معركة إنقاذ الأوطان

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/أبريل/٢٠١٦ ١٣:٠١ م
معركة إنقاذ الأوطان

محمد بن سيف الرحبي www.facebook.com/msrahbyalrahby@gmail.com

أنظر بتفاؤل إلى الحالة الليبية وما يرشح عنها من أخبار دالّة على أن معركة إنقاذ الوطن الممزق تسير نحو هدف واضح، حيث لا يفترض أن يسقط وطن بعد أن سقط طاغيته، ولا ينبغي أن ينجرّ أبناء ليبيا إلى التناحر من أجل أجندة خارجية لها حساباتها بدلاً من بناء بلد آن له أن يخرج من فوضى ما بعد رحيل “العقيد”.

المعركة المبتغاة الآن هي معركة البناء.. لا استيراد القتلة ولا تصدير المزيد من الجثث، فطرابلس مدينة يحق لها أن تعيش تحت ضوء القرن الحادي والعشرين كما هو حق بنغازي ومصراتة وسائر مدن الوطن الليبي الواحد، بكافة مكونات الوطن وقد أنهكه النزف، وخسر في المرحلة الانتقالية مقومات هائلة من البشر والمال، لكن، لعل الأزمة تشارف نهاياتها، وهي النهايات التي تتمدد، لمرحلة ما، حيث إن صناعة الحرب أسهل بكثير من فن تحقيق السلام، وفي العرف العربي فإن الثارات لا تنام مبكراً، إنما تظل تستيقظ عقوداً، ولعل صوت الحكمة يعلو مع سيادة دولة القانون، وإلقاء رجال الميليشيات المسلحة بنادقهم لتعلو السواعد بالبناء، وفي ذلك خير للجميع، متفقين أو مختلفين.

كان من البديهي أن يحدث ما حدث.. وأن تحتاج ليبيا، كغيرها، الدخول في سياقات البحث عن النهوض المناسب وسط مكونات متفرقة المشارب والمصالح، وبعد عقود من طغيان حكم الفرد الواحد، وفق مزاجات متقلبة، لكن شواهد التاريخ أيضاً حاضرة في أن الشعوب ستجد مصلحتها المشتركة، تأخر الزمان أو أسرع في التئام المشتركات إلى بعضها البعض، هي قصة الصراع الإنساني المتوارث، حيث الأزلية حاضرة في المراوحة بين حرب وسلم، فلا حرب دائمة، كما أنه لا سلام مستمراً.. إن لم تتغيّر قواعد الأشياء فتحيدها عن المسار الذي تنتهجه عقليات دعاة الحرب.. أو السلام.

معركة إنقاذ ليبيا تعطي مؤشرات إيجابية، كون المجتمع الدولي متفقاً على “حكومة وفاق” مدعومة منه، عكس مسار مهمة إنقاذ الوطن السوري التي تخضع لاختلافات اللاعبين الدوليين في ملعب اكتظ بالجثث والدم، وهجّر ملايين الناس من منازلهم ليعيشوا في ملاجئ تترقب الصدقات تدفع بها البرد والجوع، والعقدة الأهم بين سائر الأطراف: هل يبقى الأسد أم يرحل؟ وهل هو عقدة المشكلة أم عقدة الحل؟!

في العراق يحاول رئيس الوزراء “العبادي” إنقاذ مشاريعه الإصلاحية ليتمكن المواطن العراقي من معاودة الإيمان بوطنه الذي عاش عقوداً من الحروب، أن تكف هذه اللعبة القذرة عن التهام مقومات بلد بالغ الثراء، بقوته البشرية أولاً والتي تقود قاطرة بقية الموارد، ليكون سداً عربياً يستحق حمايته أبناء العراق أولاً وأخيراً.

أسوق تلك البلدان الثلاثة كنماذج على معركة إنقـاذ الأوطـان؛ لأن البديل هو تنظيم داعش، وقد أثبت أنه ليس ميليشيا مسلحة يمكن احتواؤها حينما ترتفع رايات السلام في الوطن الواحد، باتفاق مصالحة “داخلي”، أو اتفاق مصالح “خارجي”.