مسقط - الشبيبة المواطنة بين أفراد المجتمع العماني صمام الأمان للوحدة الوطنية
تطبيع المناهج الدراسية بقيم المواطنة لينشأ جيل محافظ الوحدة والهوية الوطنية
الوسطية الدينية دستور قائم بين الحاكم والمحكوم في السلطنة
عقدت وزارة التربية والتعليم ممثلة بدائرة المواطنة الجلسة الحوارية «المواطنة وقيم الوسطية والتسامح» صباح أمس (الثلاثاء)، بمسرح ديوان عام الوزارة، وذلك برعاية سعادة الشيخ أحمد بن عبدالله بن سالم الفلاحي مستشار الوزيرة، وبحضور سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وعدد من المستشارين ومديري عموم ديوان عام وزارة التربية والتعليم.
لترسيخ قيم المواطنة
استهدفت عددًا من موظفي ديوان عام الوزارة، ومجالس أولياء الأمور لعدد من مدارس المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة مسقط؛ وذلك بهدف توضيح مفهوم الوسطية والتسامح على مستوى العلاقات الإنسانية، وإدراك العلاقة بين المواطنة وقيم الوسطية والتسامح، وترسيخ أهميها في حياة الشعوب بشكل عام وبناء شخصية المواطن العماني بشكل خاص، ومناقشة الدور التربوي في نشر قيم التسامح والوسطية.
محاور الجلسة الحوارية
تضمنت الجلسة الحوارية التي أدارها شهاب السالمي الإعلامي بقناة الاستقامة الفضائية وبمشاركة سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، والدكتور ناصر بن علي الندابي الخبير بمكتب المدير العام في المديرية العامة لتطوير المناهج، عددا من المحاور، ومنها: «الوسطية والتسامح ودورهما في بناء شخصية المواطن العماني»: والذي تم التطرق فيه إلى مفهوم كل من الوسطية والتسامح ومدى ارتباطهما بمفهوم المواطنة، فالوسطية تحمل معانٍ ثلاثة، وهي: الوسطية الظرفية المكانية، وهي بمعنى القوة عند التشارك بين طرفين، وهي عكس التطرف الذي فيه الضعف والانحلال، والمعنى الثاني لها هو العدل، من منطلق قوله تعالى:» وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس»، ومعنى الشهود هنا هو الشهود الحضاري الذي فيه الريادة والتوجيه الحضاري للناس، والمعنى الأخير فهو: الشرف ، فيقال: ( فلان أوسط قومه): أي أشرفهم، وإذا ما تم تحليل الوسطية فسينتج عنها التسامح والتشارك وهو ضد التعصب، وكل من التسامح والوسطية سينتج عنهما الوطنية، وهي مصدر صناعي مأخوذ من الوطن ويعني الانتماء للوطن، لذا تم صياغة مفهوم المواطنة منها، ويأتي كل من التسامح والوسطية ترجمة للسلوك الانسان في هذه الوطن فهنالك ترابط وثيق بين هذه المفاهيم، وكل منهما ينتج الآخر، كما تناول هذا المحور «مدى تأثير قيم الوسطية والتسامح في شخصية الإنسان العماني على مر التاريخ»، فهذه القيم كانت راسخة في فكر الشعب العماني منذ القدم وقبل ظهور الإسلام ، فعمان أحيطت ببحر من الرمال ومن الماء، التي أصبحت بهما بعيدة ومستقلة بذاتها عن الحضارات الأخرى، وهذا بدوره جعل من الشعب العماني يحافظون على فطرتهم السوية، وعندما جاءهم داع الرسول الكريم لدعوتهم للإسلام لم يرفضوه بل أسلموا طوعا كون أن ما جاء به من تعاليم وقيم تتوافق مع فطرتهم وفكرهم، بل ودعمه، واستمر إلى وقتنا الحاضر، ومن الأمور التي دعمت فكر الوسطية والتسامح في الإنسان العماني هو المذهب الإباضي الذي جاء منصفا ومعتدلا وساعيا للقضاء على الظلم وداعيا للرجوع إلى الوسطية، والدليل على ذلك أن شتى أطياف المذاهب وجدت في عمان بل مختلف الديانات وبقت واستمولت فيها حيث كان أكثرهم من يعمل بالتجارة وعاشوا فترة زمنية غير قصيرة فيها في ظل الأئمة الإباضية الذين حكموا عمان، كما تم الإشارة إلى أن من أسباب رسوخ قيم الوسطية والتسامح في شخصية الانسان العماني على الرغم ما يموج بها من صراعات وفتن عبر العصور المختلفة: هو أن العمانيين تعاملوا مع شعوب وديانات عدة في العالم سواء كانت هذه الشعوب من شرق افريقيا أو من شرق آسيا عبر أسفارهم ورحلاتهم التجارية والفتوحات المختلفة والذي بدوره رسخ فيهم قيم التسامح النابع من الوسطية، وكذلك الخطاب الديني بعد مجيء الإسلام وقيام دولة الأئمة القائمة على الوسطية الدينية كان له الدور الكبير في ترسيخ هذه القيم، ويجدر بالذكر أنه لم تثبت أي مظلومية واحدة على أساس مذهبي أو عرقي أو ديني في عمان عبر تاريخها العريق فكلهم سواسية أمام القضاة والأئمة العمانيين، مما أدى إلى ترسيخ الوسطية الدينية كدستور بين الحاكم والمحكوم، ومن هنا نبعت المواطنة بين أفراد المجتمع العماني، التي تعد صمام الأمان للوحدة الوطنية ، أما المحور الثاني الذي تضمنته الجلسة الحوارية هو «الوسطية والتسامح التاريخ العماني» وقد تم التطرق فيه إلى العديد من الأحداث التاريخية التي أكدت على وجود قيم التسامح والوسطية لدى الشعب العماني، فعلى سبيل المثال: أن العمانيين نأوا بأنفسهم عن الدخول في الفتنة التي عصفت بالمدينة المنورة في أواخر الخلافة الراشدية، كما أن العمانيين اعتادوا على النهج الإسلامي الواضح في حياتهم المنبثق من كلام الصحابة الذين نقلوا تعاليم الدين الإسلامي على لسان النبي الكريم، واتباع النهج القرآني، لذا استقلوا بحياتهم بعيدا عن التيارات الإسلامية التي عصفت بالدولة الإسلامية من بعد وفاة الخلفاء الراشدين، ومن الأحداث التاريخية أيضا أن العمانيين كانت تربطهم وشعوب العالم باختلاف دياناتهم علاقات تجارية ومازالت مستمرة وهذا يدل بحد ذاته على التسامح والوسطية التي يتحلى بها العمانيون، وفي عهد النهضة المباركة أصبحت عمان مضرب الأمثال في التسامح والسلام والوسطية وهذا كله بفضل الفكر النير من لدن جلالة السلطان قابوس ـ حفظه الله وأبقاه ـ أن كرس هذا المفهوم التسامحي والوسطي في الشعب العماني، كما تطرق المحور الثالث» التربية والتعليم ودورها في نشر قيم التسامح والوسطية» إلى الدور الجليل الذي تقوم به الوزارة في غرس هذه المفاهيم في نفوس الناشئة في ظل العولمة والانفجار المعرفي التي قد تقوض من الوطنية لديهم ، وذلك من خلال تطبيع المناهج الدراسية بهذه القيم، لينشأ جيل متشبع بهذه القيم ومحافظ الوحدة والهوية الوطنية.
وفي ختام الجلسة الحوارية تم مناقشة المشاركين فيها من قبل الحضور، كما قدم سعادة الشيخ أحمد بن عبدالله بن سالم الفلاحي مستشار الوزارة راعي المناسبة هدية تذكارية للمشاركين في الجلسة الحوارية، كما قدمت نظيرة بنت أحمد الحارثية مديرة دائرة المواطنة بالوزارة هدية تذكارية لراعي المناسبة.