لندن –
أظهر استطلاع للرأي نشر أمس الأحد إن شريحة الشباب قد تكون العنصر الذي يحسم مسألة بقاء بريطانيا أم لا في الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى تقدم رافضي الاستمرار ضمن أوروبا. وأفاد الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «اوبزرفر» على الإنترنت أن نسبة رافضي البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي بلغت 43 % فيما نال مؤيدو أوروبا 39 %. وقال حوالي 18 % من عينة شملت 1966 شخصاً في الاستطلاع الذي أجري على الإنترنت بين الثلاثاء والجمعة إنهم لم يحسموا أمرهم بعد، ورفض 1 % تحديد خيارهم، وحصلت تقلبات كبرى في استطلاعات الرأي قبل الاستفتاء المقرر في 23 يونيو. واستطلاعات الرأي التي تجرى عبر الهاتف تعطي تقدماً لمؤيدي البقاء ضمن أوروبا فيما تلك التي تجرى على الإنترنت تظهر تعادلاً بين الطرفين.
تأييد الخروج
قالت مجموعة «فوت ليف» المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إن حملتها لقيت مساندة من 250 رجل أعمال من بينهم الرئيس التنفيذي السابق لبنك اتش.اس.بي.سي، الأمر الذي قد يخالف الاعتقاد السائد بأن قطاع الأعمال يدعم البقاء في عضوية الاتحاد. وركز المعسكران المؤيد والمعارض لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي على التأثير الاقتصادي للانسحاب في حملتيهما وذلك قبل إجراء استفتاء في 23 يونيو.
وفي الشهر الفائت قال رؤساء أكثر من ثلث أكبر الشركات في بريطانيا ومن بينها شركتا النفط العملاقتان شل وبي.بي وأكبر شركة اتصالات بي.تي، إن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يهدد الوظائف والاستثمارات. ومؤخراً كشفت «فوت ليف» عن قائمة لمؤيدي الانسحاب شملت مايكل جويجان الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة اتش.اس.بي.سي وتيم مارتن رئيس مجموعة وثرسبون للنوادي. وقال الرئيس التنفيذي لـ»فوت ليف»، ماثيو إليوت «من خلال القائمة المتنامية للمؤيدين من رجال الأعمال ستثبت فوت ليف أن الاتحاد الأوروبي ربما يكون جيداً للشركات الكبرى متعددة الجنسيات لكنه آلية لتدمير الوظائف بالنسبة للشركات الأصغر».
تحذيرات
في فبراير الفائت قال وزير المالية البريطاني، جورج أوزبورن، إن الاستفتاء المزمع على خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي من عدمه مسألة «في غاية الخطورة».
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها أوزبورن لبي بي سي، في ختام مشاركته في اجتماعات وزراء مالية دول مجموعة العشرين، التي جرت في الصين.
لكن زعيم حزب الاستقلال البريطاني، نايجل فراج، قال إن إعلان مجموعة العشرين، الذي حذّر من أن خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد سيشكل صدمة للاقتصاد العالمي، «لم يكن مفاجئاً»؛ لأن «الأصدقاء يساعدون بعضهم بعضاً». وأضاف: «لم أندهش من أن تجتمع حكومات كبيرة لتأييد ديفيد كاميرون». وأردف: «هناك بنوك وشركات كبرى وحكومات تساند بعضها البعض. لا أعتقد أن ذلك سيؤثر على الناخبين».
وقال مسؤولون رافقوا أوزبورن إلى الصين إن الإشارة إلى الاستفتاء، الذي سيجرى في بريطانيا في يونيو المقبل، في البيان الختامي لاجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين أمر غير معتاد.
ونفى أوزبورن أن يكون قد دفع باتجاه خروج البيان متضمناً تلك الإشارة.
وقال أوزبورن لبي بي سي: «وزراء مالية الدول التي تشكل كبرى الاقتصادات في العالم أعلنوا قرارهم بالإجماع، وهم يعتبرون أن خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد سيشكل صدمة للاقتصاد العالمي».
وأضاف: «وإذا كان صدمة للاقتصاد العالمي، فتخيل كيف سيكون بالنسبة إلى بريطانيا». وأردف: «إنها ليست رحلة محفوفة بالمخاطر نحو المجهول، مع كل ما ارتبط بها من سخرية، إنه أمر في غاية الخطورة». في غضون ذلك، يزور رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أيرلندا الشمالية، ضمن جولة داخلية له، لإقناع الناخبين بأن بقاء بريطانيا داخل اتحاد أوروبي يقبل بإصلاحات بشأن شروط عضوية بريطانيا تصب في مصلحتهم.
ورداً على سؤال، حول ما إذا كان هو شخصياً أو مسؤولون يعملون تحت قيادته قد طلبوا تضمين بيان مجموعة العشرين هذا التحذير، قال أوزبورن: «لدينا دول في الاجتماع مثل الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي والصين، وهؤلاء بصراحة لا يفعلون ما يطلب منهم آخرون فعله».
وقال مسؤولون بوزارة المالية البريطانية لبي بي سي إن وزير الخزانة الأمريكي أثار الموضوع خلال الاجتماع، كما فعل آخرون من بينهم مسؤولون صينيون ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد.
ووصفت المديرة العامة لاتحاد الصناعات البريطاني، كارولين فيربيرن، الآثار المتوقعة لخروج بريطانيا من الاتحاد بأنها «خطر محقق».
في غضون ذلك، أعلن عمدة لندن، بوريس جونسون، موقفه من فكرة أن الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد قد يجبره على إعطاء بريطانيا اتفاقاً أفضل، على العضوية، ويؤدي لاستفتاء ثانٍ.
وكان جونسون قد أشار في وقت سابق إلى أن التصويت لصالح الخروج وحده سيعطي بريطانيا «التغيير الذي تحتاجه».
لكن جونسون أعلن موقفه صراحة لصحيفة التايمز قائلاً: «الخروج يعني الخروج». ويصوت البريطانيون حول بقاء بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، في الثالث والعشرين من يونيو المقبل. وحدد كاميرون موعد الاستفتاء الأسبوع الفائت، عقب توصله لاتفاق مع قادة دول الاتحاد، حول إعادة التفاوض على شروط عضوية بريطانيا في الاتحاد.
خسائر
في فبراير الفائت أيضاً أفادت دراسة أعدت بطلب من أهم منظمة لأصحاب العمل في بريطانيا، أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكلف اقتصادها خسارة بقيمة مئة بليون جنيه استرليني وأن يدمر نحو مليون وظيفة. وأكدت الدراسة التي أجرتها شركة «بي دبليو سي» بطلب من كنفدرالية الصناعات البريطانية ونشرت الأحد أن خروج بريطانيا من الاتحاد سيسبب «صدمة جدية» للاقتصاد البريطاني ويكلفه خسارة في مستوى الإنتاج بنحو مئة بليون جنيه (145 بليون دولار) أي ما يعادل 5 بالمئة من الناتج الإجمالي السنوي.
وقالت المديرة العامة لمنظمة أصحاب العمل، كارولين فايربايرن «إن هذا التحليل يظهر بوضوح تام كيف أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيشكل ضربة جدية لمستوى العيش والعمل والنمو».
وأضافت «وحتى في أفضل الحالات، فإنه سيسبب صدمة جدية لاقتصاد المملكة المتحدة». وبحسب الدراسة فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى إلغاء نحو 950 ألف وظيفة ما يعني أن نسبة البطالة في 2020 ستكون ما بين 2 و3 بالمئة وهي نسبة أعلى مما لو بقيت داخل الاتحاد.
وسينظم في بريطانيا في 23 يونيو استفتاء حول بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي أو مغادرته.
وتظهر استطلاعات الرأي تقارب معسكري «نعم» و«لا» في حين يبقى 20 بالمئة لم يحسموا أمرهم حتى الآن.
ورفضت مجموعة «فوت ليف» التي تدعو لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نتائج هذه الدراسة. وقال مدير المجموعة ماتيو اليوت لهيئة الإذاعة البريطانية إن السيناريوهات المعروضة في الدراسة «مغرضة» وكرر أن مغادرة الاتحاد الأوروبي تمثل «الخيار الجيد الوحيد».