القاهرة - خالد البحيري
سريعا؛ تدحرجت "تسريبات بنما" إلى أروقة مجلس النواب المصري، وطالب أحد النواب، بسرعة استدعاء اللجنة المسؤولة عن استرداد الأموال التي نهبها بعض المنتمين لنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والتعرف على الجهود التي بذلوها في هذا الصدد، والتحقيق مع الأسماء الواردة في الوثائق التي تم تسريبها الأحد وتبلغ نحو 11.5 مليون وثيقة تتعلق معظمها بفساد مالي وضريبي لسياسيين وقادة وفنانين ورجال أعمال ولاعبي كرة قدم، يجمعها قاسم مشترك وهو مكتب محاماة أو خدمات قانونية يدعى "موساك فونيسك".
وأعادت "تسريبات بنما" إلى الواجهة من جديد جدلا واسعا في الشارع المصري حول ممتلكات عائلة مبارك في الملاذات الضريبية (أماكن تقبل بدفع ضرائب مخفضة تمكن أصحاب الأعمال من التهرب من قيمة الضرائب الحقيقية)، وتحديدا شركة بان وورلد إنفستمنت، حيث جاء ضمن التسريبات مراسلات بين سلطات الجزر العذراء البريطانية، وشركة موساك فونسيك البنمية التي تدير شركة علاء مبارك في الجزر العذراء البريطانية.
وتعد بنما والجزر العذراء البريطانية من أشهر وأهم الملاذات الضريبية التي تنزح لها الأموال المهربة لما تمنحه من سرية في التعاملات.
وتناولت الوثائق عددا من الشخصيات المصرية أهمها: الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وزوجته سوزان ثابت، ونجله علاء وزوجته هايدي راسخ، وجمال مبارك وزوجته خديجة الجمال، ورجل الأعمال أحمد عز وزوجاته، عبلة فوزي وخديجة أحمد أحمد وشاهيناز النجار، ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العدلي وزوجته إلهام شرشر، ووزير السياحة الأسبق أحمد المغربي وزوجته نجلاء الجزيرلي، ووزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد وزوجته هانيا محمود فهمي، ووزير السياحة الأسبق زهير جرانة وزوجته ونجله.
وصنفت الوثائق المسربة علاء مبارك بأنه عميل فائق الخطورة وتحدثت بشكل مباشر عن شركة بان وورلد إنفستمنت، كما نشرت صورة من جواز سفر علاء مدون فيها مهنته "أعمال حرة".. وبحسب الوثائق التي اطلعت "الشبيبة" على بعض منها عبر الموقع الإلكتروني لمركز الدولي للصحفيين الاستقصائيين، فإن بان وورلد تأسست في العام 1996، وتم تسجيلها في الجزر العذراء البريطانية، المعروفة كملاذ سري آمن لكبار الشخصيات السياسية ورجال الأعمال، الذين يودون إخفاء أموالهم، إما لحساسية مناصبهم السياسية، أو لأغراض التجنب والتهرب الضريبيين.
ووفقا لبيانات جهاز الكسب غير المشروع بمصر فإن علاء وجمال مبارك امتلكا الشركة مناصفة، ومن خلالها أخفيا نشاطهما في العديد من الشركات المصرية، من خلال شبكة عنقودية حيث تقوم كل شركة بالاستثمار في أخرى وهكذا حتى يصعب الوصول إلى مصدر الأموال الحقيقي في الشركة الأم.
وخلال الفترة من 1996 وحتى 2008 ساهمت بان وورلد بنسبة 50% في شركة "بوليون" المسجلة في قبرص، بينما ساهمت "بوليون" بـ35% في شركة أخرى مسجلة في الجزر العذراء البريطانية تدعى AFG والتي امتلكت بدورها صندوقين يحملان اسم EFG Capital Partners واللذان يستثمران عن بعد في العديد من الشركات المصرية، ومنها: أسمنت السويس والبنك الوطني المصري ومجموعة طلعت مصطفى القابضة وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية، بالإضافة إلى صندوق حورس للصناعات الغذائية والزراعية، والذي يستثمر في شركة إيديتا للصناعات الغذائية، والوادي القابضة، وشركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية (المصريين)، وغيرها من الشركات.
وفي العام 1997 استمرت بان وورلد في شركة تدعى "صندوق مصر المحدود" والمسجل في ملاذ ضريبي آخر هو جزر الكايمان الكاريبية، وأدار صندوق مصر المحدود صندوقا آخر يحمل اسم "حورس" برأس مال يقدر بـ54 مليون دولار، واستثمر هذا الصندوق في 18 شركة مصرية من القطاع الخاص.
ويتشارك مع علاء وجمال مبارك في صندوق مصر المحدود 45 من رجال الأعمال المصريين من بينهم عائلة حسين سالم المتهم في قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، وأحمد بهجت مالك قنوات دريم، ومحمد أبو العنين صاحب سراميك كليوباترا وقناة صدى البلد، وأشرف مروان، وإبراهيم كامل، ومحمد لطفي منصور، ومحمد المغربي، ورؤوف غبور، ونجيب ساويرس وبنوك القاهرة والإسكندرية ومصر.
وفي فبراير 2008 تخارجت بان وورلد إنفستمنت من شركة بوليون القبرصية، ونقلت أسهمها إلى شركة أخرى مسجلة في قبرص تدعى ناكودا التي كانت مملوكة بدورها لشركة أخرى تدعى سي بي بالمز مسجلة أيضًا في قبرص، التي من المرجح أن تكون أيضا مملوكة لنجلي مبارك لاستمرار مساهمتهم في المجموعة القابضة هيرمس عن طريق الشركة القبرصية لما بعد الثورة.
وفور الإعلان عن التسريبات واشتمالها على أسماء شخصيات مسؤولة، تقدم النائب مصطفى بكري إلى رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال بطلب استدعاء اللجنة المسؤولة عن عودة الأموال المهربة من الخارج داخل مجلس النواب، وذلك لمعرفة حقيقة "تسريبات بنما"، وكذلك مناقشة جهود اللجنة في استعادة الأموال المهربة من الخارج.