المؤسسات الحكومية والخاصة تحت مجهر الحوكمة

بلادنا الثلاثاء ١٧/ديسمبر/٢٠١٩ ١١:٣٩ ص
المؤسسات الحكومية والخاصة تحت مجهر الحوكمة

مسقط - خالد عرابي

انطلقت أمس فعاليات المؤتمر العربي «حوكمة الإدارة العامة: الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في العالم العربي» الذي ينظمه معهد الإدارة العامة، بالتعاون مع مركز عمان للحوكمة و الاستدامة والمنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، وذلك بفندق جراند ميلينيوم مسقط برعاية الوزير المسؤول عن الشؤون المالية معالي درويش بن إسماعيل بن علي البلوشي، وبحضور وزيرالخدمة المدنية، رئيس مجلس إدارة معهد الإدارة العامة معالي الشيخ خالد بن عمر المرهون، والمدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية سعادة الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، وعدد من الوزراء والخبراء والمسؤولين من غالبية الدول العربية. وناقش المؤتمر الذي ستستمر فعالياته على مدى ثلاثة أيام في جلسات اليوم الأول: محور «مسارات الحوكمة المؤسسية في الإدارة العامة»، كما سيناقش على مدى اليومين المقبلين محوري: «تحديات تطبيق الحوكمة المؤسسية» و»الحوكمة المؤسسية السبيل لتحقيق التنمية المستدامة».

وأكد الوزير المسؤول عن الشؤون المالية معالي درويش بن إسماعيل البلوشي في تصريحات للإعلاميين عقب افتتاح المؤتمر على أن حكومة السلطنة تولي أهمية كبيرة للحوكمة باعتبارها أداة فاعلة في تطويرالأداء والكفاءة في الإدارة الحكومية وتعززمباديء الشفافية والالتزام والمسائلة. كما أنها تمثل أحد المحاور الرئيسية في الرؤية الاقتصادية عمان 2040 .مؤكدا أن انعقاد هذا المؤتمر اليوم بالسلطنة يؤكد أهمية موضوع الحوكمة وأنه يتيح فرصة طيبة للمشاركين لاستعراض التجارب والخبرات المثلى في مجال تطبيق قواعد ومعايير الحوكمة.

الحوكمة في القطاع العام

وفي تصريح لوزير الخدمة المدنية، رئيس مجلس إدارة معهد الإدارة العامة معالي الشيخ خالد بن عمر المرهون أكد على «أن الحوكمة وتطبيق مبادئها في القطاع العام توجه عالمي متزايد، وقد أولتها السلطنة أهمية كبرى، حيث إعتمدت محور الحوكمة والأداء المؤسسي كأحد مرتكزات رؤية عمان (20/‏‏40)، واعتبرته ركيزة لتحسين فعالية الأداء المؤسسي وسيادة القانون، وأداة لرفع كفاءة الأجهزة الحكومية ووسيلتها لزيادة درجة التنسيق بينها، كما يأتي تنفيذه أيضاً لمواكبة الإهتمام الكبير الذي تحظى به هذه الممارسة على المستوى العالمي، في مختلف المجالات ــ الاقتصادية والمالية والإدارية ــ نظير ما يلقاه هذا التوجه من إهتمام متزايد من المنظمات الدولية والمؤسسات العلمية والأجهزة التنفيذية والجهات التشريعية في العالم.

يواكب التوجهات

وأشار معاليه إلى أن إقامة هذا المؤتمر من قبل معهد الإدارة العامة يواكب هذه التوجهات، تحقيقا لأهدافه ورسالته في التنمية الإدارية، الموضوعة في إطار رؤية الحكومة، وتعزيزاً لهذا الدور يتم تنفيذ هذا المؤتمر بالتعاون مع شركاؤنا المحليين والدوليين، حيث تتشارك في تنظيم هذا الحدث الهام عدد من الجهات المعنية بالتنمية الإدارية محلياً وعربياً وهي: معهد الادارة العامة بسلطنة عمان والمنظمة العربية للتنمية الادارية – الجامعة العربية، إلى جانب مركز عمان للحوكمة والاستدامة.
تعاون الجهاتواشاد معاليه بمستوى التعاون بين الجهات المنفذة، مؤكداً على أنه شكل ركيزة مهمة لنجاح المؤتمر بالصورة المطلوبة، فضلا عن الإستفادة المتوقعة من نتائجه في تنفيذ سياسة السلطنة في تطبيق الحوكمة في القطاع الحكومي، كما أشاد معاليه بالحضور العربي الواسع وبالمشاركة الرفيعة من المسؤولين في الدول العربية كمتحدثين رئيسيين في المؤتمر ومشاركين في فعالياته الى جانب ما من يقارب ثلاثمائة مشارك من ثمانية عشر دولة عربية في هذا الحدث الهام وهو ما يعكس الاهتمام الكبير بموضوع الحوكمة على مستوى الحكومات العربية كافة، فضلاً عن مشاركة المنظمات الدولية المهمة كشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، واللجنة الاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا)، ومنظمة الشفافية الدولية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). واثنى معاليه على المشاركة العمانية الفاعلة بعرض ومناقشة بعض التجارب في تطبيق الحوكمة، وعلى وجه الخصوص تجربة مجموعة نماء (شركة الكهرباء القابضة)، والشركة العمانية للاتصالات (عمانتل)، وصندوق الاحتياطي العام للدولة.
واكد معاليه على أن إقامة هذا المؤتمر في السلطنة يعد فرصة لتبادل الخبرات من قبل المختصين في مجالات حوكمة الإدارة، ودليل على المكانة المرموقة التي تحظى بها السلطنة على الساحة العربية والدولية من تقدير وإحترام بفضل المكانة الرفيعة لقائد مسيرة النهضة المباركة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.

حوكمة العمل الحكومي

وأكد الرئيس التنفيذي لمعهد الإدارة العامة السيد زكي بن هلال بن سعود البوسعيدي في كلمته الافتتاحية في المؤتمر على أن المؤتمر يعقد بمشاركة متميزة من القيادات العربية، والخبراء والمختصين، وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية المعنية بالتنمية ، والمستشارين واساتذة الجامعات والكليات والمعاهد، واعضاء المجالس النيابية ، والباحثين والمهتمين . كما أكد على أن حوكمة العمل الحكومي اليوم تمثل سمةً مميزة للبلدان المتقدمة وركيزة لتطورها، كونها أوصلت هذه الدول إلى إدارة متسقة ومجيدة في الأداء، متماسكة في السياسات والقرارات، ملتزمة بالمسؤولية والشفافية والمحاسبة وتطبيق القانون، متمكنة من حسن إدارة المال العام والاستغلال الأمثل للموارد . وفي الوقت ذاته فانها تمثل مطلبا مهما وحاجة ماسة لتطوير الادارة العربية.

انتشار المفهوم

وأشار السيد زكي إلى أن السنوات الأخيرة شهدت انتشاراً متزايداً لمفهوم الحوكمة وفي دولنا العربية، حيث بذلت بعض الحكومات العربية جهودا مقدرة لتطبيق الحوكمة شملت إنشاء أجهزة متخصصة بالحوكمة على المستوى الوطني واستحداث وحدات متخصصة بالحوكمة على مستوى المؤسسات، وسن القوانين ، والتوعية المجتمعية . كما قامت بعض الدول بتطويع وتطوير مبادئ الحوكمة بما يتفق وخصوصيتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

تطبيق عملي

وقال البوسعيدي بأن حكومة السلطنة تبنت الحوكمة مبكرا من خلال تطبيقها على الشركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتشهد السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بتطبيق الحوكمة في القطاع الحكومي مما جعلها أحد مرتكزات رؤية عمان 20/‏‏40 ، واعتمادها كأداة رئيسة لتحسين فعالية الأداء المؤسسي، وسيادة القانون ورفع كفاءة الأجهزة الحكومية، وزيادة درجة التنسيق بينها، وتعزيز ثقة المواطن فيها. وستشهد جلسات هذا المؤتمر تحقيقا لأهدافه عرضا تفصيليا لتجربة السلطنة في الحوكمة وخططها المستقبلية.
وأضاف قائلا: ولا تفوتني الإشادة بمركز عمان للحوكمة والاستدامة- الجهاز المسؤول عن تطبيق الحوكمة في السلطنة- الذي بادر بالتعاون معنا في عقد هذا المؤتمر، وكان شريكاَ حقيقياُ في رسم أهداف ومحاور وموضوعات المؤتمر، ومعيناَ في تنفيذه بالصورة التي نراها اليوم .

تعزيز ثقة المواطن

أما المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية سعادة الدكتور ناصر الهتلان القحطاني فأكد على أن أهمية الحوكمة تنبع من أنها أداة فعالة لتعزيز ثقة المواطن في الحكومة ومؤسساتها.. إن ثقة المواطن في الأجهزة الحكومية وفي موظفي القطاع العام تلعب دورا كبيرا في استقرار المجتمع وأمنه ورفاهيته وهذه الثقة لا تأتي إلا عبر حوكمة فاعلة تسمح للمواطن بالمشاركة وتسمح كذلك بقدر كبير من المحاسبة والمسائلة والشفافية، يكون المواطن هو صاحب الكلمة العليا ليس كدافع ضرائب فحسب ولكن كمواطن أولا وكمستفيد من الخدمات العامة ثانيا .. وأوضح القحطاني قائلا: إن تلك الخدمات ومدى جودتها تؤثر على نظر المواطن تجاه الحكومة كما تؤثر على التواصل وحجم الثقة بين مقدمي الخدمة من موظفي الحكومة و المستفيدين من الخدمات .

لاتنمية مع الفساد

وأكد القحطاني على أنه لا تنمية حقيقية مع الفساد الذي يقوض القيم الاجتماعية ويهدد سيادة القانون ويقلل ثقة في المؤسسات الحكومية، كما يخلق بيئة أعمال لا يزدهر فيها سوى الفاسدون، وإذا ما ترك الفساد دون ضابط أو رادع فإنه يشكل عبئا على الموارد المحلية ويمثل عائقاأمام الجهود الرامية إلى النهوض والتقدم ، و وبناء على ذلك فإن من الأهمية المضي قدما باتباع نهج أكثر اتساقا وصرامة يستهدف تعميم الجهود لمكافحة الفساد والعمل من أجل تعزيز الاصلاحات المؤسسية وإعادة توجيهها نحو التنمية المستدامة. وقال وكيل وزارة الخدمة المدنية لشؤون التطوير الإداري ورئيس لجنة الحوكمة والأداء المؤسسي برؤية عان 2024 سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي: بأن المؤتمر يشهد مشاركة 36 ورقة عمل وبمشاركة 120 مشارك من 18 دولة عربية منها: سلطنة عمان، مصر، المغرب، السعودية، تونس، الجزائر، المغرب، البحرين، فلسطين، موريتانيا، ليبيا، وغيرها .
وأكد سعادته على أن الحوكمة أصبحت عنصرا مهما لمحاربة الفساد وتوزيع أولويات الصرف على المستوى الوطني وتوزيع الأدوار وتحديد المسؤوليات والمزيد من الشفافية و الافصاح وأن المؤتمر يأتي في إطار الاستفادة من رؤية عمان 2040 التي تعتبر الحومنة واحد من محاورها الرئيسية .