أول راقصة باليه إماراتية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٢/نوفمبر/٢٠١٩ ١٣:٠٦ م
أول راقصة باليه إماراتية

مي رستم

لا تقتصر ممارسة فن الباليه على مجرد أداء الحركات الراقصة وحسب، بل يتطلب الأمر توافر الموهبة والاجتهاد والتفاني في أداء التدريبات بصورة مكثفة. وقد توافرت كل هذه العناصر في راقصة الباليه الإماراتية علياء النيادي، التي تبلغ من العمر حالياً 26 عاماً، في سن مبكرة للغاية، حيث اكتشفت شغفها بهذا الفن الراقي عندما كانت في الثالثة من عمرها.

وفي معرض حديثها عن بداياتها في هذا المجال، علقت النجمة الشابة علياء قائلة: « لا يمكنني أن أتذكر وقتاً لم أمارس فيه الرقص. فمنذ نعومة أظافري وأنا جالسة في عربة الأطفال كنت أراقب والدتي وهي تدرب الفتيات الصغيرات في استوديو الرقص، وأتذكر أنني تقدمت الصف يوماً ما وبدأت في الالتفاف والدوران.»
تحد شاق!
كانت علياء في طفولتها محاطة دائمًا بالرقص، ولاسيما وأنها تنحدر من أسرة فنية ، حيث جاءت والدتها سفيتلانا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة في أواخر الثمانينات من القرن العشرين لتقديم أحد عروض الباليه في إمارة العين بدعوة من شركة موسكو للباليه. وخلال تلك الزيارة التقت بعبد الله النيادي، والد علياء، والتي أشارت مازحةً: «الباليه هو العامل الأساسي في تكوين أسرتنا.»

تقول علياء: «والداي هما أهم الداعمين لي، ولاسيما أن كل منهما يقدر فن الباليه، وقد سانداني في كل خطوة من خطواتي في هذا المجال. فكانت والدتي هي مدربتي. هنا أود أن اتذكر معكم أمراً طريفاً دوما ما أرويه هو أنه عندما تتوتر والدتي في بعض الأحيان، فإنها تتحدث إليّ باللغة الإنجليزية ولكن عندما تزداد حدة توترها وعصبيتها فإنها تتحدث إلي بالروسية.»

على مدار 20 عاماً ، عملت علياء النيادي ووالدتها على تشجيع بعضهما البعض لتحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال. ففي عام 1998، افتتحت سفيتلانا مدرسة «فانتازيا باليه» في قلب مدينة أبوظبي لتعليم فن الباليه الروسي. وكانت علياء تتدرب مع والدتها من أربع إلى ست مرات أسبوعياً لتتقن كل خطوة وحركة. وتشير علياء قائلةً:»لقد ساعدني الانضباط والالتزام في تدريبات الباليه على معرفة قدراتي واختبارها بصورة حقيقية.على الرغم من أنني لم استمتع ببعض فترات الطفولة، إلا أنني لا أنكر أن الباليه هو ما أوصلني إلى ما أنا عليه الآن.»

تقديم عروض رقص حية

في سن الخامسة عشر،حظت علياء بدعم هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث لتمثيل دولة الإمارات العربية المتحدة في أحد المهرجانات الدولية للفنون في أوكرانيا، وحققت علياء المركز الثالث وهو ما أذهل الجميع. وتسترجع علياء ذلك الإنجاز بقولها:»أندهش الجميع أن الإمارات تملك فرقة باليه تتمتع بكل هذه المهارة لأن تحتل المرتبة الثالثة خلال المنافسات مع فرق من 140 دولة! لقد كان ذلك شرفاً كبيراً بالنسبة لي ولاسيما وأنني لا زلت بعمر الصغر ، حققت شيئاً يدعو حقًا للفخر...لم يكن ذلك بالأمر اليسير، ولكنه استحق العناء.»

حصلت علياء على درجة البكالوريوس من جامعة زايد في الشؤون الدولية الثقافية والمجتمعية، وقد شعرت أنه لا توجد طريقة لتمكين التغيير أفضل من العودة إلى أصول دولة الإمارات العربية، وشعبها.»

لم تكن الأمور بهذه السلاسة على مدار 20 عاماً من ممارسة فن الباليه.وحول هذه النقطة، تشير علياء:»كان التعبير عن نفسي للآخرين في بداية الأمر أكبر تحد لي. فلم يكن مألوفاً أن نجد فتاة عربية مسلمة إماراتية تريد أن تمتهن فن الرقص فكانت مهمتي حينئذ أن أؤكّد للناس بأن الهدف من هذا الفن هو الاتحاد وليس الإهانة.»

وتتابع علياء قولها: «في سن السادسة عشر، شعرت بهجوم كبير ضدي، ولكني حظيت بدعم عائلتي وأحبائي، الذين شجعوني على مواصلة حلمي. لقد أصبح رقص البالية اليوم هو كل شيء بالنسبة لي، فهو الوسيلة التي أعبر من خلالها عن نفسي وأنقل بها مشاعري للآخرين. فبمجرد أن أشعر أنني قد تواصلت مع جمهوري عاطفياً بعد انتهاء أحد عروضي، حينها فقط أشعر وكأنني قد قمت بأداء عملي على أكمل وجه.»

وقد قطعت الإمارات شوطاً طويلاً في هذا المجال منذ بداية ظهور علياء وحتى الآن، بل وتشهد الفنون الأدائية والاستعراضية عموماً ازدهاراً كبيراً على المستوى المحلي. وحول ذلك توضح علياء:»كوني أحد منسقي النشاطات الثقافية بإدارة السياحة والثقافة في أبوظبي ، فقد استطعت الغوص بشكل أكبر في تفاصيل المشهد الفني الإماراتي. فقد لا يعلم الكثير من الناس أن إمارة الشارقة تشهد انتعاشاً واضحاً في مجال فنون الاستعراضية ، إذ يوجد بها أكاديمية متخصصة في الفنون الأدائية تقدم برنامج مسرحي قوي للغاية. إننا نأمل أن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة مركزاً ثقافياً هاماً، ولاسيما مع إقامة دار للأوبرا وتأسيس فرق أوبرالية لفنون الباليه والموسيقى تقدم عروضها على مدار العام. قد يستغرق الأمر بالتأكيد بعض الوقت، ولكني كرست حياتي للعمل كي يتحول هذا الحلم إلى أمر واقع وحقيقة ملموسة.»

مهتمة بالقصص الشيقة الجذابة والأشخاص الذين يسردونها