حسابات التواصل وحدها لا تكفي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٧/ديسمبر/٢٠١٩ ١١:٢٨ ص
حسابات التواصل وحدها لا تكفي

علي المطاعني

ترفع بعض الجهات والشركات موضوعاتها وفعالياتها وأنشطتها لمواقعها الإلكترونية وحساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وتكتفي بذلك باعتبارها قد أبلغت الجميع بما فعلته وتفعله على الأرض.

هذه الجهات وتلك ربما تعتقد خطأ بأن حساباتها الإلكترونية قد بلغت شأناً عظيماً وأضحت شهيرة بما يكفي كال BBC مثلاً أو ال CNN وأن الملايين على مستوى كوكب الأرض يتابعون على مدار الساعة ما تفعله، وبما أن ذلك غير صحيح، فتضيع نتيجة لهذا الاعتقاد رسالتها الإعلامية وتختفي عن المشهد المحلي في حين أنها تعتقد بأنها أوفت ووفت. الحقيقة المثلى تقول بأن هناك من لا يتابع حسابات التواصل بتاتاً، بل إن بعضهم ليست له حسابات أصلاً.
ذلك يعني أن على تلك الجهات أن تستهدف برسالتها الإعلامية كل القنوات المرئية والمسموعة بغير إهمال لأي مطية إعلامية كانت، فالناس يختلفون في الاتجاهات وفي الأذواق وفي المشارب ولكي نصل إليهم جميعا لا بد من تنويع مطايا الوصول.

فعندما تكتفي تلك الجهات بوسائل التواصل لإيصال رسالتها قد نجد أن الجهة المستهدفة بالرسالة هم من كبار المسؤولين من رجال الأعمال والفكر وغيرهم الذين ليس لديهم وقت كاف لمتابعة وسائل التواصل، فالمشروعات الكبيرة تستهدف في الواقع المساهمين والمستثمرين وغيرهم، باعتبار أن مشاريعها أو منتجاتها ليست «آيس كريم» أو عصائر أو وجبات سريعة، وبذلك فإن الركون لوسائل التواصل الاجتماعي وحدها يحد أو يكبل وصول رسالتها للقطاع الأهم والمستهدف وبذلك تبقى غائبة عن الساحة كمشروعات ضخمة تفتقر للوعاء الإعلامي الصحيح.

في علم الإعلام هناك ما يسمى ‏ب (إشكاليات الرسالة الإعلامية وكيفية توضيحها للرأي العام على اختلافه)، فإشكالية الرسالة الإعلامية لها العديد من الأوجه، فمثلاً إذا وصلت الرسالة الإعلامية إلى المتلقي يقفز على الفور سؤال: هل فهم محتواها واستوعب ما تضمنته؟ وإذا فهم، هل تأثر بها أم لا؟ فكل هذه الأطروحات تفرض على القائمين بالاتصال أو الإعلام في أجهزة الدولة والشركات وكل المنظمات أن يعوا بأن الرسالة الإعلامية يجب أن ترتدي حلة الشمولية.

وفي علوم الإعلام أيضاً ما يوجب عدم انتظار أن يصل إليك المتلقي في خضم هذا الكم الهائل من البيانات عبر الفضاءات المفتوحة وعبر تدفق المعلومات من كافة المنصات والوسائل الإعلامية، العكس هو الصحيح هنا.
إن اختزال الكثير من المشروعات والإنجازات في تغريدة من 140 حرفاً وصورة ومتابعة ضعيفة وإعادة تغريدات 3 إلى 4 مرات فقط و10 إعجابات بالكثير هي حصيلة تهضم الكثير من الجهود المبذولة في التبشير بمشروع وطني ضخم أو إنجاز يستحق الأفضل بكل المقاييس.

أمل أن يصحح البعض هذه المفاهيم في التعاطي الإعلامي العملي مع الرأي العام بكافة الوسائل وكل الطرق إيماناً بأن لكل وسيلة جمهورها المختلف عن الآخر، ولكل رسالة إعلامية هدف وغاية وجهة مستهدفة يتعيّن أن تصل إليها تلك الرسالة، ولكي تصل لا بد من تنويع وسائل الإرسال بغير إغفال لأي وسيلة كانت، فنجاح الأعمال واكتساح الأسواق وعبور المنتجات الوطنية للحدود لا يتسنى إلا عبر رسالة إعلامية قوية تتخذ من كل الوسائل والوسائط مركبات للوصول للهدف أو الأهداف بعيدة كانت أو قريبة المدى.