مطلوب قدوة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص
مطلوب قدوة

لميس ضيف

في عصرنا الذي يبدو الآن سحيقا كان تشذيب البنت لحاجبيها قبل الزواج عيب، وإزالة شعر وجهها أيا كان كثيفا كذلك، لذا كنا نعرف عن خطوبة بعض الزميلات في الجامعة، سيما من يأتين من بيئات محافظة جدا، بالنظر لوجههن فحسب، أما وضع مساحيق التجميل في سن مبكرة فقد كان علامة تحرر وتمرد، وقد يستمطر على الفتاة تلميحات لا سقف لها.
كانت البراءة والحياء والخجل صفات تُساق في معرض المدح - لا للإشارة لعيب يستدعي التدخل كما هو الحال اليوم- ورغم أننا نتحدث عن عقد إلى عقدين من الزمان لكن التغيرات الدراماتيكية التي حصلت تشعرنا بأننا نتحدث عن حقبة تاريخية بعيدة.
اليوم.. تبدو مراهقة لا يعدو عمرها الرابعة عشر كشابة في العشرين. ولا تستطيع التمييز بشكل دقيق بين طالبة جامعة وتلميذة في الإعدادية، يعزو البعض ذلك لسرعة نمو بنية الصغار الآن، كما ويسميه البعض "جيل الهمبرغر" للإشارة لتأثير الوجبات السريعة المشبعة بالهرمونات عليه – وربما يكون ذلك صحيحا- ولكني أرى الأمر مرتبطا أكثر بما يلبسنه، ومساحيق التجميل التي يصبغن أنفسن بها، والكعب العالي الذي يصرون على ارتدائه وأحيانا، الجرأة التي يقدمن أنفسهن بها والتي لا تتناسب مع شخصياتهن الطازجة، وما يحول كل هذا من " ملاحظة " لــ" معضلة" هو حقيقة أن عقول هذه الأجيال – المتقدمة ظاهريا لا تملك النضج ولا العمق ولا القيم التي كانت تملكها سالفتها وهو أمر مؤسف حقا، فالهيئة توحي بأن الفتاة أكبر من عمرها فيما يكشف حوار خاطف معها أن فكرها أصغر من عمرها بكثير!
قطع كبير من المشكلة نعزوه لغياب القدوة الحسنة، والحضور الشاخص للقدوة السطحية، فملايين الفتيات في الخليج اليوم يعشقن فاشنستات ونجمات تواصل اجتماعي يلقنهن الكنتور وما هو جديد في عالم الموضة مع حديث لا ينقطع عن المطاعم والأكل!
هذه هي الحياة الجميلة في عيون الجميلات: ليست هناك قضايا إنسانية مقلقة، ولا هموم سياسية ولا مسؤوليات اجتماعية ووطنية، فالحياة الجميلة في قاموس جيل السناب شات هي مكياج سهرة في الصباح الباكر، وامتلاك حقائب وأحذية لبستها نجمة ما، ومطاعم وحلويات على مدار الساعة.
ان وسائل الإعلام مطالبة بالترويج لنماذج أرقى من النساء لذلك الجيل الذي فقد ظله، نساء حقيقيات مكافحات جميلات – لا بفضل الكونتور وخلطات التببيض– بل بفضل عقولهن التي تقطر جمالا وإبداعا.
شخصيا أطمح في عمل سلسلة عن نسوة كهؤلاء، وأتمنى أن تساعدونني على ذلك باقتراحكم لأسماء قد تغيب عني كما هي غائبة عن غيري.
فالقدوة الحسنة في مراحل النمو ليست بأمر يستهان به أبدا، وهي الكفيلة بتقزيم عداها من النماذج التي لا تملك أكثر من مظهر يعريه الزمن.