خارطة للاحتلال تطمس معالم القدس

الحدث الأربعاء ٠٦/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص
خارطة للاحتلال تطمس معالم القدس

القدس المحتلة – زكي خليل
"المستوطنات بدل الكنائس: القدس حسب خارطة وزارة السياحة الإسرائيلية" وتحت هذا العنوان ينشر الصحفي الصهيوني نير حسون تقريرا في صحيفة "هآرتس" قال فيه إن الخارطة السياحية التي توزعها وزارة السياحة الإسرائيلية على السياح الذين يصلون إلى القدس العربية المحتلة تظهر موقعا إسلاميا واحدا، وخمسة مواقع مسيحية، ولكن في المقابل تظهر عشرات بيوت اليهود والكنس والمدارس الدينية اليهودية.
وتشمل الخارطة المرسومة، والمكتوبة باللغة الإنجليزية، قائمة بأسماء 57 موقعا للزيارة في البلدة القديمة. والى جانب كنيسة القيامة، وحائط البراق والهيكل (الحرم القدسي)، تظهر فيها اماكن مثل بيت فايطنبرغ، بيت الياهو، بيت الجيش، بيت دانون، بيت حبرون، بيت رعوت، بيت غوري، بيت حباد وغيرها، وكلها بيوت اشتراها اليهود، غالبا بواسطة جمعية عطيرت كوهنيم، في الحي الإسلامي، لكنه ليس من الواضح ما مدى اهميتها للسائح الذي يتجول في الأزقة. ولا تشمل الخارطة أي ذكر للمسجد الأقصى أو أي موقع إسلامي آخر، باستثناء قبة الصخرة. ومن بين 57 موقعا هناك خمسة مواقع مسيحية فقط.
ويلاحظ الكاتب أنه تم بذل جهود كبيرة من قبل من أعدوا الخارطة، من أجل شطب الأسماء العربية للمواقع في القدس. هكذا، مثلا، تم تسجيل الأسماء العبرية للمواقع في الحرم القدسي: جبل الهيكل وجبل موريا، دون أن يتم استخدام الأسماء التي يعرفها سكان البلدة القديمة: الحرم الشريف أو الأقصى.
ورغم ظهور رسم للمسجد الأقصى على الخارطة إلا أنه لا يتم ذكر اسمه، وكتب إلى جانبه اسم "اسطبلات سليمان" بدل اسم المسجد المرواني، كما يسميه الفلسطينيون.
وعندما تظهر الأسماء العربية لبعض المواقع في الخارطة نجد أنه تم كتابتها بشكل خاطئ، فبدلا من "Silwan" (سلوان)، كتب "Silean"، وبدلا من "Wadi Hilwa" (وادي حلوة)، كتب "Wadi Hilva".
وتصل الخارطة إلى قمة العبثية حين تتطرق إلى كل واحد من البيوت التي يسكنها اليهود داخل الحي الإسلامي. ومن بين 57 موقعا للزيارة ذكرتها الخارطة هناك ما لا يقل عن 25 بيتا يهوديا، كنيسا أو مدرسة دينية، وهي في قسمها الأكبر غير معروفة حتى للمرشدين السياحيين المجربين في المدينة ولا تنطوي على أي اهمية بالنسبة للسائح.
وفي المقابل لا تظهر الخارطة الكثير من الاماكن المسيحية بالغة الأهمية في المدينة، ككنيسة "سانت آنا" بالقرب من بوابة الأسود، أو كنيسة المخلص التي ترتفع فوقها أعلى قبة في البلدة القديمة.
وبينما يتم الإشارة إلى طريق الآلام في الخارطة، إلا أنه لا يجري ذكر أي محطة من محطاته التي يسير فيها ملايين الحجاج المسيحيين كل سنة. كما لا تظهر مباني هامة اخرى للسياح المسيحيين، كمبنى البطريركية اليونانية الأرثوذكسية أو دير سان سلفادور الفرنسيسكاني.
وتغيب المواقع الإسلامية كلها تقريبا عن الخارطة. فعلى الرغم من وجود الكثير من المواقع الإسلامية التي يزورها السياح في البدة القديمة، والتي تعتبر نقاط تاريخية هامة في المدينة، إلا أنه لا يظهر الا قبة الصخرة، تحت اسم "جبل الهيكل".
ويضيف حسون، ان تشويه الصورة لصالح المستوطنين ينعكس خارج حدود البلدة القديمة، ايضا. فعلى جبل الزيتون، يظهر اسم المستوطنة اليهودية "معاليه زيتيم"، التي تعيش فيها 100 عائلة يهودية، دون أي ذكر لعشرات آلاف العائلات الفلسطينية التي تعيش هناك. وتم الاشارة إلى اسم راس العامود داخل المقبرة اليهودية. وبينما وجدت المدرسة الدينية بيت اوروت ومركز الزوار التابع لمدينة داود مكانا لها على الخارطة، الا انه تغيب عنها الأحياء الفلسطينية الكبيرة كالطور وراس العامود، وتظهر بدلا منها رسوم لجبال خضراء تمتد شرقي المدينة.
ووجه المرشدون السياحيون الإسرائيليون انتقادات شديدة إلى هذه الخارطة، وقال شالوم بوغوسولبسكي، معقبا: "ليس فقط ان وزارة السياحة امتحنتني في معرفة المواقع الإسلامية التي تغيب عن هذه الخارطة، وانما تتوقع مني ايضا ان أروج "التوجه الاعلامي" الإسرائيلي. كيف يمكنني تفسير هذا الأمر؟ نعم سيدي السائح، نحن لم نقرر بعد ما اذا كنا دولة أو شطاعطال (بلدة بلغة الايدش)، ولذلك قام موظف ما بإخفاء 1300 عام من التاريخ المقدسي من الخارطة، ووضع مكانها بيوت رفاقه".
وقالت وزارة السياحية الإسرائيلية انها "تقف وراء ما يظهر في الخارطة التي تم اصدارها بالتعاون مع مرشدين سياحيين مع اخذ توصياتهم وخبرتهم في الاعتبار. وهي خارطة مريحة تفصل المواقع الرئيسية للسياح. ومنذ نشرها خدمت بشكل ممتاز وبرضى تام الاف السياح الذين زاروا المكان"! حسب زعمها.
وقال الباحث والدليل السياحي د. شمعون غات، إن الخارطة تتجاهل "37 مدرسة، سبل للمياه، وقصر الست طنشق، الذي يعتبر من أكبر البنايات في البلدة القديمة".