سعدون بن حسين الحمداني
تعرف الدبلوماسية بأنها السياسة الخارجية للدولة وقسم آخر يعرفها بعلم المفاوضات والبروتوكول والإتكيت والتعريف الشامل لها هو: بأنها مجموعة من المفاهيم والقواعد والإجراءات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية بهدف خدمة المصالح العليا للدول والشعوب.
وقبل البدء والخوض في هذا الموضوع الحيوي والمهم في حياتنا والذي يعتبر من أعمدة الحياة اليومية على المستوى العائلي الاجتماعي أو على المستوى الرسمي ، علينا المرور ولو بصورة مختصرة على تعريف الإعلام قبل أن نٌعرج على الاعلام الدبلوماسي والاعلام السياسي.
يعرف الإعلام أنّه المعلومات التي تُنشر بواسطة الوسائل الإعلاميّة (المقرؤة، المسموعة،المريئة) لغرض الوصول الى الجمهور وتحقيق هدف معين ايجابي او سلبي ، مثل الإذاعة والتلفزيون /الإنترنيت /المجلات/ الصحف اليومية/ وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها الحديثة لغرض الوصول التاثير على الجماهير وهم الهدف المقصود للاعلام، حيث يؤثر الاعلام على سلوك الافراد والمجتمعات وتساهم في تغييره وفي بعض الاحيان يكون سلاحاً ذو حدين وخاصة بعد ظهور الغزو الفكري للمجتمعات من خلال ثورة التكنولوجيا الحديثة وكثرة انواع وسائل التواصل الاجتماعي.
وسوف نتطرق فقط الى نوعين مهمين من الاعلام وهو الاعلام الدبلوماسي والاعلام السياسي بصورة مختصرة لما لها تاثير مباشر على مفردات الحياة اليومية.
الإعلام الدبلوماسي فهو توظيف هدف السلطة بأداة واحدة لهدف معين محدد بوقت مخصص وبأسلوب واضح المعالم ووتوطين إستراتيجيتها من خلال المفاوضات، التمثيل الرسمي،جمع المعلومات وتحليلها، العلاقات العامة، التميز في أدوات الإدارة الإعلامية. الاعلام الدبلوماسي لا يتدخل بشؤون الدول ولا يتعامل مع أهداف بسيكولوجية المجتمعات بحيث غالباً ما يعتمد على المعلومات التي تم جمعها بصورة دقيقة لكي يكون هو الواجهة المرجوة لذلك سواء كتعاون أو استثمار اقتصادي /ثقافي/ طبي. ويتاثر الاعلام الدبلوماسي بالمتغييرات الدولية والاقليمية والمحلية سواء الاقتصادية منها أو السياسية وبدأت نظريات جديدة بالاعلام الدبلوماسي وارتباطاتها تسمى (بالدبلوماسية الترابطيةAssociative Diplomacy ) وهو تكوين المجموعات الأقليمية والدولية وخاصة بعد انهيار وتلاشي حركة عدم الأنحياز وإنتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي الى دول ويبدو هذا الأتجاه واضحأَ بالفترة الأخيرة مثل السوق الأوربية المشتركة EEC والتي توسعت الى الأتحاد الاوربي EUوفي النطاق العربي مجلس التعاون الخليجي GCC وقد خدم الأعلام الدبلوماسي هذه المكونات الترابطية بالتعريف بنشاطتها أكثر من الأعلامي الكلاسيكي أو الأعلام السياسي الذي سوف نتطرق له في أدناه.
أما الاعلام السياسي هو أهم دعامات الثورة التكنولوجية الحديثة والذي أحدث انقلأبا شبه جذري في كل مجالات الحياة المعاصرة وسلوكيات أفراد المجتمع، وأحد اهداف الاعلام السياسي في العالم العربي هو أعلام موجه من قبل السلطة السياسية لخدمة بقائها بالسلطة وتلميع صورتها أمام الجميع( التثقيف والتسويق السياسي) بينما الاعلام السياسي الغربي موجه سياسيا لخدمة مصالحهم الاستراتيجية، والأعلام السياسي أحد أهم أهدافه بتوجيه العالم نحو هدف ما يروم به هرم السياسة ومثال ذلك كما حصل بالأعلام الامريكي وعلى رأسه الرئيس بوش الابن عندما قاد الحملة الاعلامية السياسية ضد العراق بانه يمتلك أسلحة دمار شامل وأستخدم الاعلام السياسي التجاري ليوجه العالم ضد العراق ولم يكن للعراق أي صلة من هذه الاتهامات. الأعلام السياسي هو الخطاب المعسول السياسي والذي يوصف بأنه القوة الأكثر تاثيرأً في مسار حياة الشعوب وإتجأهاتها ويعمل بنفس قوة السلاح. الأعلام السياسي أداة بحد ذاته إذ أحسن إستخدامها أستطاعت أن تؤثر كما تؤثر الاسلحة الفتاكة الأخرى وربما أكثر، ومثال ذلك ما حصل بما يسمى بالربيع العربي حيث تغيرت أنظمة وحكومات عريقة ورصينة من ناحية أجهزتها الأمنية والعسكرية ولكنها انهارت بفعل الأعلام مما كان لونه والجهة الداعمة له.فالاعلام السياسي هو اداة للسياسة وهو القادر على التاثير على عقول الناس وأتجاهاتها كما قال(ماك كويل) عالم الاجتماع : بأن تاثير وسائل الاعلام على العقل البشري أخطر من السلاح الناري لكون الاول يتعامل مع عقول وسلوك الناس عكس السلاح الناري وبالتالي يلعب التضليل الاعلامي دوره فعاليه أكبر في غسل عقول قليلي التجربة والمعرفة من الناس. الرئيس الامريكي الاسبق ريشارد نيكسون يقول بأن تاثير الاعلام السياسي بكل أنواعه( الصحافة،الدوريات، الاذاعة، التلفزيون، الفضائيات، الانترنت) يقوم على تحريك الشعوب حسب الهدف المخطط له وأختراقهم في قضاياهم الوطنية أو القومية أو حتى الأستراتيجية، وهذا الاختراق يؤدي الى تغييرات أساسية في البيئة الثقافية والدينية والاقتصادية وهذا ما حصل في يوغسلافيا عندما أنهارت وتقسمت على دويلات والتي لعب فيها الأعلام السياسي دورأً مهما بقوة الحرب التي دارت رحاها هناك وربما أقوى.
حيث كانت ولا زالت المطابخ الدبلوماسية وخاصة الغربية تتفنن بالأعتناء والأهتمام بالأعلام الدبلوماسي والسياسي لكونه العامل المؤثر على أغلب شرائح المجتمعات وخاصة مجتمعات العالم الثالث التي لا تزال تعيش على أفكار وأيديولوجيات الطائفية والمذهبية والعشائرية والانتهازية والفوقية والوصولية والحزبية وبالأضافة الى بعض الشرائح المجمتع في مختلف بقاع العالم التي تطفو وتعيش في مستنقعات الاعلام الدبلوماسي السياسي الذي يوظف الأعلام لغرض أهداف السياسية إستراتيجية بعيداً عن الحقائق الواقعية وهذا ما تابعناه وبعد أحداث سبتمبر2001 وإعلانه الحرب على ما يسميه بالإرهاب والحديث لم ينقطع حول توجهاته الفكرية والسياسية ووظف الأعلام الأمريكي والغربي لتحقيق هذه الأهداف .
وفي الختام الأعلام الدبلوماسي أعلام محدود الأهداف آني الوقت ذات تأثير معين بوقت بمكان محدد وبأدوات معلومة ومخطط لها من قبل هرم الدولة مثل الاتفاقيات التجارية أو العسكرية أو الطبية ويكون الكادر الدبلوماسية طرفا فيها.
بينما الأعلام السياسي هو أعلام مسير لسياسات مؤثرة كبيرة تسعى الى أستراتيجيات جديدة ويتخذون منه منبرأً لايصال أصواتهم للشعب وغالبأً ما يكون وسيلة اتصال بين الحكومة والجماهير، ويظل الاعلام السياسي مرهونا بالاجندة السياسية لهرم الدولة ونظامه لغرض التلميع والتثقيف السياسي .
دبلوماسي سابق