أسواق السلع الصينية تتحمل عبء كورونا

مؤشر الاثنين ١٠/فبراير/٢٠٢٠ ١٣:٣٣ م
أسواق السلع الصينية تتحمل عبء كورونا

مسقط - الشبيبة

قال رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك أولي هانسن، ان أسواق السلع تتحمل حتى الآن العبء الأكبر من تفشّي فيروس كورونا في الصين. وما زال القلق ماثلاً من ظهور التأثيرات الفعلية والكاملة لذلك على الأسواق.

ونظراً لكون الصين هي أكبر دولة مستهلكة للمواد الخام في العالم، ستستمر هذه التأثيرات لتطال السلع الرئيسة، فيما يواجه العالم أكبر صدمة في الطلب منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

تتحمّل أسواق السلع حتى الآن العبء الأكبر من تفشّي فيروس كورونا في الصين. وبينما استأنفت أسواق الأسهم، وعلى رأسها قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ارتفاعها لتصل إلى مستويات قياسية جديدة، شهد مؤشر بلومبرج للسلع الرئيسة انخفاضاً للأسبوع الخامس، وهبط بنسبة 6.4% منذ 17 يناير عندما دقّت الصين ناقوس الخطر العالمي حول خطورة انتشار فيروس كورونا المستجدّ (2019-nCoV).

وباستثناء السلع، ما زلنا قلقين بشأن عدم التسعير الصحيح وفقاً لحجم تأثيرات التباطؤ في الصين وخارجها. ولا سيما بعد أن استردت سوق البورصة قوتها، حيث أصبح المستثمرون أكثر تحصناً من المخاطر الظاهرة. وبدلاً من ذلك، يتم التركيز على الدعم الناجم عن انخفاض مستويات التضخّم وتراجع أسعار الفائدة، واستمرار البنوك المركزية - وفي مقدمتها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - بضخّ السيولة في السوق.

ونظراً لكون الصين هي أكبر دولة مستهلكة للمواد الخام في العالم، كان لهذه التأثيرات الوقع الأكبر على السلع الرئيسية، بينما يواجه العالم أكبر صدمة في الطلب منذ الأزمة المالية العالمية التي وقعت خلال الفترة من 2008 إلى 2009. ولم تكن بعض محاولات الانتعاش التي شهدها الأسبوع الفائت كافية، حيث تكبّدت الأسواق خسائر كبيرة منذ 17 يناير.

هزة أكيدة
واضاف: سيتعرّض حجم الطلب الصيني لهزة أكيدة خلال النصف الأول من عام 2020، وبرز ذلك بشكل واضح خلال الأسبوع الفائت عندما أعلن بعض مستوردي الغاز والنحاس عن تأثير الإجراءات القسرية التي تعيشها الصين على الشحنات، حيث أدى إغلاق أجزاء كبيرة من الصين منعاً لتفشّي فيروس كورونا إلى إلحاق ضرر كبير بمستويات الطلب، وحد من قدرة الصين على استلام الشحنات على المدى القصير.

وبالنسبة لمنتجي الغاز الطبيعي، فكان عامل الوقت هو الأسوأ بالنسبة لهم، حيث زادت المخزونات العالمية بعد اعتدال الطقس في نصف الكرة الشمالي. وفي أوروبا، انخفضت عقود ’داتش غاز‘ (تي تي إف) إلى أدنى مستوياتها منذ أغسطس 2009؛ بينما سجلت عقود الغاز الطبيعي المسال في اليابان وكوريا مستويات منخفضة قياسية عند 3 ملايين دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانيّة.

ولم يكن ذلك بالخبر الجيد لسوق الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعاني بالفعل من حالة ركود، حيث اعتمد نمو الإنتاج بشكل متزايد على الصادرات عبر الغاز الطبيعي المسال للحد من المخزونات.

النحاس والنفط
ونجح النحاس في استعادة بعض خسائره الحادة بعد أن وجد الدعم عند 2.50 دولار أمريكي للرطل بالنسبة للنحاس عالي الجودة، و5800 دولار أمريكي للطن في بورصة لندن للمعادن. واستند الانتعاش المؤقت إلى إجراءات قوية اتخذها بنك الشعب الصيني بعد عطلة رأس السنة القمرية لإضافة السيولة وتخفيض أسعار الفائدة. وارتفعت المعنويات بعد انتشار أخبار حول اعتزام الصين خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الأمريكية. وفي حين أن مثل هذه التطورات قد تسهم بتعزيز تعافي أسواق النحاس حالما تستعيد الصين نشاطها، إلا أن التوقعات على المدى القريب لا تزال مرهونة ببعض التحديات، وخاصة أن الصين تستهلك نصف إمدادات النحاس العالمية. لذا سنواصل مراقبة المستويات المذكورة عن كثب، حيث يشير أي تغيّر إلى عمليات بيع محتملة أكبر.

وأشارت بعض التقارير هنا وهناك إلى تراجع الطلب الصيني على النفط الخام بأكثر من 3 مليون برميل يومياً، مما ساهم بإبقاء الأسعار تحت الضغط، وبالتالي توجه السوق مجدداً نحو مجموعة المنتجين في ’أوبك بلس‘ للحصول على المزيد من الدعم عبر تخفيض الإنتاج أكثر من الكمية المخفضة التي تم الإعلان عنها قبل شهرين فقط. وبناء على إحدى الدراسات التي أجرتها ’بلومبرج‘، سجّلت معدلات إنتاج ’أوبك‘ في يناير أدنى مستوى لها منذ عام 2009 عند 28.4 مليون برميل يومياً. ومنذ بلوغها لأعلى مستوياتها في أواخر عام 2016، خفضت المجموعة إنتاجها بمقدار 5.8 مليون برميل يومياً، وتمثل التخفيضات غير الطوعية من فنزويلا وإيران وليبيا أكثر من نصفها.

وبالرغم من حاجتها لوصول أسعار برميل النفط إلى 80 دولار أمريكي بدلاً من الـ 50 دولار الحالية، أبدت المملكة العربية السعودية اهتماماً بالاستغناء عن قدر أكبر من حصتها في السوق لدعم الأسعار ومنع وقوع مزيد من الانهيار. واقترحت اللجنة الفنية لمجموعة ’أوبك بلس‘ مزيداً من التخفيضات بمقدار 600 ألف برميل يومياً. ووقفت روسيا مجدداً بوجه تخفيض الإنتاج، وأكدت أنها ستجيب قريباً حول إمكانية انضمامها أو لا.

وبعد خمسة أسابيع من البيع، تراجعت أسعار خام برنت نحو أدنى مستوياتها في عام واحد بنسبة 25 %، وينعكس هذا التحول المفاجئ من تقلّيص المعروض إلى زيادة فيه بانخفاض مؤشر برنت. وفي غضون ثلاثة أسابيع فقط، انتقل فارق أسعار العقود الآجلة بين شهري أبريل وسبتمبر من تراجع صحّي بقيمة 3 دولار أمريكي للبرميل، مما يشير إلى قلة العرض، إلى علاوة تأجيل (زيادة العرض) بقيمة -0.85 دولار أمريكي للبرميل.

الذهب
وفيما ضربت موجة الفيروس الخطير السلع المعززة للدورة الاقتصادية، شهد الذهب خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة تداولات ضمن نطاق ضيق نسبياً. وفي المراحل الأولى من تفشّي الفيروس، أثار أداؤه الضعيف عدة مخاوف مثيرة للقلق. وبعد تصحيح مؤقت للدعم عند 1550 دولار للأونصة، حققت أسعار الذهب انتعاشاً بالرغم من التحديات الناجمة عن ارتفاع الأسهم والعائدات وأسعار الدولار.

وتبيّن هذه التطورات قوة الذهب كملاذ آمن بالرغم من ضعف توقعات التضخم - حيث تعثرت المواد الخام - ومخاطر تراجع الطلب من الصين. وبالرغم من ضعف أداء الأسعار، استأنف المستثمرون تجميع الذهب عبر الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالسبائك. وارتفع إجمالي الحيازات خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة بمقدار 65 طن ليصل إلى 2585 طن، محطماً بذلك الرقم القياسي المسجل في عام 2012.

وما زالت توقعاتنا متفائلة بشأن ارتفاع أسعار الذهب بالرغم من التحديات التي تمثلها القوة المتجددة للدولار. ويستند ذلك إلى قلقنا إزاء ما قد ترسله أسواق الأسهم - على عكس السلع - من إشارات خاطئة ترتبط بتوجهات النمو وما يتعلق بها من مكاسب محتملة. ولا جدوى في هذه المرحلة من ملاحقة ارتفاع الأسعار في السوق إلى حين تراجع أسواق الأسهم والعائدات مرة أخرى.