التعامل مع وكالات التصنيف الإئتمانية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٥/يناير/٢٠٢٠ ١٢:٠٥ م
التعامل مع وكالات التصنيف الإئتمانية

عيسى المسعودي

كما توقع أغلب المتابعين والمحللين لم يطرأ جديد على الميزانية العامة للدولة لعام 2020 فهي تقريباً كالعام الفائت بمعدل زيادة بسيطة حيث وصل اجمالي الانفاق 13.2 بليون ريال عماني وبعجز 2.5 بليون ريال عماني وهذا يعني ان الحكومة تحاول تعزيز الاستقرار المالي بمعدل ثابت تقريباً رغم تحديات تذبذب اسعار النفط وتأثير ذلك على الميزانية طوال السنوات الخمس الاخيرة والتي جعلت العجز التراكمي يرتفع بشكل مزعج ليصل الى حوالي 20.2 بليون ريال عماني!لاشك ان هناك امورا كثيرة يمكن الحديث عنها حول الميزانية والاجراءات التي قامت بها الحكومة خلال الفترة الفائتة او التي ستقوم بها خلال الفترة المقبلة بهدف مواجهة التحديات المترتبة من تقلب الظروف الاقتصادية والمالية الحالية وسواء اتفقنا مع هذه الاجراءات او لم نتفق فالأمور تسير وفق توجهات وماتريده الحكومة فهي التي تعرف اكثر منا بمختلف الظروف والتحديات التي تواجهها في هذا المجال .

شاركت في اللقاء الذي نظمه مكتب التواصل الحكومي ليلة اصدار الميزانية ولقد سجلت عددا من الملاحظات والافكار التي قد نتشارك فيها خلال المقالات المقبلة ومن بينها الحديث اليوم عن اهمية ودور وكالات التصنيف الائتمانية حيث اشار المسؤولون في اللقاء حول موضوع هذه الوكالات وكيفية رفع تصنيف السلطنة حيث بلاشك التصنيف الحالي يؤثر كثيراً على مجالات عديدة من بينها التمويل وجلب الاستثمار الاجنبي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي ولنقرب اولا الصورة للجميع علينا ان نتعرف على اهمية ودور هذه الوكالات الائتمانية فهي ببساطة تلعب دوراً كبيراً في المنظومة الاقتصادية العالمية فصناع القرار وأصحاب رؤوس الأموال يعتمدون على تقييماتها بشكل رئيس وأولي قبل اتخاذ قراراتهم الاستثمارية والتصنيف الائتماني من الامور المهمة فهي تظهر تقييم مدى قدرة دولة ما على سداد ديونها ، فمعنى تصنيف ضعيف أن هناك احتمالا بألا تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها ، أما التصنيف المرتفع فيعني أن المدين قادر على الإيفاء بكل التزاماتها الائتمانية في الوقت المحدد دون أية مخاطر ، وبمعنى آخر تستطيع الدول ذات التصنيف الائتماني الجيد مثل « المرتفع « الحصول على قروض بفائدة أقل من الدول الاخرى التي يكون لها تصنيف « ضعيف « فأقل ، أي أنه كلما ارتفع التصنيف الائتماني فإن مخاطر عدم الوفاء أو التخلف عن السداد في المواعيد المحددة تقل، ما يؤدي إلى احتساب نسبة منخفضة على الفائدة المقررة ، وهذه التعريفات لدور واهمية هذه الوكالات تدركها كافة الحكومات كما ان جميع المختصين يدركون ايضا ان هذه الوكالات الائتمانية لها اهداف معينة وتلعب لمصالح مختلفة وهناك العديد من الحكومات تتهمها بانها وراء العديد من الازمات المالية لبعض الدول على مستوى العالم .

السلطنة تتعامل مع ثلاث وكالات رئيسة هي موديز و ستاندرد آند بورز العالمية ومؤسسة فيتش وللاسف الشديد هذه الوكالات تصدر بيانات بين فترة واخرى تؤثر على التصنيف الائتماني للسلطنة فعلى سبيل المثال خفضت وكالة موديز تصنيفها للسلطنة في الربع الاول من هذا العام إلى BA1 وهي درجة ما دون الاستثمار مع نظرة سلبية وتوقعت موديز أن يظل العجز المالي في السلطنة مرتفعاً حيث يتراوح بين 7 % إلى 11 % من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الثلاث المقبلة حسب تقرير موديز كما أعلنت الوكالة أنها خفضت تصنيفها للسندات الممتازة وسندات المُصدر طويل الأجل لحكومة السلطنة إلى BA1من BAA3وتعد موديز آخر وكالة من بين وكالات التصنيف الرئيسة الثلاث التي تصنف السلطنة إلى درجة غير استثمارية حيث صنفت ستاندرد آند بورز العالمية السلطنة عند درجة BB، أي أدنى بمستويين من درجة الاستثمار ومؤسسة فيتش عند مستوى واحد أقل من درجة الاستثمار ، مما يجعلنا نأخذ هذا الموضوع ليس كمؤسسات حكومية فقط وبشكل فردي وانما على مستوى كافة المؤسسات المعنية بمتابعة هذه الوكالات وتحديد الطرق الصحيحة في كيفية التعامل معها ومع التقارير التي تبثها بين فترة واخرى عن السلطنة كما تقوم حالياً باقي الدول في المنطقة وعدم ترك هذه الوكالات بتجميع البيانات والمعلومات بطرق مختلفة دون متابعة اضافة الي توضيح المؤسسات الحكومية لهذه الوكالات عن كافة التوجهات والخطط الحالية والمستقبلية التي يمكن ان تساعدها او تساهم في اصدار تقارير ائتمانية مبنية على واقع وليس مجرد تحليلات لبعض المعلومات التي قد لانعرف من اين مصدرها .

ان التقارير التي تصدرها هذه الوكالات الائتمانية في غاية الاهمية وتؤثر على التصنيف العام للسلطنة وعلى باقي المؤسسات وعلى نظرة المؤسسات والمستثمرين لفرص الاستثمار والاستقرار في البلد ، فطالما تتوجه الحكومة لتعزيز مصادر الدخل وجلب الاستثمارات الاجنبية فان على المؤسسات المعنية اخذ تقييم هذه الوكالات بجدية أكبر من الوقت الحالي حيث اقترح تشكيل فريق ذي خبرة يضم كبار المسؤولين بدرجة وزير او وكيل في وزارة المالية وفي المجلس الاعلى للتخطيط والبنك المركزي وذلك للجلوس مع الفنيين في هذه الوكالات واعطائهم البيانات والمعلومات الصحيحة والتوضيح لهم بشكل رسمي عن التوجهات وخطط الحكومة في مختلف المجالات الاقتصادية والرد على اي استفسار او ملاحظات قد يتم طرحها بهدف اعطاء هذه الوكالات الصورة الكاملة للوضع الاقتصادي والمالي فهذه الخطوة بلاشك ستكون ايجابية وستساهم وبشكل كبير في اصدار تقارير وتقييمات واقعية وايجابية تخدم الاستقرار الاقتصادي بالسلطنة .