مسقط – الشبيبة
المعولي: خمسون عاما وجلالته يصنع لعمان موقعا ومكانة تليق بها بين الأمم والشعوب.
رئيس المجلس: ترك لنا جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه وصية تمثل ثوابت ومرتكزات ننطلق منها نحو استكمال المسيرة ومواصلة البناء .
عبر أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى عن مشاعر الفقد والحزن لفقيد الوطن والأمة وباني نهضتها الحديثة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه -الذي أفنى عمره لخدمة بلده لفترة امتدت لنصف قرن. وألقى أصحاب السعادة عددًا من الكلمات المؤثرة تحدثوا خلالها عن مآثره ومناقبه إلى جانب الحديث عن مكتسبات النهضة الحديثة التي غطت مختلف القطاعات التنموية بالسلطنة والذي انعكس على مستوى رفاهية وسعادة أبناء هذا الوطن.
جاء ذلك خلال جلسة مجلس الشورى الاعتيادية الخامسة لدور الانعقاد السنوي الأول (2019/2020م) من الفترة التاسعة (2019-2023)، التي خصصت لتأبين فقيد الوطن والأمة المغفور له _بإذن الله تعالى_ صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.
وقد بدأت الجلسة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، بعدها ألقى سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس المجلس في كلمة مؤثرة قال فيها: "نخصص هذه الجلسة كجلسة عرفان بالجميل ووفاءً وذكراً لمآثر المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه".
وأشار رئيس المجلس " العظماء نادرون قليلون، والزمان لا يجود بمثلهم إلا لمن استحق من الأمم والشعوب، وقد حظيت عمان بقائد فذ عظيم، وسياسي محنك حكيم، ورجل دولة فاق الأخرين بقدرته على السياسة والقيادة وحل معضلات الأمور. رجلٌ وفيّ لشعبه، مؤمن بقضايا أمته، مقدام إذا تأخر الناس، ميزان للعدل، وأهل للوفاء والبذل، جواد كريم، عفو حليم، راجح العقل، ثاقب النظر، شديد البأس، نقي السريرة، زكي السيرة.
وأضاف سعادته: "بدأ عهده بوعد صادق، ونية صافية، وعزيمة متقدة، وسعي غير محدود، وعطاء مشهود، وإرادة صلبة قوية، وعمل مستمر دؤوب، قال رحمه الله عند توليه لمقاليد الحكم في عمان: " سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء"؛ نعم سأعمل دون كلل ولا ملل، سأعمل دون توان ولا كسل، سأعمل لكم أنتم يا أبناء عمان فأنتم أهل لذلك وتستحقونه، سأعمل لجعلكم سعداء؛ والسعادة هنا تحققت في المنجزات العظام، والآيات البيّنة الواضحة للأنام، فرغم اتساع الرقعة الجغرافية، وصعوبة التضاريس العمانية إلا أنها كانت للمغفور له دافعاً وحافزاً ، فمضى البناء على خطى ثابتة، وبعزائم راسخة، وعطاء لا يدانيه عطاء، فأصبح الصعب سهلاً، والمستحيل واقعاً، والمنجز حيّ شاهدا.
واكد خلال كلمته بأن “خمسون عاماً اكتملت لعمان خلالها أركان الدولة العصرية المتمسكة بجذورها وحضارتها، الماضية قدما في طريق تطورها بمنهجية علمية ورؤية طموحة واضحة، المخططة لمستقبلها بنظرة فاحصة ثاقبة، خمسون عاماً ترسخت خلالها دولة النظام والقانون، والعدل والمساواة."
وأضاف: “خمسون عاماً هي تيجان فخر وسؤدد، ومجد وسمو، ورفعة وشموخ، خمسون عاماً نشر خلالها رحمه الله رايات الأمن والسلام، ودعا للمحبة والوئام، خمسون عاماً التقى
خلالها الخصوم في مسقط العامرة فكان لقاء رأب الصدع، ولم الشمل، وجمع الشتات، خمسون عاماً وفلسطين العربية والقدس الشريف في محل العقل والقلب، وكأني به اليوم بيننا بعزمه وحزمه ورباطة جأشه وثبات قوله وحسن منطقه وهو يؤكد على وحدة البيت الفلسطيني ويدعو إلى رفض كل أمر يؤثر على ثوابت الأمة وطمس الهوية والتجني على المقدسات، خمسون عاما وهو يصنع لعمان موقعا ومكانة تليق بها بين الأمم والشعوب، وقد كان ذلك جليا من خلال تزاحم الوفود من مختلف الدول والمنظمات والهيئات وتنكيس الأعلام والحداد والتأبين الذي لم نشهده من قبل وهو أهل لذلك وحقيق به، ومما يشعر بالفخر والاعتزاز اجتماع الجميع على حضور مراسم العزاء فكما كان يجمع ولا يفرق في حياته كان كذلك بعد مماته فأي رجل هو وأي عظيم هو، يلتقي عند بابه الأضداد، ويجمع على مكانته الحاضر والباد، وما تأبين الأمم المتحدة وتسابق الجميع فيها لذكر مأثره ومناقبه إلا دلالة أخرى على ما كان يمثله حضوره وما يكّنه العالم له طيب الله ثراه.
وكما كان المبتدأ عظيماً كان المختتم عظيماً، فترك لنا جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه وصية تمثل ثوابت ومرتكزات ننطلق منها نحو استكمال المسيرة ومواصلة البناء بدأها بتأكيد صدق إيمانه وتوكله على خالقه، وخاطب بها مجلس العائلة الأمناء على الوطن، وهم دوماً عند حسن الظن، وأختتمها بالتذكير بوحدة الصف واجتماع الكلمة فأستشهد بقول الحق جل وعلا " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" صدق الله العظيم، ونحن بإذن الله تعالى على العهد والوعد صفا واحدا ثابتا متماسكا يشد بعضه بعضا، وسنعمل جميعا خلف قيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه - محافظين على ما أنجزه السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه بكل قدرة ممكنة وعزيمة صادقة وبذل وعطاء للقيام بدور المجلس وأداء واجبه".
يبقى وإن رحل
أما الفيلم الوثائقي الذي أعدته دائرة الإعلام بالمجلس وحمل عنوان "يبقى وإن رحل" فقد أوضح التجسيد العملي لتجربة الشورى العمانية منذ أولى بدايات النهضة المباركة، كما ركز العرض على الممارسة الفعلية لمنهاج الشورى حينما كان يلتقي المغفور له بإذن الله مع المواطن يستمع اليه ويحاوره مباشرة. ودوره في النهوض بالشورى منذ المجلس الاستشاري وحتى يومنا هذا. ويروي تدرج مسيرة الشورى كما أراد لها المغفور له بإذن الله تعالى- الذي عمد على تدعيم ركائز الشورى وترسيخ مفاهيمه عبر مؤسسة الشورى التي طالما أشاد بنجاح تدرجها ونضج بنائها على امتداد مسيرة النهضة.
كلمات أصحاب السعادة
وخلال التأبين ألقى سعادة الشيح أحمد بن محمد الندابي أمين عام المجلس كلمة تأبين وقصيدة رثاء من كلمات الشاعر عبدالعزيز بن محمد الندابي تناولت في مضمونها تعبيرا عما يجول من حزن عميق في النفوس برحيل المغفور له بإذن الله. كما ألقى أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى كلماتهم التي تعبر عن وجع الفقد والحزن على باني الوطن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-حيث تحدث سعادة د. عبد الله العمري نائب رئيس المجلس قائلا" ذلك المساء الذي أفجع عمان وأهلها، ذلك المساء الذي أبكى القلوب قبل المقل، وأوجع النفوس وآلمها، وأجرى دموع الرجال، ذلك المساء الذي ترجل فيه الفارس عن صهوة جواده، ملوحاً بكف الوداع الأخير، مسلما كعادته قبيل الانصراف، قائلا " في أمان الله".
ويضيف سعادته:" ترجل الفارس وفارق الاب ألحاني ورحل السلطان قابوس. رحل بعد أن أهدى عمان خمسة عقود من عمره، عاملاً فيها بكل جهدٍ وإخلاص دون كلل أو ملل، ليضع بلاده في مصاف الدول المتقدمة. عمل على بناء الوطن والإنسان، فكانت عمان بمنجزاتها الشاهدة للعيان من ظفار إلى مسندم، وكان الإنسان العماني الذي يعكس بأخلاقه ونبله حضارة عمان ومبادئها المرتكزة على الدين الحنيف، والمحافظة على العادات والتقاليد الأصيلة، والداعية للسلام واحترام الآخر والإحسان إلى الجار والقريب والبعيد.
رحل رحمه الله، مخلفا عمان العصرية المنفتحة على العالم، عمان التي يحج اليها الخصوم ليتصالحوا، عمان التي يحترمها العالم، عمان التي أضحت منارةً للسلام يهتدي اليها كل من تقاذفته أمواج السياسة وعبابها، عمان التي تستقرأ المستقبل وتستشرفه ببصيرة المتنبه الفطن، ليقف الجميع أمامها إعجابا واحتراما.
د. محمد الزدجالي: الصلاحياتِ التشريعيةَ والرقابيةَ تمثلُ نقلةً نوعيةً تدلُ على المكانةِ العاليةِ للمجلسِ لدى جلالتِهِ رحمهُ اللهُ
وقال سعادة د. محمد بن إبراهيم الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس" نظرا للأهميةِ التي تحظى بها البرلماناتُ في العصرِ الحديثِ لما تمثلُه من ترسيخِ قاعدةِ المشاركةِ الشعبيةِ في صنعِ القرارِ ومساهمتِهِ الفعالةِ في السيرِ قدمًا بمسيرةِ التنميةِ الشاملةِ في المجتمعِ وتأكيدًا لمبدأ الفصلِ بين السلطاتِ الدستوريةِ في الدولةِ (السلطة التشريعية، السلطة القضائية، السلطة التنفيذية) فقد حظى مجلسُ عُمانَ بشقيه مجلسُ الدولةِ المعينُ ومجلسُ الشورى المنتخبُ خلالَ عام 2011 م بمنحِه صلاحياتٍ تشريعيةً ورقابيةً موسعةً من لدن جلالةِ السلطانِ الراحلِ - طيب الله ثراه - وذلك بموجبِ الإصلاحاتِ التي جرت على النظامِ الأساسي للدولةِ بالمرسومِ السلطاني رقم 2011 / 99 والتي جاءت استجابةً لطموحاتِ المواطنينَ ولمواكبةِ التقدمِ والتطورِ ومنسجمةً مع التنميةِ الشاملةِ التي تشهدُها السلطنةِ في وقتِها.
ويكمل سعادته:"وإعمالا لذلك فقد عمدتْ حكومةُ جلالتِه بإحالةِ مشروعاتِ القوانين إلى مجلسِ الشورى قبلَ إصدارِها وقد كان للجنةِ التشريعيةِ القانونيةِ شرفُ دراسةِ العديدِ منها وفي هذا دعمٌ للديموقراطيةِ وتفعيلٌ لأحكامِ النظامِ الأساسيِّ للدولةِ وحرصٌ على احترامِ دولةِ المؤسساتِ التي شيدها جلالتُه رحمه الله".
من جهةٍ أخرى فقد حرصتْ حكومةُ جلالتِه غفرَ اللهُ له على إحالةِ الاتفاقياتِ الاقتصادية والاجتماعيةِ إلى المجلسِ والتي بلغت ثلاثة وستين اتفاقية لإبداءِ مرئياتهِ عليها قبل الموافقةِ والتصديقِ عليه كالبروتوكول العربي لمنع ومكافحة القرصنة البحرية والسطو المسلح.
وفي الجانبِ الرقابي فإن جلالتَهُ طيبَ اللهُ ثراه قد منح مجلسَ الشورى مزيدا من الصلاحياتِ، مراعيا فيها سنةَ التدرجِ والخصوصيةِ العمانيةِ وتجربتِها الخاصةِ في هذا المجالِ. ولاشكَ بأنّ تلكَ الصلاحياتِ التشريعيةَ والرقابيةَ تمثلُ نقلةً نوعيةً تدلُ على المكانةِ العاليةِ للمجلسِ لدى جلالتِهِ رحمهُ اللهُ وإيمانِهِ الراسخِ بالدورِ الذي يتعينُ عليه أن يقومَ به فجزاه اللهُ خيرَ الجزاءِ عنا وأسكنه فسيح جناته".
سليم الحكماني: إن لهذا القائد إضاءات لا تخطئها العين ولا يجهلها الواقع في دعم تجربة الشورى العمانية.
وألقى سعادة سليم بن علي الحكماني رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بالمجلس كلمته التي عبر فيها قائلا: " لا تستطيع هذه الجلسة ولا حتى كل جلسات المجلس بأدوارها السنوية وفتراتها المتعاقبة أن تفي هذا القائد العظيم حقه ولا أن تسرد جهده وسعيه ومنجزه لخدمة عمان وأهلها مهما تعددت الكلمات وجادت الخطب والتأبينات بما جادت به وخطته وتطرقت إليه، لأننا أمام قامة متفردة سخرت كل ما لديها من وقت وجهد لبلادها ورفعة شعبها وإعادة أمجاد عمان الخالدة إلى محطات المجد والفخر والتقدم والازدهار.
ويضيف سعادته :"إن العمل الاقتصادي بالمجلس سواء من خلال المجلس بكامل هيئته أو لجانه المختصة وعلى رأسها اللجنة الاقتصادية والمالية تلقى دعما لا محدود من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور –طيب الله ثراه- ، فقد لقت الدراسات الهادفة لمواجهة تحديات التنمية في أيام المجلس الاستشاري متابعة حثيثة منه ومن أعضاء حكومته ، فتعددت وتنوعت الجهود وارتقت الهمم لتصل رؤية جلالته –طيب الله ثراه- إلى تأسيس مجلس الشورى وتواصلت مسيرة عمل اللجان الاقتصادية في جانب الدراسات ومراجعة بعض مشروعات القوانين فكانت رافدا جيدا للمجلس وللحكومة ، لتتواصل نظرة القائد إلى ما هو أبعد من ذلك عندما منح صلاحيات مشفوعة بثقته التامة لتنظر هذه اللجان مشروعات الميزانيات والخطط الخمسية وتعطي رأيها بكل شفافية ووضوح ، فكان يراقب التجربة عن كثب لتترسخ لديه القناعة الوافية عندما منح الصلاحيات الرقابية والتشريعية في عام 2011م من خلال تعديلات في النظام الأساسي للدولة ومنح المجلس الحق في وضع لائحته الداخلية ، فكان للجنة الاقتصادية النصيب الوافر من العمل البناء سواء في مجال المالية العامة أو الخطط الاقتصادية الكلية أو الاستفادة من تقارير الرقابة المالية ، ولولا دعم جلالته –طيب الله ثراه- ومتابعته لآراء ومقترحات اللجان المختصة بالشأن الاقتصادي بالمجلس لما كان للمجلس عموما هذه المكانة ولا هذا التطور الملموس على هذا الصعيد".
أما في الجوانب التشريعية، فيقول سعادته:" كان المجلس شريكا بدعم من لدن جلالته –طيب الله ثراه –في تطوير المنظومة التشريعية المتعلقة بالاقتصاد وإصدار قوانين ذات طابع وتأثير اقتصادي وتحديث لقوانين قائمة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر والتي تم إصدارها أو تحديثها مؤخرا: قانون التجارة، وقانون الاستثمار الأجنبي، وقانون التخصيص وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون الثروة المعدنية وغيرها الكثير لا يتسع المجال لذكرها. ناهيكم عن الأنظمة الاقتصادية والتي تصدر كذلك بمراسيم سلطانية المتعلقة بالمناطق الاقتصادية كنظام هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وغيرها".
هلال الصارمي: اليوم نقف وقفة امتنان لإنجازاتكم العظيمة ونستذكر ما فطنت له سياستكم الفذة منذ يومها الأول في المجالين الصحي والبيئي
وأعرب سعادة هلال بن حمد الصارمي رئيس اللجنة الصحية والبيئية بالمجلس عن مدى حرص جلالته الراحل لتطوير مسيرة الشورى عبر سنواته المنصرمة وترسيخ دعائم شورى صحيحة نابعة من تراث الوطن وقيمه وشريعته الإسلامية.
وفي هذا الصدد قال سعادته:" اليوم إذ نقف وقفة امتنان لإنجازاتكم العظيمة نستذكر ما فطنت له سياستكم الفذة منذ يومها الأول في المجالين الصحي والبيئي حيث نص النظام الأساسي للدولة على أن (تعنى الدولة بالصحة العامة ووسائل الوقاية والعلاج، وتسعى لتوفير الرعاية الصحية لكل مواطن.) وعدتم فكان الوفاء يتجسد في الإنجاز الذي لا يخفى على أحد".
ويضيف سعادته:"(81) مستشفى (22) مجمع صحي، (185) مركز صحي، و(63) مركز رعاية صحية حكومية أخرى. هذا ما تحقق في عهد المغفور له بإذن الله، ولم تغفل رعايته الكريمة الإنسان، إذ كان الأساس هو التعليم، فكانت المخرجات الطبية عبر السنوات من أبناء الوطن هي اللبنة الكبرى لقيام القطاع الصحي وهي المحرك الرئيس لإدارته وتطويره، حيث وصل عدد العاملين في القطاع الصحي بجميع مؤسساته وتخصصاته إلى ما يقارب (٤٠) ألف عامل".
ويستكمل حديثه:"وحيث أن الاستثناء هو ما اختص به فقيدنا الغالي جاءت جائزة السلطان قابوس لصون البيئة كأول جائزة عربية يتم منحها على المستوى العالمي في مجال حماية البيئة، التي أنشئت في العام 1989م بمبادرة كريمة من المغفور له بإذن الله وبموافقة وترحيب منظمة اليونسكو. وعُمان التي حققت إشادات عالمية في مستويات النظافة العامة والجمالية الجغرافي، وتميزها البيئي كانت توجيهات المغفور له بإذن الله تعالى سببا في الإبقاء على تفردها بالطبيعة الأخاذة وسحرها الفريد".
د.حمود اليحيائي: كان السلطان الراحل الداعي والمدافع الأول عن السلام، والمؤسس الأنجح لنظريته المعاصرة في محيط إقليمي ودولي مضطرب
وقال سعادة د. حمود بن أحمد اليحيائي رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية في كلمته: "نجتمعُ اليوم لنتفكرَ في خلاصاتِ التجربةِ القياديةِ الرائدةِ التي أرساها، وفي
الدروسِ الكبرى التي خطّها في ترابِ هذا الوطن وعقولِ أبنائهِ.. وفي القيمِ العظمى التي غرسها فينا. ويضيف سعادته:"ففي رثاء رجل (الخير): نستذكر العطاء اللامحدود في الداخل والخارج والإيمان بمبدأ (الخيرية) الذي رسخه السلطان الراحل في بناء الذات العُمانية فاستند عطاؤه على مبدأ العطاء لأجل الخير وحدهُ لا لأجلِ المباهاةِ. وامتد خيره دون أن يميز بين جنس أو دين أو مذهبٍ أو لونٍ أو عرقٍ. وتبينت فلسفة العطاء لديه في ذلك العطاء الذي يأخذ في الاعتبار مبدأ الاستدامة ويعنى في أثره ببناء الذات الإنسانية على المدى القريب والبعيد.
وفي رثاء رجل (السلام): كان الداعي والمدافع الأول عن السلام. والمؤسس الأنجح لنظريته المعاصرة في محيط إقليمي ودولي مضطرب. وكان الحوار نهجهُ، وعدم التدخل في شؤون الغير خصلته. وحل القضايا العالقة بالطرق السلميةِ منهاجه وبصيرته. فكان الثمر المؤتى أن شق صدر العالم حباً في حضورهِ.. وأسال محاجر الدمع حزناً على غيابه. فنعته الأمم وتسابقت الشعوب لعزائنا فيه وتأبين محاسنهِ..
وفي رثاءِ رجلِ (البناء): نستذكرُ خارطة عُمان الممتدة المترامية الأطراف ونستذكر مشهد القفار والبراري الخالية من نبض الحياةِ قبله. ونستشهد بعمان اليوم المتكئة على رصيدٍ متقدمٍ من البنى الأساسية من آلاف الكيلومترات من الطرقُ المزودة بأفضل الخدمات وأرقى المواصفات. وبمطاراتها التي كانت نقطة وصلها بالعالم بعد عزلتها. وبخدماتها في أنظمة والاتصالات والموانئ التي هيئت إعادة اتصالهم وتأثيرهم ومواصلة نشر رسالتهم الحضارية في مختلفِ ربوع العالمِ. فلقد كان البناء على قدر الطموحِ وكان الموجه الأول أن تكون عُمان حاضرة في محيطها الإقليمي والدولي مؤكدة ذات رسالتها التاريخية فكان العمل والأدوات على قدر المبتغى.
وفي رثاءِ رجل (الإنسانية): نستذكر اهتمام الراحل بمحورية العمل التطوعي وإيمانه المعمق بالقيم الإنسانية التي يرتكز عليها هذا العمل من (مسؤولية مجتمعية وعطاء وتكافل وتضامن) يضمن استقرار المجتمع ويعضد تكاتف أفراده. فكانت جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي واحدة من أرفع الجوائز المرتبطة باسمه الخالد في ملامح العطاء. وكانت مختلف الصروح من مساجد ومراكز حاملة رسائل تلك القيمة الحميدة التي آمن بها الراحل وارتضاها مرتكزاً للتنمية ودافعاً لها. وفي إنسانيته يتجلى الاهتمام بتأطير منظومة تشريعية ومؤسساتية وتنظيمية متسقة تكفل حقوق الفئات الأكثر احتياجاً من فئات الضمان الاجتماعي وذوي الإعاقة والأحداث والأطفال وغيرها من الفئات ذات الاحتياجات القصوى لكيلا يتخلف أحد عن ركب البناء والتنمية. وكان إيمانه بالمرأة بأن أنزلها المكانة الطبيعية التي تستحقها في قاطرة التنمية. فهيأ لها أسس المشاركة والتمكين وآمن بعطائها في المشهد السياسي والدبلوماسي
والعمل المدني كما آمن من البدايات بأحقيتها في التعليم والتوظيف ومختلف منصات المشاركةِ..
وفي رثاء (القائد السياسي): نستذكر النظام الأساسي للدولة الذي أرسى دعائمها على أسس ثابتة كدولة مؤسسات وقانون ترتبط مع الدول والمنظمات بعلاقات متكافئة محورها الاحترام المتبادل, نتأمل مهابة هذا المكان الذي نحن فيه. ونستذكر يديه الكريمتين وهي تقص شريط افتتاحه معلنة بداية صفحة جديدة من مسار ديموقراطي ينتهج الشورى منهاجاً قويماً ويؤمن بالتشاور في إطار من الخصوصية العُمانية والاحترام المتبادل وإعلاء مصالح الوطن العليا. ونتلمس (العدل والإنصاف ومحاربة الظلم وتأسيس دولة عصرية مكتملة البناء متماسكة الأركان).
وفي رثاء (الرجل المخطط): نستذكر من وضع نهج التخطيط القويم. وكان سباقاً بفكره إلى أن تمضي الدولة وفق رؤى واضحة وخطط محددة تتسم بالواقعية وتستثمر في الإمكانات المتاحة.
وأضاف لقد كانت السلطنة سباقة إلى نهج التخطيط متوسط وبعيد المدى عبر وضع الخطط الخمسية في سبعينيات القرن الفائت. وكانت أولى دول المنطقة التي تضع رؤية بعيدة المدى تمثلت في رؤية عُمان 2020. كل تلك الخطط والبرامج كان فلسفتها تتمحور حول الإنسان العُماني (هدف ووسيلة وأداة) لكل خطط التنمية وبرامجها.
وجاءت رؤية عمان 2040 لتكمل ما بدأته هذه الخطط وتعدل على ما هو ضروري لتضع عُمان في مصاف الدول المتقدمة.
وفي رثاء (المفكر الأعظم): نتأمل في عمق بناء الشخصية العُمانية التي عمل من منظور فكري بعيد المدى ترسيخها متكئاً على تعميق مبادئ الوحدة الوطنية وإعلاء قيمة الخطاب الوطني الجامع فوق كل اعتبار. نتذكر الهوية والسمت العُماني الحاضر الذي أصل له والذي أصبح مضرب المثل في كل بقعة من بقاع الأرض. تلك الهوية التي لم تأتي لتلغي الهويات الفرعية بل لتصهرها في بوتقة هوية جامعة تلتزم القيم الوطنية وتؤكد مبادئ الانتماء والمواطنة. نستذكر التهذيب والمراتب العليا من
السماحة والاحترام. نتذكر الواقعية وعدم اللغو والتطرف وانتهاج نهج متسامح قويم في التعامل مع الآخر المختلف. ونتذكر التواضع الذي لا يعني الخضوع. والأنفة التي لا تعني الكبرياء. نتذكر كل الخصال الطيبة التي غرسها في بناء الذات العُمانية ونتأملها عبر أطر الحياة المعاشة. والتي ما كانت لتكون لولا سياسات اجتماعية واضحة ومخططة بدقة. وتشريعات وقوانين ناظمة. ومثل أعلى تجلى في شخصه المبجل حاملاً كل القيم والسمات الراقية".
يونس المنذري: أولى باني النهضة العمانية المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ اهتماما كبيرا بتطوير قطاع الشباب وخصص عامين للشباب
وأشار سعادة يونس بن علي المنذري رئيس لجنة الشباب والموارد البشرية بالمجلس إلى لقاءات جلالته- طيب الله ثراه- في الجولات السامية مع المواطنين، والتي تمثل تكريس لوقائع غير مسبوقة، أُتيحت فيها أمام أبناء الوطن فُرص التخاطب والتحاور المباشر مع القائد المفدَّى –تغشاه رحمة الله- وعرض ما يرونه دون حواجز؛ بتلقائية وعفوية يتلمَّس من خلالها القائد الأب اهتمامات واحتياجات أبنائه، موجِّها أجهزة الدولة نحو تحقيق أولوياتهم، وفاءً بالوعد الذي قطعه على نفسه –طيب الله ثراه- في خطابه الأول بتوفير كل سُبل الرعاية للمواطن، وتذليل كافة الصعوبات التي قد تعترض طريقه، حتى يتمكَّن من الإسهام بفاعلية وإيجابية في تطوير مجتمعه، وبناء قدراته العلمية والعملية، والارتقاء بمستوى مهاراته ليكون مؤهلاً ومنافساً وفاعلاً في العالم.
ويكمل حديثه: "لقد أكد جلالة السلطان المعظم-طيب الله ثراه- في بيانه التاريخي الأول، الذي يشكل مرحلة فاصلة في بناء عُمان الحديثة، مُختصرًا بكلماته التي نقرأها اليوم رحلةً زمنية بَيْن الوعد والوفاء، بين الطموح في السبعينات وإنجازات الألفية الرَّاهنة.. عنوان هذه الرِّحلة ووجهتها الرئيسية هو "بناء الإنسان العُماني"، المتوفرة له مُتطلباته الحياتية، والرعاية الاجتماعية اللازمة، وتأهيل من يُمكن تأهيله، بعمل مخلص ودؤوبٍ، وَضَع نُصب العين "عامل السرعة"؛ ليصنع أجيالاً تواكب روح ومتغيرات كل مرحلة، وتتجاوب مع مستجداتها، مُستفيدين من مستحدثات ميادين الحياة، دون إغفال المرجعية التاريخية والحضارية المميزة للهُوية العُمانية".
ويضيف سعادته: "إيمانا من المجلس بأهمية تنمية وتطوير قطاعات الموارد البشرية والشباب والرياضة على مدى العصور والحضارات المتعاقبة للإنسان. جاء تشكيل لجنة دائمة، تدعى لجنة الشباب والموارد البشرية في عام 2012م، تتولى اعداد الدراسات والتقارير، وتقترح سن وتعديل بعض النظم والتشريعات والقوانين المتعلقة بشؤون الشباب والرياضة، مستنيرة بإنجازات السلطان الراحل _تغشاه رحمه الله-في قطاع الشباب والموارد البشرية.
فقد حرص جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- على الاهتمام بقطاع الشباب، ففي مناسبة العيد الوطني السادس (18 نوفمبر 1976م) قال: " إننا سنعطي الأولوية لتحسين مستوى شعبنا، وإننا أصدرنا الأوامر لوزرائنا بأن يولوا شبابنا عناية خاصة، وأن يتيحوا لهم كافة الفرص لكي يؤدوا دورهم على الوجه المرضي في مستقبل بلادهم... للعناية بالشباب ورعاية شؤونهم ولإيماننا بأن الشباب الصالح هو ثروة وطنية لا تقدر بثمن."
سعيد الساعدي: كان لجلالته اهتمام لتحقيق أعلى معدلات الاكتفاء الذاتي للوطن في القطاع الغذائي
وذكر سعادة سعيد بن محمد الساعدي نائب رئيس لجنة الأمن الغذائي والمائي في كلمته " عبر سنوات عهده أرسى الأمن والأمان في جميع أرجاء السلطنة وبين الامم، كما أولى - رحمه الله وطيب ثراه - اهتماما عظيما لجميع القطاعات الوطنية وتنميتها بلا استثناء. وفيما يخص تنمية قطاع الامن الغذائي والمائي والحفاظ على الثروات الوطنية واستدامتها، فقد نال القطاع عظيم اهتمامه من أجل تحقيق هدف أسمى تمثل في تحقيق أعلى معدلات الاكتفاء الذاتي للوطن وتنمية كافة القطاعات التي من شأنها أن تعزز مستويات الأمن الغذائي والمائي وتنويع مصادر الدخل الوطني، منها على سبيل المثال إصدار القوانين والتشريعات الناظمة لهذا القطاع الحيوي، والتي ساهمت بشكل مباشر في رفع مستوى الاكتفاء الذاتي للسلطنة حيث تم تصنيف السلطنة في المرتبة (29) في الاكتفاء الذاتي من بين (113) دولة، والتي هي ثمرة جهود كان للمغفور له طيب الله ثراه – الاهتمام البالغ من لدنه، ولو اسهبنا في الحديث عنه لن نستطيع أن نوفيه حقه ، فقد كان أعز الرجال وأنقاهم، رمزاً لهذا الوطن.
جمال العبري: كان –السلطان الراحل حريصاً أشد الحرص على أن يكون التعليم هو المنطلق والمرتكز الذي تتمحور حوله النهضة المباركة
وقال سعادة جمال بن أحمد العبري رئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بالمجلس في كلمة ألقاها اليوم في الجلسة تأبين فقيد الوطن" ونحن اليوم إذ نستذكر مآثر المغفور له بإذن الله -طيب الله ثراه- لابد لنا من أن نتوقف مع منجزات عصره الزاهر، لنستقي منها العزيمة والحكمة، ونستخلص منها الدروس الخالدة في حب الأوطان، والتضحيات العظام. لنستشعر ما نحن فيه من خير ونماء وتقدم. ولعل قطاع التعليم قد نال النصيب الأكبر والحظ الأعظم من مسيرة التنمية والتطوير وكان -رحمة الله عليه- حريصاً أشد الحرص على أن يكون التعليم هو المنطلق والمرتكز الذي تتمحور حوله النهضة المباركة عندما قال (سنعلم أبنائنا ولو تحت ظل شجرة).
ويضيف سعادته: "لقد حظي التعليم بكافة مستوياته بالعناية والاهتمام البالغين من لدن الفقيد الراحل -طيب الله ثراه- وشهد قفزات متسارعة جعلت من السلطنة بلداً خالياً من الامية بحسب التقرير الصادرة من (اليونسكو)، وبهذا سبقت السلطنة الكثير من الدول التي كانت تمتلك أنظمة تعليمية منذ وقت طويل. ومن ظل الشجر أنطلق التعليم حتى وصل إلى الغايات المنشودة، وذلك تجسيداً لرؤية القائد الذي وضع التعليم
أساساً للتنمية في هذه النهضة المباركة وسخر جميع الإمكانيات المتاحة لخدمة التعليم بكافة أشكاله ومستوياته. لقد أولى الراحل الكبير التعليم أهمية قصوى ففي خطابه السامي في العيد الوطني الثاني قال (لقد كان التعليم أهم ما يشغل بالي وانا أراقب تدهور الأمور من داخل بيتي الصغير في صلالة، ورأيت أنه لابد من توجيه الجهود إلى نشر التعليم) وهكذا كان فأصبح التعليم ومنذ بداية عصر النهضة يحظى بتقدير واهتمام جلالته -طيب الله ثراه-.
وبالنظر إلى مسيرة التعليم بمختلف مستوياته نجد أنه بالنسبة للتعليم المدرسي ففي عام 1970 وعندما تولى جلالته رحمه الله مقاليد الأمور كانت توجد في عمان فقط ثلاث مدارس. اثنتان في مسقط وواحدة في ظفار تضم 900 تلميذ فقط ممن تتاح لهم ظروف التعليم، أما اليوم فنجد أن عدد المدارس قد وصل إلى 1927 مدرسة ما بين حكومية وخاصة تضم ما يقارب 805329 ألف طالب وطالبة ويدرس بها ما مجموعه
70000الف معلم ومعلمة. وكانت هناك وزارة معنية بالتعليم منذ فجر النهضة المباركة. وشهد التعليم المدرسي العماني الكثير من المحطات المهمة ولعل أبرزها عملية التعمين التي شهدها هذا القطاع الذي كان من أوائل القطاعات التي وصلت لمعدلات عالية من التعمين. وشملت هذه العملية تعمين المناهج والهيئات الإدارية والتدريسية. وقام التعليم المدرسي برفد المؤسسات الوطنية طوال مسيرة التنمية بالكوادر اللازمة لإتمام خطط التنمية والاستراتيجيات الوطنية.
أما على مستوى التعليم العالي فقد شهد هذا القطاع ثورة حقيقية. حيث لم يكن لدى السلطنة أي مؤسسة تعليم ما بعد المدرسي قبل بدايات النهضة المباركة. وكانت الظروف تقتضي في البدايات إرسال الطلبة إلى خارج الوطن لإكمال التعليم. ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً فمع بزوغ فجر النهضة المباركة أخذ التعليم العالي يشق طريقه من خلال افتتاح المعاهد النوعية والكليات التخصصية ثم توج هذه التعليم بإنشاء جامعة السلطان قابوس التي كانت العلامة الفارقة في تاريخ التعلم بالسلطنة. والمنبر الذي أضحى اليوم قيمة عالية في هذا القطاع. ليتحقق وعد القائد -طيب الله ثراه-.
واليوم عندما ننظر للتعليم العالي بمختلف تخصصاته نجدنا امام حقبة مزدهرة وطفرة نوعية تدعونا للفخر والاعتزاز بما تحقق في هذا المجال، حيث توجد حالياً 33 مؤسسة تعليم عالي حكومية بمختلف التخصصات التي تحتاجها مسيرة التنمية في هذا الوطن. تشمل التقنية والفنية والمهنية والصحية والتجارية والزراعية والصناعية والحرفية وغيرها، إلى جانب 28 مؤسسة تعليم عالي خاصة، تستقبل مخرجات التعليم العام لتأهيلهم وتدريبهم بشكل يتناسب مع متطلبات التنمية.
أما على صعيد البحث العلمي، فقد كان الاهتمام بهذا المجال منذ بدايات التعليم. حيث حرص جلالة السلطان المغفور له بإذن الله على دعم الابتكار والأبحاث العلمية بكافة التخصصات، وقدم في سبيل ذلك مجموعة من الحوافز والتوجيهات السامية والكراسي العلمية البحثية التي يصل عددها إلى 16 كرسي علمي في مختلف المجالات في عدد من الجامعات والمؤسسات العلمية حول العالم. وجاء المرسوم السامي لإنشاء مجلس البحث العلمي تتويجاً لهذا الاهتمام من لدنه طيب الله ثراه. كما شجع على البحث العلمي من
خلال تقديم المنح البحثية وتكريم الأبحاث الفائزة ودعم المبادرات من خلال الجوائز التي تحمل أسمه –طيب الله ثراه-.
وسعياً منه -طيب الله ثراه- في أن يظل التعليم محوراً للتنمية في هذا الوطن العزيز قام بإنشاء مجلساً للتعليم يقوم على الاستراتيجيات الوطنية للتعليم والروئ والخطط التعليمية ويشرف بشكل مباشر على مسيرة التعليم. لكي يحظى هذا القطاع بالمتابعة المستمرة من أصحاب القرار وليرتبط بشكل مباشر مع الاستراتيجيات الوطنية.
علي المعشني: آمن جلالته - طيب الله ثراه - بأن الثقافـة العمانية ركـيزةٌ هـامـةٌ في بنـاء دعائـم النهضة
وألقى سعادة علي بن أحمد المعشني رئيس لجنة الإعلام والثقافة بالمجلس كلمته التأبينية والتي قال فيها" إن الحديث عن إسهامات السلطان قابوس بن سعيد في قطاعي الإعلام والثقافة طويل فلقــد آمـن جلالته بأن الثقافـة العمانية ركـيزةٌ هـامـةٌ في بنـاء دعائـم النهضة ولاعباً محـورياً في بـناء النهضة، خاصـة وأن السلطنة تزخــرُ بتـراثٍ
حضـاري، وتاريخـي عريـقٍ وثقـافـةٍ متأصلةٍ ومـوروثاتٍ أصليـةٍ تعكـس مـدى ارتــباط العمانـي ببيـئـته ومجتـمعـه". وكان إنشـاء وزارة للتـراث والثقافـة خـطوةً هامـةً تعـزز وتوحـد جهـود المحافظة على التراث العماني وذلك إدراكًا لقيـمة الإسهـام العمـاني في الحضـارة الإنسانيـة والتراث ودوره في الحفاظ على الشخصية والهوية العُمانية كركيزة من ركائز بناء الدولة العصرية وتماشيًا مع النَّهضة المُباركة.
وأولى جلالة السلطان قابـوس -اهتمـاماً كبيــراً باللـغة العربيـة، وتجلَّـى ذلك في تأسـيس كلية السلـطان قـابوس لتعلـيم اللـغة العربيـة للناطقــين بغيـرها، تقديـراً لمكانـة اللغة العربيـة والأدوار الحضـارية التي تلعبـها إلى جانـب خطـواتٍ كثيــرةٍ كان يوليها -رحمه الله- اهتمـاماً كبيراً من بينها، إنشاء الكراسـي العلميـة في الـعديـد من الصروح التعليمية.
وكانت لكراسـي السلطان قابـوس رحمه الله قيمـةً علمـيةً وفكـريةً عظيمةً، حيث تم إنشاء 16 كرسيًا وأستـاذيـة وزمـالة تحمـل اسم المغفـور له بإذن الله السـلطان قابوس بن سعيد بن تيمور تتـوزع في (13) جامعـةٍ عالمـيةٍ تتـنوع مجالاتُـها بين العلوم الإنسانيـة والتطبيـقيـة.
ويضيف سعادته:"وعمل جـلالة السلطان قابوس على تكويـن العديـد من المؤسسات الثقافـيـة التي أصبح لها دوراً فعّالاً في تـنمـية المجتمـع، ومن بينها، مكتـب مستـشار جلالة السلطان للشـؤون الثقافــية إلى جانب مؤسـساتٍ رسمـيةٍ أخـرى كديـوان البــلاط السلطـاني، ووزارة شـؤون الفنــون التي أنشـئت حديـثاً ومركـز السلـطان قابوس العالـي للثقافــة والعـلوم، وغـيرها مـن المؤسسات الرسميـة والمجتمع المـدني المعنيـة بهـذا الجانب ،وأصـدر رحمه الله في 27/2/2011م المرسوم السُّلطاني السامي رقم (18/2011) الذي قضى بإنشـاء جائـزة السلطان قابوس للثـقافـة والفنـون والآداب وهذه الخطـوة تعتـبر تأكيـداً على الـدور التاريخـي لسلطـنة عُمـان في ترسيـخ الوعـي الثـقافـي. ونالـت المواقـع الأثــرية حظَّـها مـن الاهتـمام السامـي، لبناء علاقات ثقافـية مع جميع الدول ، كما أنَّ هـذا الأمـر انعكس على المتاحـف ، باعتبـارها نوافــذ ثقافـية تاريخية، ومن حق المجتمع أن يتـوارث هذا التاريـخ العريـق."