سقطنا

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/أكتوبر/٢٠١٩ ١١:٥٠ ص
سقطنا

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي لا نقلل فيه من قدر الفائزين في إنتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة في ولايات السلطنة، ونقر برغبة المواطنين في إختيار من يمثلهم، إلا أنه لابد لنا من أن نقر بأننا سقطنا في اختبار الاختيار على نطاق واسع وفي معظم الولايات تقريبا تلك هي نقطة الإختيار على أساس القبيلة وليس الكفاءة في المقام الأول في كل الولايات بدون استثناء إبتداء من محافظة مسقط التي لم تكن للأسف نموذجا يحتذى به في الإختيار على أساس الكفاءة، ثم نأتي بعد ذلك لنقول بأن مجلس الشوى فاشل ولم يؤد دوره المناط به.

فاليوم وبعد إنتهاء الإنتخابات لابد لنا من تحليل النتائج واخضاعها للدراسة المتأنية لإستخلاص العبر والدورس منها لفائدة مستقبل المجلس ولفائدة التجربة الديمقراطية بالبلاد.

ثمة أفكار لا تزال تسيطر على شرائح واسعة في المجتمع نخلص من خلالها لحقيقة أن عملية التغيير صعبة المنال على ضوء هذه الإختيارات الفئوية في كل جوانبها وطرقها وأساليبها، فلا يجب أن نمني أنفسنا كثيرا بتطوير التجربة أو منحها صلاحيات أوسع إذا كانت أغلب الولايات لم تغادر بعد قوقعة القبلية الضيقة إلى آفاق الوطن الرحيب، وقد يحتاج الأمر منا لقرن آخر لكي نستوعب جدوى وأهمية وحتمية الإختيار على أساس الكفاءة والقدرة والمؤهلات والتي ومن خلالها نضمن إضطلاع المجلس بالدور المنتظر منه.

إن المتابع للعملية الإنتخابية في ولايات السلطنة وما شهدته من تجاذبات قبلية وفئوية وما شهده التنافس من رغبات لإلقاء الآخر وتعزيز الفئويات والأيدلوجيات والمناطقية وغيرها من الآهات والأوجاع، كل ذلك يدفع المشرع في الدولة لإعادة النظر في أولويات التدرج وإعطاء الفرصة للمجتمع ليخرج من ذلك الحيز الضيق بل المتناهي الصغر.

على ضوء ذلك فقدنا اليوم الكثير من الكفاءات التي ترشحت لتسهم في الإرتقاء بالتجربة البرلمانية وتطويرها من منظور أوسع وأشمل وذلك بعد 32 عاما من تجربة التدرج في منح الصلاحيات وبناء على مستوى النضج المفترض حدوثه مع التقدم في السن.

إن النهج الذي اتبعه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في عملية المشاركة السياسية تحتاج إلى المزيد من الوقت وعدم إستعجال نضجها في مجتمع مابرح يتوارث التقليدية وهي عقبات لابد من أن نتكاتف جميعنا كمجتمع ينشد التقدم والإرتقاء في سلم الوطنية الصرفة لابد لنا من أن نعمل جاهدين لتفتيت هذه العقبات وإزاحتها من طريق تقدمنا لبناء دولة ضاربة بجذورها في أعماق التمدن والرقي.

ففي كل المجامع الانتخابية إلا ما رحم ربي نجد هذه العقبات ماثلة وقائمة، لنحصل في النهائية على كلمات موجزة تلخص علينا العملية برمتها وهي (سوء الإختيار)، ولنجد البعض وهو محاط بهالة من الإحباط ليقول (التعيين أفضل) إن كان الأمر كذلك.

بالطبع العملية البرلمانية والمشاركة الشعبية تأخد وقتا طويلا في حياة الأمم حتى تتبلور في صيغتها النهائية ولا يجب الإستعجال بل ينبغي منحها الوقت الكافي مع متابعة تقديم النصح والإرشاد والتوجيه، وهذا ما نفعله الآن في إطار حرصنا على أن نرى في يوم من الأيام إنتخاباتنا وهي تقوم على أكتاف ناخب لايؤمن بغير الكفاءة معيارا لمنح الثقة في أي مترشح وإن طالت عمامته القبلية.

نأمل أن لا نتعجل في إطلاق فقاقيع أحلام اليقظة بشأن وصول الوعي بالمشاركة في الانتخابات لشواطئ الكمال الذي هو لله وحده، ولكننا لن نسمح في ذات الوقت بالقنوط بالتسلل لأنفسنا التي ترنو لغد أفضل وأسعد عندما نرى الكفاءات وحدها هي التي تحتل المكان اللائق بها داخل قبة مجلس الشورى.