"عماني والنعم" وعودة القيم الأصيلة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص
"عماني والنعم" وعودة القيم الأصيلة

ناصر اليحمدي

حملة "عماني والنعم" التي دشنتها اللجنة الوطنية للشباب مؤخرا من الفعاليات التي يحتاجها ليس مجتمعنا العماني وحده بل مجتمعاتنا العربية أيضا .. فهذه الحملة التي تستمر حتى الثالث والعشرين من يوليو تسلط الضوء على ثلاثة مواضع هامة جدا وتعمل على ترسيخها في نفوس الشباب وهي القيم العمانية الأصيلة والمواطنة والهوية وهي مفاهيم لو استقاها الشباب وطبقوها في حياتهم العملية لتقدم الوطن ولحققت مسيرة النهضة قفزات واسعة .. فالشباب هم عماد الحاضر وأمل المستقبل بهم تسمو الأمم وعلى أكتافهم وبسواعدهم تبنى وبأفكارهم ترتقي .. وهم عصب الوطن وقلبه النابض وساعده القوي وأساس نهضته .. وتنمية الشباب تعني تنمية للوطن.
لقد حرصت قيادتنا الحكيمة منذ قيام نهضتنا المباركة على غرس القيم النبيلة في نفوس النشء وتقوية مبادئ الانتماء والمواطنة في عقولهم وقلوبهم يدل على ذلك عشرات المبادرات والندوات والسياسات التي تساعد على ذلك .. وحملة "عماني والنعم" تسعى لترسيخ تلك المفاهيم حتى تصبح من العادات التي يمارسها الشباب بصفة دائمة ..
إن حفل التدشين اشتمل على الكثير من الفقرات كالوصلات الشعرية والأناشيد والأوبريتات الغنائية .. كل هذا جميل ولكننا لا نحتاج لأن نتغنى بالكلام المنمق الجميل بل نريد أن نلمس أفعالا على أرض الواقع وإنجازات ترصدها الأبصار وتجسيدا للمرتكزات الخمس التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية للشباب في يوم الشباب العالمي 2014 وهي المواطنة والشراكة والتمكين والحوار والابتكار .. فغرس هذه المفاهيم في نفوس الشباب سيمنحنا التفاؤل والأمل والأمان في مستقبل الوطن.
لاشك أن ما يمنح حملة "عماني والنعم" أهمية خاصة هو ما تتعرض له مجتمعاتنا العربية من حرب شعواء للإطاحة بأخلاقيات الشباب والانحراف بهم عن جادة الصواب وتعدد أساليب الغزو الفكري لطمس هويته الأصيلة .. فتنوع وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة جعلت من الكون قرية صغيرة يحاول فيها المغرضون جر الشباب في دروب الحداثة والتحضر والتي يجد في نهايتها العولمة التي تسعى لإبعادهم عن قيمهم الأصيلة وأخلاقهم النبيلة وثقافتهم العريقة عن طريق الانفتاح الذي وفرته وسائل الاتصالات من انترنت وفضائيات والتي تخلط الحابل بالنابل لكي لا يستطيع الشباب التمييز بين الغث والسمين وما فيه مصلحته ومصلحة أمته.
إن العمانيين يشتهرون بدماثة الأخلاق والتواضع والكرم والشجاعة والتسامح وإغاثة الملهوف وغير ذلك من الشيم النبيلة والتي توارثتها الأجيال عبر الزمن وندعو الله أن تستمر في الأجيال القادمة وتظل القيم العمانية خالدة وراسخة في نفوس أبنائها طالما بقي عماني واحد حي .. فالثورة التكنولوجية التي اجتاحت العالم في العقود الأخيرة أثرت بشكل كبير على ديموغرافية الكثير من الدول وغيرت طباع وعادات العديد من الشعوب .. وبالتالي فإن التمسك بالقيم الأصيلة والأخلاق القويمة صار مطلبا ملحا في وقتنا الحاضر.

إن الغزو الفكري وما يبثه من أفكار مغلوطة يعمل على ضرب المواطنة في مقتل لإبعاد الشباب عن بناء وتعمير أوطانهم مستغلا في ذلك الفراغ والبطالة التي يعاني منها الشباب مع غياب الرقابة الأبوية .. لذلك يجب أن تتزايد الفعاليات التي على غرار "عماني والنعم" والتي تحث على الحفاظ على قيمنا الدينية والعربية والشرقية الأصيلة والحفاظ على أخلاقنا القويمة والتمسك بهويتنا العريقة حتى يزداد وعي الشباب فيفوت على المخططات الخبيثة فرصة إبعاده عنها .. فهذه القيم والمبادئ هي صمام الأمان الذي يحفظ للمجتمع تماسكه وترابطه واستقراره وعلينا أن نحث الشباب على استغلال التقنيات الحديثة فيما يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والتقدم والازدهار والحرص على التكاتف من أجل بناء الأوطان بصورة تجمع بين الأصالة والمعاصرة في عصر العولمة الذي تهدف أجنداته إلى طمس الهوية وذوبان المجتمعات بحجة التطور والتمدن.

* * *
الإرهاب القادم .. نووي
الهجمات الدموية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية وتتسبب في سقوط العشرات وأحيانا المئات ما بين قتلى ومصابين لم تعد هي الشاغل الرئيسي لدى القوى العظمى وأغلبية دول العالم فقد تزايدت المخاوف مؤخرا من أن تتجه هذه الجماعات إلى استخدام المواد المشعة والنووية في هجماتها فقد حدثت مئات السرقات لمواد ذرية كما أن تحضير قنابل وأسلحة نووية لم تعد بمنأى عن أحد .. فمما لاشك فيه أن العبث بالسلاح النووي وسقوطه في أيدي جماعات غير مسئولة يعرض العالم كله للخطر ويهدد بفناء البشرية أو تشوهاتها وتدمير البيئة وغير ذلك من آثار سلبية تستمر لعقود .. وليس عنا ببعيد استخدام تلك الجماعات للسلاح الكيماوي في بعض المناطق بالعراق والذي أدى لكارثة بيئية وبشرية فما بالنا لو أن هذا السلاح كان نوويا.
ومؤخرا انتهت قمة الأمن النووي التي عقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن ووقعت فيها 102 دولة على اتفاقية حماية المواد النووية بهدف فرض مزيد من الرقابة والحماية على المواد النووية .. كما حذر فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما من امتلاك ما أسماهم "المجانين" أمثال تنظيم داعش لمواد نووية أو كما أطلق عليها "قنبلة قذرة" .. وهذا يجعلنا نتساءل ما هي الضمانات التي تسمح لأمثال داعش عدم امتلاك هذا النوع من السلاح ؟.
لقد قال أوباما إن هناك نحو 2000 طن من المواد النووية حول العالم لا تخضع جميعها لحماية جيدة وهذا يعني أنها عرضة للسرقة والاستيلاء من قبل الإرهابيين الذين بالفعل يفكرون في ذلك بدليل تصوير المتهمين في اعتداءات باريس وبروكسل لأحد العاملين في منشأة نووية ببلجيكا ولو أن هؤلاء الإرهابيين تمكنوا من صنع قنبلة نووية أو شنوا هجوما على منشأة ذرية ستكون كارثة بكل المقاييس.
لاشك أنه لكي نتجنب مخاطر الإرهاب النووي على المجتمع الدولي أولا أن يقضي على الإرهاب الذي استشرى حول العالم وضربت أذرعه دولا مستقرة لم تكن تتوقع أن يطالها كفرنسا وبلجيكا .. فهناك أطراف معينة ودول بعينها تمول الإرهابيين وتدعمهم بالمال والسلاح وتسعى في الأرض فسادا يجب عليها أن تكف عن ذلك وإلا ستجده في عقر دارها.
إن تحقيق الأمن النووي لم يعد قاصرا على دولة أو منطقة فقط بل هو أمن للعالم بأسره لأنه في حالة حدوث انفجار ذري لا قدر الله سيدفع العالم كله ثمن تداعياته.
لقد حث أوباما الدول على تخفيض أنشطتها النووية ونجح بالفعل في إقناع البعض منها بتقليل المخزون الذري لديها فضلا عن إبرام الاتفاق التاريخي مع إيران والخاص ببرنامجها النووي بمساعدة السلطنة .. إلا أن أوباما على وشك مغادرة البيت الأبيض فكيف نضمن أن يسير الرئيس القادم على نفس المنوال ويتابع ما بدأه في الحد من امتلاك السلاح النووي لاسيما أن تصريحات أحد مرشحي الرئاسة الأمريكية وهو دونالد ترامب لا تبشر بالخير حيث سيسمح للدول الآسيوية كاليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما بتطوير أسلحة نووية وهو ما يعني أن العالم سيدخل في سباق تسليح نووي ستكون عواقبه وخيمة وكأنه لم يتعظ من تهديدات كوريا الشمالية التي تقض مضجع العالم أجمع.
يبدو أن الواقع المؤلم الذي يموج بالصراعات مع التطور التكنولوجي الذي يساعد على تطور الأسلحة لن يمكننا من تحقيق حلم وجود عالم خال من السلاح النووي فهذا صعب المنال في ظل أناس لا يرون إلا تحقيق مصالحهم الشخصية حتى ولو كانت على حساب تحقيق الأمان والسلام العالميين إلا أننا لا نملك إلا الدعاء بأن يبعد الله السلاح النووي عن أيدي الإرهابيين لكي ينعم العالم أجمع بالأمن والأمان والسلام.

* * *

آخر كلام
ليس القوي من يكسب الحرب دائما .. وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما.