجية لضغوط أكبر من المتوقعة أو لتقلبات حادة في قيم الأصول جراء انتشار الفيروس يمكن أن يؤثر سلباً على الميزانيات العمومية لشركات التأمين.