عواصم –
تلقى الصليب الأحمر الألماني في غضون أسابيع قليلة مئات البلاغات عن فقد أطفال لاجئين، ويجري الآن البحث عن هـــؤلاء الأطفال باستخدام الصور.
وقالت سوزانا بول المتحدثة باسم الصليب الأحمر الألماني (دي آر كيه):»نقوم بإدارة موقعنا الجديد (تريس ذا فيس كيدز) منذ بضعة أسابيع» مشيرة إلى أن الموقع يحوي عدة مئات من الصور لأطفال حتى عمر «14 عاما».
وأضافت بول أن موظفين تابعين للصليب الأحمر في كل من النمسا وكرواتيا وسويسرا يشاركون موظفي الصليب الأحمر الألماني في هذا المشروع التجريبي.
ويقوم هؤلاء بجمع صور لأطفال يبحث عنهم ذووهم، ولعائلات يتوقعون أن يكون أطفالهم في أوروبا، وعلى عكس موقع (تريس ذا فيس دوت أورج) المخصص للاجئين الأكبر سنا، فإن الأهالي لا يسمح لهم بإلقاء نظرة على محتويات موقع الأطفال المفقودين إلا في حضور موظف تابع للصليب الأحمر، كما أن الموقع محمي بكلمة مرور.
كان الصليب الأحمر الألماني تلقى في العام الفــــائت 345 اســــتعلاما عن أطـــفال مفقـــودين بزيادة بنســـبة 60%مقارنة بالعام 2014 ووفقا لبيانات الشـــرطة الأوروبيـــة (يوروبول)، فإن عـــدد المفقودين في ألمـــانيا من اللاجئين القاصرين القادمين بمفردهم، بلغ مطلع العام الجاري 4749 شخصا، ويرجع خـــبراء ارتفاع هذا العدد إلى تكرار التســـجيل، وإلى قصور في عملية تبادل البيانات بين الدول المســـتقبلة للاجئين.
10 آلاف حالة
تعد قضية أطفال اللاجئين من أبرز الملفات المطروحة في المحافل الدولية خصوصا لما يعانيه هؤلاء من أزمات نفسية جراء رحلة اللجوء المحفوفة بالمخاطر والاستغلال، للوصول إلى أعتاب أوروبا.
على ما يبدو فإن رحلات الموت للأطفال اللاجئين الذين لا ترافقهم عائلاتهم قد تكلف بعضهم أرواحهم مبكرا فيرحلون تاركين وراءهم حلم الوصول إلى «الجنة الأوروبية»، بينما تكلف آخرين موت أحلامهم وهم أحياء.
ما يقارب 10 آلاف طفل لاجئ لا يرافقهم ذووهم، اختفوا بعد وصولهم إلى أوروبا، وفق ما أعلن جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي (اليوروبول)، مبديا تخوفه من وقوع هؤلاء الأطفال في براثن عصابات تجار البشر.
ونقلت صحيفة «الغارديان» عن قائد جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي، بريان دونالد، أن آلاف القصر اختفوا ولم يعثر عليهم بعد تسجيل معلوماتهم لدى سلطات الدولة.
وكشف المسؤول الأمني أن 5000 طفل فقدوا في إيطاليا، و1000 قاصر اختفوا مؤخرا في السويد مؤكدا أنهم لا يعلمون بالفعل أين هم الآن وماذا يفعلون ومن يرافقهم. وتحدث دونالد عن 270.000 طفل لاجئ، وجميعهم لا يرافقهم أهلهم، مشيرا إلى أن 10 آلاف طفل مفقود هو عدد تقديري لهم وتبقى التقديرات نسبية لغياب إحصاءات رسمية.
إلى ذلك، أكد المسؤول في جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي لصحيفة الغارديان، أنهم عثروا على أدلة تشير إلى تعرض بعض الأطفال اللاجئين الذين لا ترافقهم عائلاتهم للاستغلال الجنسي، لافتا إلى اعتقال أعداد كبيرة من المتورطين في استغلال اللاجئين خاصة مع تطور المنظومة الإجرامية المرتبطة بملف الهجرة إلى أوروبا خلال الأشهر الـ 18 الفائتة.
كما وثقت وكالة الشرطة تشابكا مثيرا للقلق بين عصابات منظمة لتهريب اللاجئين إلى أوروبا وعصابات للاتجار بالبشر الذين يستغلونهم جنسيا ويستعبدونهم. وتعد محنة الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بعائلاتهم واحدة من أكثر القضايا إلحاحا في أزمة تدفق اللاجئين على أبواب القارة العجوز.
عمالة الأطفال
وكشف تقرير لمنظمتي اليونيسيف وإنقاذ الطفولة أن المزيد من الأطفال بين اللاجئين السوريين في الأردن وتركيا يضطرون للعمل في المقالع والمخابز وصناعة الأحذية لإعالة أسرهم، ما يعرضهم لمخاطر كبيرة ويجعلهم عرضة للاستغلال الجنسي.
واضطر المزيد من أطفال اللاجئين السوريين للعمل للمساعدة في إعالة أسرهم، حسب ما كشفه أول تقرير مفصل عن عمالة الأطفال بين اللاجئين السوريين في منطقة الشرق الأوسط، أعدته منظمتا اليونيسيف وإنقاذ الطفولة ونُشر الخميس (الثاني من يوليو 2015).
وبحسب التقرير فإن أطفالاً سوريين بعمر ست سنوات في لبنان يضطرون للعمل من أجل مساعدة عائلاتهم اللاجئة هناك. وفي الأردن حيث يوجد أكثر من 440 ألف لاجئ سوري منذ خمس سنوات، تركوا بلادهم هرباً من الحرب الأهلية التي تمزق سوريا، فإن في نصف العائلات التي شملتها الدراسة، يُعد الطفل معيلا مهما وفي بعض الحالات المعيل الوحيد لها. في هذا السياق قالت المتحدثة باسم اليونيسيف جوليت توما: «بناء على هذه الدراسات فإنه من الواضح أن عمالة الأطفال قد ازدادت بشكل كبير، وقد بدأت منذ بدء الصراع في سوريا».
وفقاً للتقرير فإن الأطفال يتم تجنيدهم كجنود، ويتعرضون للاستغلال، ويعملون بالحقول الزراعية في لبنان، أما في الأردن فإنهم يعملون في المتاجر والمطاعم. وفي تركيا تتنوع أعمالهم بين الخبز وتصنيع الأحذية، كما يعملون في مقالع تكسير الحجارة ومواقع البناء، ما يجعلهم عرضة لمخاطر كبيرة.
وكشف التقرير أن ثلاثة من كل أربعة أطفال سوريين لاجئين إلى مخيم الزعتيري في الأردن، يعانون من مشكلات صحية، إذ يعملون أحياناً الأسبوع بأكمله من أجل أن يتقاضوا ستة أو سبعة دولارات في اليوم. وأضاف التقرير أن الكثير من الأطفال بدؤوا بالعمل لمساعدة عائلاتهم، وهم لم يبلغوا بعد ربيعهم الثاني عشر، فبعض أرباب العمل في لبنان وتركيا والأردن يفضلون الأطفال على الكبار لأنهم «أرخص» من الكبار، الذين لا يحصلون بسهولة على تصريح عمل في هذه البلدان التي لجأوا إليها.
ثلث اللاجئين
بعد غرق طفلين جديدين في سواحل أوروبا، أعلنت الأمم المتحدة أن الأطفال يشكلون الآن أكثر من ثلث المهاجرين، الذين يحاولون عبور البحر من تركيا إلى اليونان. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيســـف»، فإنه وللمرة الأولى منذ بداية أزمة اللاجئين في أوروبا، يصبح عدد النساء والأطفال الذين يعبرون الحدود من اليونان إلى مقدونيا، أكبر من عدد الرجال البالغين.
يأتي ذلك في الوقت الذي تحاول فيه أوروبا التعامل مع أكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصل عدد هؤلاء الفارين من الحروب والفقر، والمخاطرين بأرواحهم للوصول إلى الشواطئ الأوروبية، إلى أكثر من مليون لاجئ في العام الفائت فقط.
المتحدثة باسـم «اليونيســـيف» سارة كرو قالت إن الأطفال يشكلون حاليا 36%من اللاجئين الذين يعبرون أجواء البحر الخطيرة بين تركيا واليونان.
وأضافت أن نسبة النساء والأطفال الذين يعبرون من مقدونيا تصل إلى 60 %. وهي نسبة تمثل تحولا كبيرا عما كان عليه المشهد في شهر يونيو من العام 2015، عندما كان 73 %من المهاجرين من الرجال البالغين، وواحد من كل عشرة منهم كان تحت سن الـ18 عاما. ماري بيير بوارييه، المنســــقة الخاصة لأزمة اللاجئين والمهاجرين في أوروبا، قالت إن النساء والأطفال الذين يحاولون العبور إلى أوروبا، هم في الواقع أكثر عرضة للخطر من غيرهم، وأن الآثار المترتبة على هذه الزيادة في عددهم كبيرة جدا. فهم يخوضون مخاطر كبيرة في البحر خصوصا الآن مع فصل الشتاء، ويحتاجون إلى رعاية وحماية أكبر بعد وصولهم.
أوروبا فشلت
علقت صحيفة «نيويورك تايمز» على تقرير وكالة الشرطة الأوروبية بشأن اختفاء أكثر من 10 آلاف طفل، ممن تسللوا إلى أوروبا خلال العامين الفائتين، مشيرة إلى الخوف من وقوع أولئك الأطفال في يد عصابات تجارة الجنس وغيرهم عن طريق نفس الجماعات الإجرامية المنظمة التي تنقل اللاجئين إلى أوروبا.
وحذر ماري بيير بوارييه، المنسق الخاص بأزمة اللاجئين والمهاجرين في اليونيسيف، من الآثار المترتبة على هذه الزيادة في نسبة الأطفال والنساء المتسللين إلى أوروبا، حيث يعني هذا مزيدا من الأخطار في البحر، خاصة في فصل الشتاء، كما أن المزيد يحتاجون الحماية على الأرض». وتقول الصحيفة إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى زيادة التمويل لتحسين الخدمات المعنية بالأطفال.
كما يجب القضاء على شبكات الاتجار بالبشر والقبض على أي مرتكب جرائم ضد الأطفال ومعاقبته. مشيرة إلى أن جميع الدول الأوروبية وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وواجب توفير السلامة والرفاهية للأطفال على الأراضي الأوروبية. وخلصت أن فشل أوروبا في حماية هذه الفئات الأكثر ضعفا بين الأشخاص اليائسين الفارين من الصراع، غير معقول.