قانون الاستثمار الأجنبي.. بداية طموحة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/يناير/٢٠٢٠ ١١:٥٨ ص
قانون الاستثمار الأجنبي.. بداية طموحة

علي المطاعني

يبدأ تطبيق قانون الاستثمار الأجنبي الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (50/2019)، التزامًا بما نص عليه المرسوم بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وإيمانًا بأن ذلك هو طريق المستقبل لبناء اقتصاد أكثر ديناميكية وأكثر انفتاحًا على الآخرين وللاستفادة من إمكانياتهم وخبراتهم وتقنياتهم لرفد الاقتصاد الوطني، وتعزيز سُبل الاستثمار الجاد في السلطنة بدون أي قيود على رساميل الأموال أو‏ غيرها، اللهم إلا في بعض الأنشطة المقتصر الاستثمار فيها للمواطنين، وما دون ذلك؛ فمجالات الاستثمار للأجانب مفتوحة على مصراعيها وفي كل القطاعات الاقتصادية والخدمية، مقترنة بحوافز غير محدودة، وصولًا إلى أن ما يحظى بها المستثمر الوطني سيحظى بها المستثمر الأجنبي الجاد ووفقًا للقوانين المعمول بها في السلطنة سواء من الإعفاءات للمشروعات الاستثمارية ومن الضرائب أو الرسوم الجمركية وغيرها وفي إطار قانون الجمارك الموحد وقانون ضريبة الدخل وتخصيص الأراضي اللازمة للمشروعات الاستثمارية وتوفير الضمانات وفق القوانين المعمول بها في السلطنة، كل ذلك سيغدو متاحًا للاستفادة منه بدون أي تمييز أو حدود، الأمر الذي يشكّل منعطفًا كبيرًا ومهمًا للاستثمار في البلاد، ويزيح كل الحواجز ويلغي كل القيود التي يتحجج بها البعض أو يضعها عقبة، إلى غير ذلك من إشكاليات ستغدو ومن مطلع يناير 2020 من حكايات الماضي .

ذلك يعني أننا الآن في حلبة سباق مع الزمن لجذب المستثمرين الأجانب للبلاد، الأمر الذي يتطلب من الجميع العمل على تعزيز الجوانب المشرقة للاستثمار وتحفيز المستثمرين بما يسهم في النهوض بالاقتصاد الوطني إلى المستويات التي نتطلع إليها جميعًا، وهي بناء اقتصاد وطني قادر على التعاطي مع المتغيّرات الاقتصادية العالمية ويواكب المستجدات على كافة الأصعدة والمستويات مستفيدًا من المقومات والموارد التي تزخر بها السلطنة ومسخِّرًا مواردها الطبيعية ومستغلًا موقعها الجغرافي المميّز إضافة للتسهيلات المتوفرة لكل مشروع، جاء ذلك ليضيف قيمة مضافة عالية للبلاد والعباد.

بلا شك أن بدء تطبيق قانون الاستثمار الأجنبي في وقته المحدد بالمرسوم السلطاني السامي يعد إشارة واضحة إلى ما ترنو إليه الحكومة ويؤكد على جديتها في التعامل مع الاستثمار الأجنبي، وبذلك ترسّخ مكانة السلطنة كجهة جاذبة للاستثمارات الخارجية ولزيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر وتوفير فرص عمل للكوادر الوطنية وتحسين تصنيف السلطنة في المؤشرات الدولية ذات العلاقة بالاستثمار وانسيابيته.

فالجهود التي بُذلت من جانب وزارة التجارة و الصناعة و الجهات الاخري المعنية بالاقتصاد الفترة الماضية لاستصدار القوانين المحفّزة للاستثمار واجتيازها للمراجعات القانونية والتشريعية، ومن ثم إصدارها بشكل نافذ بعد ستة أشهر من صدورها في الجريدة الرسمية تشكّل بداية طيبة وجادة في تشجيع الاستثمارات على اختلافها وتهيئة البيئة الملائمة لها، مع ضمان توفير متطلبات العدالة عند نشوء خلافات توجب توجيه إنذار كتابي للمستثمر بالمخالفة المنسوبة إليه، وفي إطار مهلة لا تزيد عن الثلاثين يومًا في جميع الأحوال، وعدم مصادرة المشروع الاستثماري أو الحجز على أمواله إلا بحكم قضائي، وعدم نزع الملكية الخاصة بالمشروع إلا للمنفعة العامة وطبقًا للقانون، إضافة لكفالة حرية قيام المستثمر بجميع التحويلات الخاصة بالمشروع من وإلى السلطنة مع مراعاة القوانين المعمول بها في السلطنة، ويجوز للمستثمر نقل ملكية المشروع الاستثماري كليًا أو جزئيًا إلى مستثمر آخر، فهذه الضمانات تعد تطوُّرًا كبيرًا للاستثمار الأجنبي ‏تحقق له الطمأنينة الهادفة إلى ترسيخ الثقة في مناخ الاستثمار في السلطنة.

فالتملّك ووفقًا لقانون استثمار رأس المال الأجنبي بنسبة 100% بدون التقيّد بنسب معيّنة لرأس مال المشروع، ويحظى بمعاملة تفضيلية وفق دراسات الجدوى التي تقدم للجهات المختصة التي ألزمها القانون بالرد خلال فترة محددة وعدم ردها يعني الموافقة على المشروع.

إنّ المرحلة القادمة مفصلية في الاقتصاد العُماني عبر هذه التشريعات المحفّزة للاستثمار والتي تتطلب التهيؤ لها بالمزيد من الانفتاح من جانب المستثمرين على اختلافهم، وتحفّز على التنافس الحر بين المستثمرين ‏بما يخدم الاقتصاد الوطني ويُسهم في إضفاء القيمة المضافة العالية إليه؛ فهذه المرحلة الطموحة لإدارة الاستثمار في السلطنة سوف تكون لها نتائج إيجابية بالطبع على كل الأصعدة والمستويات وتُسهم في تضييق الفجوة بين الواقع والتطلعات .

بالطبع إن بيئة التشريعات أصبحت اليوم جاهزة ومهيأة بكل السُبل التي تخدم الاستثمار والمستثمرين ومن خلال مركز خدمات الاستثمار الذي سوف يتعاطى مع المبادرات الاستثمارية بتسريع خطواتها الإجرائية وتسهيل تراخيصها من خلال منظومة عمل متكاملة وعبر برنامج استثمر بسهولة، فليس هناك أي مانع أو عائق للاستفادة ممّا يتوفر للاستثمارات الوطنية والأجنبية إلا البدء في إرساء دعائم مشروعات طموحة وتنمية أموالهم وأصولهم من خلال التملّك والتسهيلات والمزايا والحوافز غير المحدودة .

نأمل أن تُكلل كل الخطوات الهادفة لتعزيز الاستثمار في البلاد بالنجاح والتوفيق وبما يخدم تطلعات الجميع، وبما يُسهم في خدمة الاقتصاد الوطني ويعزز من مساهمته في الناتج القومي الإجمالي ويعزز من سياسات التنويع الاقتصادي ويفتح آفاقًا أوسع أمام أبنائنا؛ فالاستثمار هو الذي يوفر فرص العمل لشبابنا، ويعد كأحد الخيارات الإستراتيجية التي تعمل حكومتنا بكل طاقتها لتأكيده على الأرض كواقع مُعاش .