ابـن علـوي: علاقات السلطنة انعكاس لسياستها الحكيمة

بلادنا الأحد ٠٣/أبريل/٢٠١٦ ٠١:١٩ ص
ابـن علـوي:

علاقات السلطنة انعكاس لسياستها الحكيمة

مسقط – محمد فهمي رجب

اعتبر الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية معالي يوسف بن علوي بن عبد الله أن الربيع العربي الذي خطط له أن يكون ربيعا جميلا تحول إلى ويلات وكوارث وتدمير للثقافة التي يمتلكها العرب.

وقال معاليه في كلمة بافتتاح مؤتمر العالم العربي الحادي عشر لجامعة هارفارد الأمريكية في فندق البندر بمنتجع بر الجصـــة أمس: كلنا شاهدنا ما حدث للدول العربية من جراء ما يعرف بالربيع العربي الذي قد يكون «خُطط» له ليكون ربيعاً عربياً جميلاً ولكن نتج عنه ما نراه اليوم من ويلات ومن كوارث ومن تدمير للثقافة التي يمتلكها العرب.
وأضاف قائلا: اليوم نتطلع إلى أن نجد طريقاً من خلال السلام والعلم إلى المستقبل لبلانا العربية بالرغم من وجود من يرون ضرورة إسقاط الأنظمة العربية حتى تتقدم الدول العربية إلا أننا جميعا رأينا ما حدث في الربيع العربي ونستطيع إلى حد ما أن نرى المستقبل ونتأكد من أن الوصول إليه لن يكون إلا بالعلم والسلام.
وأشار إلى أن العالم العربي ليس منتجا للتقنية «لذلك يجب أن نغير هذا المنحى ونصبح منتجين للتكنولوجيا التي ليست محصولا يزرع في الأرض، ولإنتاج التكنولوجيا يتوجب علينا مواكبة التطور العالمي والتعاون وليـــس العداء فلن نستطيع التطور ما دام ظل الصراع مع الآخرين فالحضارات لا تشيد بالأبنية فقط بل تبنى بالعقول والعلوم والتدرج لذلك يجب علينا أن نبني العقول أولا»، مؤكدا أنه «لا مفر من الاعتراف بأن العالم يتطور بوتيرة متسارعة جدا، والمتابعون للأحداث العالمية يعون ذلك».
وأشاد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالعلاقة التي تربط السلطنة بجامعة هارفارد الأمريكية وقال: تربطنا بجامعة هارفارد علاقة طيبة فهي إحدى الجامعات التي تخدم السلام وقد أسس صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في تسعينيات القرن الفائت كرسياً في جامعة هارفارد لخدمة السلام والإسلام.

سياسة حكيمة

وذكر ابن علوي أن علاقات السلطنة الخارجية المتميزة هي انعكاس للسياسات الحكيمة التي أثبتت نجاحها وسط عالم يكتظ بالصراعات. وتلك السياسة الهادئة هي ما يدفعنا إلى التقدم نحو حجز مكان لنا في مصاف الدول المتطورة. فلا شك أن العرب خدموا الحضارة العالمية في مرحلة قديمة ولكنهم تراجعوا حينما خرجوا عن المسار الإنساني الحديث.
وتابع معاليه قائلا: الإسلام انتشر في العالم من الشرق إلى الغرب ولم يسجل التاريخ في تلك الحقب مآسي ارتكبها الفاتحون العرب آنذاك. وفي النصف الثاني من القرن الفائت كانت هناك فرصة كبيرة للعرب أن يضعوا أنفسهم في مكان يليق بتاريخهم وحضارتهم ورسالتهم ولكنهم لم يستغلوها وبخاصة عندما نظرنا إلى حضارتنا الإسلامية على أنها بضاعة نتربح بها. ولو نظرنا إلى الأبواب التي فتحت للعرب في أوروبا وأمريكا لوجدنا أن مئات الآلاف من العرب ذهبوا إلى هذه البلدان طلباً للعلوم على مختلف أنواعها ولو أنهم جعلوا كل جهدهم الاستفادة من تلك العلوم لكان العرب الآن في مركز متقدم لكنهم لم يستغلوا ذلك بل جعلوا كل همهم التبشير بالإسلام وكأنها بضاعة يراد تسويقها.

صعوبات

وقال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية: نحن نعي جيدا كم الصعوبات التي توضع في وجه الطلاب العرب الراغبين في الدراسة في الجامعات العالمية العريقة حاليا وهذا لأسباب منطقية نتفهمها تماما وهي محاربة الإرهاب واتخاذ الدول الغربية احتياطاتها التي تراها مناسبة لذلك يجب علينا جميعا أن ننظر إلى المستقبل والبحث عن شراكة حقيقية في إطار ثقافة متكاملة لا ثقافة متنافرة. وأرى أننا لسنا بعيدين عن تحقيق تلك الشراكة بل إننا أصبحنا قريبين جدا حتى ونحن مستهلكون للتكنولوجيا فقد تعلم الكثيرون منا أن يسلك مسلكا بديلا في التعاطي مع المشكلات التي تواجهه، ومثال ذلك أن كثيرين من شباب الجيل الحالي يستطيعون إصلاح حواسيبهم وهواتفهم على الرغم من كوننا فقط مستهلكين للتكنولوجيا وهذه تعد وسيلة للانتقال السلس من استهلاك التكنولوجيا إلى إنتاجها وتوطينها.
وتطرق معاليه في كلمته إلى جهود إعادة الإعمار في المنطقة قائلا: الحديث عن إعادة الإعمار في المنطقة أمر مهم ولكنه لن يكون بالنوايا المخلصة فقط بل يجب أن تصحبه إرادة لتحقيق ذلك فالعديد من محاولات إعادة الإعمار التي سمعنا عنها لم تتحقق، ولنا في أفغانستان مثل واضح على كم المؤتمرات والصناديق التي جمعت بها البلايين من أجل إعادة الإعمار ولكن لم يحدث شيء حتى الآن. ونعتقد أن مسؤولية إعادة الإعمار ستكون أكبر نحو البلدان التي تعاني من الحروب الآن بعد انتهاء التوتر بها وإن لم يقم العالم بدوره ستتحول تلك البلدان إلى أصوات مزعجة لا يمكن إسكاتها.

دعم الطلاب

وتحدث رئيس جمعية خريجي هارفارد العرب المنظمة للمؤتمر أحمد الطيب الجيلي عن الجمعية التي قال إنها تأسست العام 2001 وكانت رد فعل على ضعف التمثيل العربي بجامعة هارفادر ليس فقط في عدد الطلاب ولكن في عدد المدرسين والمناهج الدراسية فتم إنشاء صندوق لدعم الطلاب العرب المقبولين في الجامعة بالإضافة إلى دعم تحفيز الطلاب العرب على الالتحاق بالجامعة.
وعن عدد الطلاب العرب والعمانيين الدارسين في جامعة هارفارد قال: تمكنا حاليا من مضاعفة عدد الطلاب العرب الدارسين في الجامعة ليصل إلى حوالي 140 طالبا ولكن لا يوجد من السلطنة سوى طالبين فقط وهو ما دفعنا إلى عقد لقاءات مع مجموعة من الطلاب والطالبات العمانيين من أجل تحفيزهم للتقديم في جامعة هارفارد.
وعن الهدف من عقد مثل هذه المؤتمرات قال الجيلي: نهدف إلى التركيز على الابتكار وأهميته في العالم العربي في كل نواحي الحياة سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية. وسيتم الإعلان عن منح دراسية مقدمة من قبل الجمعية لعدد من الطلاب العمانيين للالتحاق بالدراسة في جامعة هارفارد الأمريكية.
وأضاف أن العالم العربي يمر اليوم في مفترق طرق ليس سياسيا فحسب بل اقتصاديا واجتماعيا وعقائديا. وما نصبو إليه من عقد هذه المؤتمرات ليس الخطب الرنانة بل إلهام الشباب العربي أن يكون الابتكار والتفكير الخلاق هو المنهج وأن يتسلح شبابنا العربي بوسطية الفكر لا وسطية الأمل والطموح.