هل نحن بحاجة إلى وزارة لتطوير التعليم؟ الجزء السادس

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/يناير/٢٠١٦ ٠٦:٠٢ ص
هل نحن بحاجة إلى وزارة لتطوير التعليم؟ الجزء السادس

15- دراسة الفوائد المتأتية من إطالة السنة الدراسية واليوم الدراسي والنظر في عدد الساعات التي يقضيها المدرس في المدرسة. وتشير دراسات وأبحاث عديدة إلى أن إطالة السنة الدراسية واليوم المدرسي وزيادة عدد الساعات التي يقضيها المدرس في المدرسة، تزيد من فاعلية العملية التعليمية، مثل العناصر الاخرى كجودة المعلم والحد من عدد الطلبة في كل صف والعناصر الاخرى التي سبق أن أشرنا إليها. كما تشير الدراسات إلى أن تلك الإجراءات التي طبقت في أغلب الدول الآسيوية، دفعت الطلبة لتحقيق نتائج أحسن. وتشير دراسات أخرى إلى أن دولا مثل الولايات المتحدة الامريكية والسويد، جعلت من إطالة اليوم الدراسي والسنة الدراسية، حجر الزاوية لإعادة هيكلة نظمها التعليمية.

16- إجراء دراسة في كيفية وقف، أو على الاقل تقنين الهدر المالي التعليمي. وهناك نوعان من الهدر: المباشر وغير المباشر. غير المباشر يتمثل أساسا في نوعية التعليم المتبع من حيث مدخلاته ومخرجاته ونسب التسرب والترسب، وهي النقاط التي سبق لنا أن تطرقنا اليها. أما الهدر المباشر فهو يتمثل في الاشكاليات الموجودة في بعض المناقصات التي تطرحها الوزارة وايضا بعض المشتريات التي تقوم بها. اضافة الى ذلك قد تحصل انواع اخرى من الهدر مثلما ما قد يحصل في الكتب المدرسية وطباعتها وشراء الاثاث المكتبي والمدرسي والاحتياجات الاخرى من مختلف المواد. طريقة التخزين هي الاخرى قد تحتاج الى اعادة النظر فيها عن طريق تحويل ادارة التوريدات والمخازن، من نظام تقليدي غير آمن الى نظام اكثر أمانا وذلك عن طريق استعمال نظم الجهاز الالي.

هنالك ايضا الهدر المتمثل في بنود السفر وحضور المؤتمرات وإقامة الندوات اضافة في اعداد المدراء والموظفين الفائضين عن الحاجة. المركزية الشديدة للادارة التعليمية كما في الادارات الاخرى، وتدني فعالية وكفاءة بعض الموظفين والافتقاد الى أنظمة للمساءلة والتقويم الدقيق وغياب مفهوم الجزاء والثواب، تسبب امراضا بيروقراطية تؤدي الى الفساد وانعدام روح المسؤولية وتنمي الاتكالية والتي تؤدي بدورها الى خلل في التوازن الوظيفي في العملية التعليمية. هناك ايضا نظام للمواصلات كثر الحديث عنه ويحتاج الى اعادة النظر فيه.. كل ذلك يؤدي الى ارتفاع تكلفة الطالب.

17- دراسة منح كل طالب يرغب في التعليم في المدارس الخاصة، مبلغا من المال يعادل نصف ما يكلف الوزارة. واجراء من هذا القبيل سوف يساعد على تقليل الضغط على وزارة التربيه والتعليم ويقلل من حاجتها الى مزيد من الاموال او استعمال تلك الاموال لاجراء تحسينات نوعية في التعليم كما سوف يساعد على اعطاء أولياء الأمور حرية اكثر في الاختيار ويؤدي الى انشاء مزيد من المدارس الخاصة ذات التعلم الجيد وزيادة المنافسة بينها. والموضوع كان من ضمن توجهات الرؤية المستقبلية لعمان عمان 2020.

18- النظر في كيفية زيادة التنسيق بين وزارة التربية والتعليم والقطاع الخاص وتحديد الفجوةً الموجودة في التكامل بينهما وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التعليم الجيد ذي مواصفات محددة وتقديم مزيد من التسهيلات للقطاع الخاص للوصول الى ذلك وتحديد الاليات واقتراح الاستراتيجيات لتفعيل التعاون في الجوانب المالية والكوادر البشرية.

19- دراسة السبل المؤدية الى قيام شراكة حقيقية بين الوزارة والمدرسة والاهالي في العملية العملية التعليمية والتربويه، اذ ان تلك الشراكة سوف تؤدي الى تحقيق الهدف الر ئيسي للمدرسين والاهالي، وهو نجاح الطلبة، كما تشكل شراكة الاهالي في تربية اولادهم، كأهال وكاعضاء في المجتمع. فرصة مهمة للشراكة المجتمعية وفي بلورة الافكار لابعاد التعليم المطلوب وعن اسباب ذلك، ولتقليل الميل الطبيعي عند الانسان لمقاومة التغيير. ولكن علينا ان ندرك ايضا، ان تلك الشراكة قد تنطوي على فرصة كبيرة ولن تخل من بعض المخاطر. ولذلك لا بد للاهالي ان يد ركوا حدود تلك الشراكة من حيث انه بقدر ما يحق لهم ابداء الرأ ي، ولكنهم لن يحق لهم املاء اي اجراءات، وعكس ذلك فان العملية سوف تتحول الى فوضى. الصلاحية التعليمية والتربوية يجب ان تبقى من حق طاقم المدرسة، وعلى الاهالي والطاقم التربوي الادراك ان مفتاح النجاح، يكمن في قدراتهم على التعاون معا وإقناع الأهالي عن أسباب التغييرات والحفاظ على الصلا حية المهنية للطا قم التعليمي، سواء في رياض الاطفا ل او في المدارس.

20- التفكير الجدي لايجاد مدارس نموذجية للموهوبين. ادرك تماما ان هذا الموضوع قد يثير عددا من التساؤلات والحساسيات. ولكن ليس هذا الموضوع بجديد، وكان يحصل في عدد من الحضارات السابقة ايضا، كما هو مطبق في عدد من الدول، حيث يتم الاهتمام للموهوبين عن طريق ايداعهم في مدارس خاصة (المدارس النموذجية).

وعلى ذلك، فإن الله خلق البشر مختلفين عن بعضهم البعض في ميولهم واتجاهاتهم وعواطفهم، في الوانهم وفي اشكالهم، في امكانياتهم وقدراتهم العقلية والجسدية. وفئة الموهوبين في اي مجتمع قليلة. ولذلك من الضروري اعطاء هذه الفئة، احسن الفرص وافضلها. ومن الصعب التصور ان الاهتمام بالموهوبين يمثل اي تمايز. التمايز يكون في الحقوق والواجبات والفرص المتاحة. والمدارس والكليات تكرم الاوائل وكذلك الشركات تكرم المنتجين والمتميزين من موظفيها، والحكومات تجري مسابقات عديدة وتكرم المتميزين من الافراد الذين قدموا خدمات متميزة والشركات في حقول متميزة وكثيرين من الاباء بما فيهم بعض المسؤولين يودعون أبناءهم في مدارس خاصة للحصول على تعليم متميز يتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم.

يجب ان لا يغيب عن بالنا، اننا نتكلم عن التنمية البشرية بمنظارها العملي الاوسع، والاخفاق في الحصول على طبقة رائدة من الاشخاص الذين سوف يقع عليهم عبء قيادة التنمية، سوف يؤثر على الاقتصاد المستقبلي. وحيث انه لا توجد طريقة سريعة اخرى يمكن اتباعها، فسوف يعتبر هذا الاجراء معقولا، بل مطلوبا. ان مسؤولية اية حكومة هي التأكد من سلامة اجراءاتها الاقتصادية والتعليمية ومتانتها، وضرورة توفير طبقات قادرة على ادارة العملية التنموية.

هناك ايضا بالتأكيد انماط واجراءات اخرى لتحويل المدرسة من مدرسة تقليدية الى مدرسة تستجيب للتغيرات. والتحديات المفروضة من عالم معرفي ومعلوماتي تتغير باستمرار وتفرض علينا ان نكون اكثر قدرة على التعلم الدائم من المتغيرات التي تحدث داخل المدرسة وخارج اسوارها. كما علينا ان ندرك ان ما نعتبره اليوم تعليما يتسم بالجودة العالية، سيصبح غدا تعليما تقليديا، بسبب سرعة تغير المعرفة وتجدد احتياجات وتطلعات المستفيدين (الطلاب، المعلمين، اولياء الامور، المجتمع، اصحاب الاعمال). ولان الجودة في هذا السباق، هدف متحرك، فان العملية تستلزم التحسن المستمر من اجل التوصل اليه.