مسقط - الشبيبة
يشهد قطاع التقنية في الكثير من البلدان حراكا واضحا فيما يخص التوجه إلى اعتماد البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر في مختلف القطاعات التعليمية والاقتصادية، وذلك لما لها من أهمية كبيرة في تشجيع الابتكار وتوسيع نطاق مشاركة المعرفة حول العالم، متخطية بذلك كل العوائق المادية والفكرية نظرا لما توفره هذه البرمجيات من خواص تتيح للمبرمجين تطويرها والتعديل عليها ، وهذا ما قام به فهد بن عامر السعيدي (أخصائي إدارة مشاريع) بوزارة التقنية والاتصالات، ومؤسس موقع وادي التقنية، حيث قام بتطوير برنامج النشر المكتبي سكريبس «Scribus» ليدعم لغات أخرى غير اللغات اللاتينية، الأمر الذي فتح المجال أمام جريدة جناجيوم الهندية لإدخال اللغة المليبارية في عملية التصميم والتحرير.
دعم وتطوير
استهل السعيدي حديثه عن التطوير الذي أحدثه على برنامج سكريبس « Scribus» والذي تمكنت من خلاله جريدة جناجيوم (الناطقة باللغة المليبارية) والتي تصدر من ولاية كيرلا في جنوب الهند، من الانتقال إلى البرمجيات الحرة بشكل كامل بنسبة 100%، حيث شارك السعيدي في 2015 ضمن فريق عمل على مشروع «بيت التكنولوجيا مفتوحة المصدر»، والذي يهدف إلى نقل الخبرات البرمجية من خارج السلطنة إلى داخلها، وفي تلك الفترة كان تركيز الفريق على دعم اللغة العربية في البرمجيات الحرة المختلفة ومنها برنامج «سكريبس، وقد نجح الفريق في تطوير البرنامج ليدعم اللغة العربية وإعداده للاستخدام في وزارة التربية والتعليم.
وأدى إدخال اللغة العربية إلى البرنامج إلى فتح الباب أمام اللغات الأخرى كاللغة المليبارية التي لم تكن هي الأخرى مدعومة في البرنامج حيث وفر هذا التطوير رمز «اليونيكود» وهو معيار ترميز عالمي مكّن الجريدة من استخدام برنامج «سكريبس» لإدخال اللغة المليبارية، ما أسهم في توفير أموال طائلة للجريدة وصلت إلى مليون روبية سنويا، كما ساهم في تقليص حجم الملفات المستخدمة مما سمح بنشر المزيد من النسخ بذات التكلفة.
وذكر السعيدي أن الجريدة لديها أكثر من ١٠٠ ألف مشترك في ١٤ مديرية في كيرلا، ويعمل بها أكثر من ١٠٠ موظف، وكانت تعتمد على أحد البرمجيات المغلقة في إخراج الجريدة، وبعد تجربة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر؛ قررت الجريدة الاعتماد على هذه البرمجيات بشكل كامل في عملية الإخراج؛ ما ساهم في تقليل التكلفة السنوية التي كانت تدفعها لتجديد رخص البرمجيات المغلقة.
برمجيات حرة
وحول مبادرة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر التي ترعاها وزارة التقنية والاتصالات، أشار السعيدي أن المبادرة بدأت في عام 2010، وتهدف إلى التوعية بالبرمجيات الحرة من خلال تنظيم حلقات العمل والمحاضرات وعقد المؤتمرات الدولية حيث نظمت الوزارة 4 مؤتمرات توعوية منذ بدء المبادرة وأكثر من 130 محاضرة في مختلف أرجاء السلطنة، وذلك بمعدل 20 -30 محاضرة سنويا. أما المحور الثاني فتمثل في تدريب الأشخاص على استخدام البرمجيات والعمل على البرامج المختلفة وتطويرها. وتمثل المحور الأخير في تطوير القدرات والمهارات في مجال التقنية، وشمل عدد من البرامج التدريبية منها: « صيف عمان للبرمجة» الذي يعمل على جمع نخبة من الطلبة والخريجين والموظفين يعملون مدة ثلاثة أشهر على تطوير أحد البرامج والتطبيقات مفتوحة المصدر.
خطة تطويرية
ويرى السعيدي بضرورة البدء بالاعتماد على البرمجيات الحرة في النهوض بمجال تقنية المعلومات وذلك لسببين: الأول يتمثل في تحقيق الاكتفاء أو الاعتماد التقني، بمعنى أن هناك الكثير من الدول حول العالم تستخدم التقنية لكنها لا تمتلكها مما يعرضها إلى خطر حجبها في أي وقت، مدللا على ذلك بقضية شركة هواوي والصراع الأمريكي الصيني الذي يهدد شركة هواوي الصينية بحجب الخدمات التقنية عنها كونها تعتمد بشكل كلي على تقنيات أمريكية. وينصح السعيدي في هذا المجال بضرورة تبني واعتماد البرمجيات الحرة والعمل على تطويرها والتعديل عليها بما يناسب متطلبات البلد في محاولة لتجنيبها مخاطر حجبها وتحقيق الاكتفاء التقني من جانب آخر. ويحث السعيدي الشركات التقنية في السلطنة على دعم مبادرة تطوير برنامج «سكريبس» حتى تكون السلطنة من الدول المصدرة للتقنية، كما يتطلع إلى توجه الصحف العمانية إلى الاعتماد على البرمجيات الحرة كخطوة للاستمرار ومواكبة التقنية.