للأسف ... هل هذا مشروع سياحي وهمي؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:٠٠ م
للأسف ... هل هذا مشروع سياحي وهمي؟

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

المشروع السياحي الوهمي الذي كثر التساؤل عنه مؤخرا نال الكثير من التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي باعتبار أنه محسوب على واحد من القطاعات الاقتصادية الهامة في البلاد، ألا وهو القطاع السياحي. فإجمالي الاستثمارات في قطاع السياحة التي أعلن عنها معالي أحمد بن ناصر المحرزى وزير السياحة في بيانه لمجلس الشورى مؤخرا تقدّر خلال سنوات الاستراتيجية السياحية (2016 – 2040) بنحو 18.9 بليون ريال عماني، بينما مشروع سياحي واحد أعلن عنه في العام الفائت من قبل بعض المستثمرين، والذي تم وصفه بمشروع سياحي وهمي تبلغ تكلفته الاستثمارية 6 بلايين دولار اي حوالي (2.3 بليون ريال عماني).
ورغم أهمية الاسثتمارات المطلوبة ضخها في قطاع السياحة وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى في إطار تنفيذ سياسة التنويع الاقتصادي للبلاد، إلا أن المشروع السياحي الوهمي يبدو أنه حبر على ورق حتى الان، وأنه ربما تم الترويج والتسويق له بصورة خاطئة في بعض وسائل الاعلام. ولكن حتى هذه اللحظة فإنه انقذ الآخرين من الدخول فيه، وإلا فان هذا الوهم كان بامكانه أن يؤدي بالبعض إلى خراب داره. ولولا تساؤلات أصحاب السعادة بمجلس الشورى في حوارهم مع معالي وزير السياحة عن ذلك، لكان بعض الأفراد والشركات العمانية وخاصة الصغيرة منها قد وقعت ضحية المعلنيين عن هذا المشروع الذي يصفه البعض اليوم بأنه "مشروع سياحي وهمي". وكما هو وارد في بيان هذا المشروع الذي نال مساحة كبيرة من الاعلان في وسائل الاعلام في العام الفائت، فانه من المفترض أن يتم تنفيذ جميع مراحله على 6 سنوات، خاصة وأن بداياته كما ورد في المؤتمر الصحفي الذي عقد من أجله بأنه كان يهدف إلى تأسيس عدد من المشاريع السياحية منها بناء 5 فنادق عالمية ذات 5 و7 نجوم ومستشفى طبي رياضي عالمي.
هذا المشروع الوهمي يأتي كشف تطوراته بعد عام واحد منذ الاعلان عنه. ويتبين من المعلومات المتعلقة بهذا المشروع أنه لشخصية عمانية وبأرض خاصة ملك له، وليس للوزارة المعنية أي شأن بها. وأن الوزارة قامت بمتابعته بعد ما تم النشر عنه في وسائل الاعلام، وتبين لها أن هذا "المشروع" لا وجود له في الحقيقة. ومن خلال ما جاء عن المشروع في التقارير المعلنه، فان هناك عمانيين وشركة قابضة خليجية قطرية، ومقاولين ومصممين معروفين وغير معروفين بدبي وقطر وشخصيات خليجية أخرى كانت من المفترض أن تقوم ببقية الاعمال الموكولة لها في مجال الانشاء والتصميم والتطوير وإدارة المشروع والاستشارات الهندسية وغيرها من الأعمال التي تتطلب القيام بها في مثل هذه المشاريع الضخمة.
تصريحات معالي الوزير كشفت الغموض الذي يلف هذا المشروع الذي تتجاوز "استثماراته المزعومة" أكثر من بليوني ريال عماني. ولو كان مشروعا فعليا وحقيقا لوصلت تفاصيله إلى الوزارة المعنية لدراسته وتسهيل مهام المستثمرين والراغبين فيه للمضي قدما في تنفيذه، بجانب تقديم العون والمساعدة والتسهيلات المطلوبة. ولكن يبدو أنه في إطار بعض المشاريع الوهمية التي يعلن عنها سواء في المجال السياحي أوالعقاري في بعض الدول العربية للحصول على التسهيلات الائتمانية من المصارف والحصول على الدعم اللوجستي والاراضي المجانية من الجهات المعنية، فقد تم الاعلان عن هذا المشروع أيضا. ولو كان هناك رد فعلي سلبي واجهه المعلنون واصحاب هذه المشاريع لعلمت الوزارة بذلك، وهذا ما يتطلب متابعته بحيث لا تُتهم أي جهة حكومية رسمية في المستقبل بأنها هي التي سببت في عرقلة المشروع أو ألغت فكرتها.
الدعوة موجهة للمستثمرين الذين وردت اسماءهم في هذا المشروع بأن يبادروا متابعته مع الجهات المعنية إذا كانوا جادين في تنفيذ هذا المشروع ليتحول من "مشروع سياحي وهمي" إلى "مشروع سياحي حقيقي". فأرض عمان تتسع لآلاف مثل هذه المشاريع، وكيف لا، وهو مشروع يمكن أن يوفر مئات الفرص للعمانيين، ويعزز من التجارب التنموية في البلاد إذا كان فعلا مشروعا حقيقيا.
المرحلة المقبلة التي أشار إليها معالي وزير السياحة سوف تشهد تأسيس المزيد من المشاريع السياحية في البلاد، والتي ستكون استثمارات القطاع الخاص هي التي تحتل الصدارة والمرتبة الأولى وبواقع 88% منها، بينما ستكون الاستثمارات الحكومية تمثل فقط 12%، الأمر الذي يؤكد بأن الكرة في ملعب المستثمرين الجادين والمؤسسات والشركات التي كل همها خدمة الاقتصاد الوطني والمشاركة في تنفيذ سياسة التنويع الاقتصادي والتعمين في البلاد.
وأخيرا نؤكد مثلما نوقش في مجلس الشورى بأن قطاع السياحة ما زال يعانى من بعض الاخفاقات، الأمر الذي يتطلب من الوزارة المعنية تسهيل مهام المستثمرين والراغبين، وتبسيط الإجراءات وخاصة لأفراد جيل الشباب الذي يتطلع للعمل وإدراة مشروعه الخاص في هذا القطاع الحيوي.