كيث جيه. فرنانديز
يسعى الآباء نحو توفير أفضل بداية ممكنة لحياة أطفالهم، ولكن أن يكون لديك طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة.
أصرت هبة شطا على مواجهة هذا التحدي المتمثل في إصابة ابنتها باضطراب طيف التوحد، فقررت إنشاء مؤسسة تعليمية شاملة تتيح لأي شاب من أصحاب الهمم اكتساب المهارات اللازمة لشق طريقه في الحياة.
ساعدت مراكز الدعم الثلاثة التي أنشأتها منذ عام 2007 في التحاق مئات الأطفال بالمدارس العامة في الإمارات العربية المتحدة وزوّدت عشرات المعلمين بمهارات الإدماج ورفعت درجة الوعي باضطرابات النمو على مستوى المنطقة. وقد أفضت جهودها إلى أن أصبحت واحدة من الحائزات السبع من جميع أنحاء العالم على جائزة مبادرة كارتييه للنساء لهذا العام.
تقول هبة شطا، وهي طبيبة أسنان سعودية انتقلت للعيش في دبي في عام 2001، إن قرارها بالتوجه نحو العمل التجاري تبلور في اللحظة التي نصحها الأطباء بالبحث عن حضانة خاصة في انتظار التشخيص النهائي لحالة ابنتها البالغة من العمر 15 شهرًا في ذلك الوقت. قادها بحثها إلى البحث عن العلاج بمنهجية تحليل السلوك التطبيقي والتدخل المبكر، الذي يُعد أفضل ممارسة قائمة على الأدلة في إعداد الأطفال المصابين بالتوحد للالتحاق بالمدارس العامة.
وكانت معظم العيادات التي توجهت إليها لديها قوائم انتظار طويلة وكانت مراكز الاحتياجات الخاصة بالدولة تقدم خدماتها في ذلك الوقت للحالات الخفيفة والمعقدة دون منهج علمي.
تقول هبة "كان علي اتخاذ قرار صعب بين الانتقال إلى بلد آخر [أو] البقاء والنهوض بشيء ما لدعمها والأطفال من أمثالها. لذا قررت إنشاء مركز طبي للتدخل المبكر في عام 2008 بالتعاون مع مقدم خدمات في مجال العلاج بتحليل السلوك التطبيقي". "بدأنا العمل بثمانية أطفال و10 أطباء معالجين ونما علمنا بسرعة كبيرة. وبحلول عام 2010، كان هناك أطفال جاهزون للالتحاق بالمدرسة".
على الرغم من ذلك، لم تكن المدارس مهيئة لاستقبالهم، لذا أطلقت هبة مركزًا تعليميًا بديلًا لدعم انتقالهم إلى المدارس العامة وإدماجهم. وبالفعل كان مركز مهارات التعليمي هو الخطة التالية، حيث أُنشئ مباشرةَ عقب طرح هيئة المعرفة والتنمية البشرية مبادرتها المتعلقة بالإدماج في 2016.
يغطي مركز مهارات، ويعني بالإنجليزية "skills"، جميع مجالات التعلم والدعم بالكامل. تتضمن الدورات جلسات فردية مدعومة بخدمات دعم الإدماج والتعليم الملازم.
كانت تُعقد الجلسات على المستوى الإقليمي في البداية باللغتين العربية والإنجليزية. والآن يعمل المركز مع 10 مدارس على مستوى دبي لتقديم فصول دراسية خاصة بالعلاج بتحليل السلوك التطبيقي والانتقال. ويأتي التوسع الدولي كخطوة مقبلة، حيث افتُتح الفرع الأول في الرياض ويُتوقع إطلاق منصة عبر الإنترنت لزيادة البحث وتشجيعه.
تقول هبة شطا "أرى أن العمل ينمو عالميًا وبات اسمًا معروفًا. "هناك العديد من الأطفال حول العالم يعانون من اضطرابات النمو، أتمنى أن أراهم يتحسنون وينمون ليكونوا أشخاصًا رائعين".
بث الأمل
على الرغم من تأخر المنطقة كثيرًا عن البلدان المتقدمة، فإن قبول ذوي الاحتياجات الخاصة قد تزايد في السنوات الأخيرة. فقد استضافت أبوظبي في أوائل عام 2019 دورة الألعاب الأولمبية الخاصة، وبحلول العام القادم سيتعين على المدارس الخاصة في دبي تلبية احتياجات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
بحسب منظمة الصحة العالمية، يقدَّر المتوسط العالمي لانتشار اضطراب التوحد بعدد 62 من كل 10000. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، قد تكون النسبة أعلى.
ويشير أحد الأبحاث المتاحة بهذا الشأن إلى أن نسبة انتشار اضطراب طيف التوحد في عمان تبلغ 1.4/10000 و29/10000 في الإمارات العربية المتحدة و4.3/10000 في البحرين، غير أنه يُعتقد أن الحالات التي تُذكر أقل من الواقع.
لقد أصبحت هبة شطا ممثلاً عن التوعية باضطراب طيف التوحد، لكن ربما كانت اللحظات الأكثر صعوبة التي مرت بها على الإطلاق شخصية بحتة.
توضح قائلةً "توجد العديد من اللحظات الصعبة، بدايةً من عدم القدرة على التواصل مع طفلك أو فهم مشاعره". "رحلتي مع التوحد ليست هينة أبدًا، بيد أن اللحظات السعيدة كثيرة. هذه اللحظات التي يطرب فيها القلب من الفرح لأن طفلك حقق ما لا تتوقعه. وعندها، تهون جميع اللحظات الصعبة، كأن لم تكن".
إنها بلا شك ماضية في طريقها نحو النجاح في رسالتها، فابنتها الآن في الصف السابع وتتحدث الإنجليزية والعربية وتعزف على البيانو وتجد متعتها في الفن والرياضة والسباحة.
--
محرر ومستشار محتوى ذو خبرة تزيد على 15 عاماً في مجال الإعلام الرقمي والمطبوع