لا تلوموا الدين ولا الجينات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/أكتوبر/٢٠١٩ ١١:٥٨ ص
لا تلوموا الدين ولا الجينات

لميس الضيف

ما الفرق بين البوذي الذي يشوي لحوم المسلمين في بورما ويأكلهم أحياء حقداً وتشفيا، وبين البوذي المسالم الذي يستوطن التبت ويدير ظهره لملذات الحياة ويمقت قتل الحيوانات ناهيك عن البشر؟!

ما الفرق بين الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، التي استعبدت الناس بالقوة، واستغلت جوعهم وفقرهم لتنصيرهم. وسجنت وعذبت 22 ألف ضحية وثقت محاكم المصالحة ظلامتهم وبين البيض في أوروبا الذين يتزعمون اليوم – حصرا- حركة إنقاذ اللاجئين ويؤسسون وينفقون على منظمات حقوقية بغية التأسيس لنظام عالمي يحترم « الإنسان» بغض النظر عن عرقه ولونه.

حقا؟

ما هو الفرق؟

ما الفرق بين المسلمين في أفغانستان الذين يعتــــــبرون خروج المرأة دون رجل دعوة منها لاغتصابها جماعيا، ويتحين المجاهــــــدون منـــــهم الفرصـــــة لتصفـــــية «الكفار والمرتدين من المسلمين حول العالم» وجـــــيرانهم من مسلمي الهند الذين يتعايــــــشون بسلام مع 100 ملة ونحلة؟

لا يبدو أن العقيدة هي من توجه تصرفات البشر.. ولا العرق يحكمها أيضا.. أن المتعصبين هم سلاسة بيئتهم المنغلقة.. والمجرمون هم قطاف شيطاني لبيئتهم العنيفة.. لذا لا تلوموا يوماً دينا أو جينات على وحشية بشر.. وما يحــــصل من تطهير بحق الروهينغيا على يد كهنة يُفترض بهم أن يكونوا دعاة سلام دليل فاقع على ما نقول..

الحضارة والقيم الأخلاقية تزدهر في البيئات المستقرة. وتنتشر الغوغائية في البيئات المضطربة. يساعد الجهل، أو بشكل أدق يعملق، قدرة الأفاكين والدجالين وأئمة الكراهية على نشر أفكارهم المريضة. فيما تفند المجتمعات الحية المتعلمة كل شيء وتغربل كل ما يقال فتكبل يد زارعي الفتن والمرضى.

شريعة الغاب، التي تحكم وتتحكم في كثير من المجتمعات، تحول أفرادها إلى وحوش كاسرة وإن كان دينهم يدعوا للصلاح وكثيرا ما ترى أفراد تلك المجتمعات ذاتها قد تغيروا أن ما جرفتهم الأمواج لسواحل الدول المتحضرة. فيلبسون لباس التحضر ويخلعون جبّة العصبية التي ما أردنا سواها.

في المرة القادمة التي تسمعون فيها من يلوم ديناً أو عرقا على اضمحلال قيم منتسبيه ذكروهم بأن الإنسان واحد، وكل الأديان في جوهرها تدعوا للأخلاق ولكن البيئة هي من يشوه أو يجمل الإنسان « فالعشب أخضر ولكن العنز مريضة « كما كان يقول طاغور