"غريتا ثونبرغ" تبني الحدث

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٥/أكتوبر/٢٠١٩ ١٢:١٦ م
"غريتا ثونبرغ" تبني الحدث

بيتر سنجر

«هذا كله خطـأ!» كانت هذه كلمات بداية أقوى خطاب سمعته في حياتي، والذي دام أربع دقائق. وكانت غريتا ثونبرغ، الناشطة السويدية في مجال للمناخ، هي من نطق بها، في قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ المنعقد في الشهر الفائت، وجاء هذا الخطاب بعد أسبوع من الاضطرابات المناخية، والمسيرات التي حضرها ما يقدر بنحو ستة ملايين شخص. وكانت أغلبية المتظاهرين من الشباب، الذين سيضطرون لتحمل تكاليف تغير المناخ أكثر من قادة العالم، الذين كانت تقصدهم ثونبرغ بكلامها؛ لذلك كانت نبرة غضبها الأخلاقي في محلها، شأنها في ذلك شأن الفكرة المهيمنة في خطابها: «كيف تجرؤون على ذلك؟ «واتهمت قادة العالم بسرقة أحلام الشباب بكلمات فارغة. كيف يجرؤون على القول أنهم يفعلون ما يكفي؟ كيف يجرؤون على التظاهر بأن «العمل المعتاد»، إلى جانب الحلول التكنولوجية التي لم تكتشف بعد، سيحلان المشكلة؟

ووفقًا لمؤشر أداء تغير المناخ، لم تحقق أي حكومة في العالم بعد، أداء «جيدا للغاية» في حماية مناخ العالم. وتبذل كل من السويد، والمغرب، وليتوانيا حاليًا أفضل الجهود، ثم تأتي بعد ذلك في الترتيب لاتفيا والمملكة المتحدة. وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الخامسة، إلى جانب المملكة العربية السعودية، وإيران، وكوريا الجنوبية، وتايوان.

وليس من الصعب الفصل في القضية الأخلاقية. إذ بالنسبة للبلدان الغنية المسؤولة عن معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الموجودة الآن في الجو، لا يمكن أن يكون هناك أي مبرر أخلاقي للاستمرار في إطلاق الغازات الدفيئة عند مستويات نصيب الفرد أعلى بكثير من الأشخاص في البلدان المنخفضة الدخل، الذين سيعانون أكثر من غيرهم من تغير المناخ. إن فرض فرصة واحدة في كل ثلاث للاحترار الذي يتجاوز 1.5 درجة مئوية، يشبه إلى حد ما لعبة الروليت الروسية، كما لو أننا وضعنا مسدسًا ضد رؤوس عشرات، أو ربما مئات الملايين من الناس في البلدان المنخفضة الدخل- الفرق أننا عبئنا مسدسنا المكون من ست فجوات برصاصتين بدلاً من واحدة. وبالنسبة للدول الغنية، من ناحية أخرى، فإن الانتقال المطلوب إلى اقتصاد نظيف، سيؤدي إلى بعض التكاليف الانتقالية، ولكن على المدى الطويل، من شأنه أن ينقذ الأرواح، ويفيد الجميع.

تدعو «تمرد الانقراض»، وهي حركة دولية بدأت العام الفائت بإعلان تمرد في لندن، إلى العصيان المدني. وتدعو هذه الحركة الآلاف من النشطاء إلى إغلاق الطرق، وإغلاق أنظمة النقل في المدن الرئيسية في جميع أنحاء العالم، ليس ليوم واحد فقط، ولكن لمدة طويلة بما يكفي لفرض تكاليف اقتصادية حقيقية على الحكومات، ونخبة رجال الأعمال، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الانضباط الخالي من العنف حتى في مواجهة القمع الحكومي.

واستُخدم العصيان المدني لأول مرة جزءا من حركة جماهيرية قام بها المهاتما غاندي (والتي نشأت قبل 150 عامًا)، في جنوب إفريقيا، ثم بعد ذلك في الهند. وفي الولايات المتحدة ، كان من أشهر مؤيديها مارتن لوثر كينغ الابن، في الكفاح ضد الفصل العنصري. ولعب العصيان المدني دورًا، إلى جانب أشكال الاحتجاج الأخرى، في إنهاء حرب الفييتنام. وفي كل من هذه الأمثلة، أصبح اللجوء إلى العصيان المدني يعتبر الآن تصرفا شجاعًا، وصحيحًا. وهناك تماثيل لغاندي في جميع أنحاء العالم. وفي الولايات المتحدة، يعتبر عيد ميلاد كينغ عطلة وطنية.

إن إخفاق الحكومات في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ليس أقل ضلالة من الحكم البريطاني في الهند، أو الحرمان من الحقوق المتساوية للأمريكيين من أصل أفريقي، أو الحرب في الفيتنام- ومن المحتمل أن يتسبب في ضرر على نطاق أوسع بكثير. ولذلك، سيكون العصيان المدني الخطوة الصحيحة، إذا كان ممكنا عن طريقه إقناع الحكومات باتباع العلم، وفعل ما هو ضروري لتفادي التغير المناخي الكارثي.
وقد تكون هناك أشكال فعالة أخرى من الاحتجاج غير العنيف الذي لم يجربه أحد بعد. لقد اشتهرت ثونبرغ في البداية بالوقوف بمفردها خارج البرلمان السويدي، وهي تحمل لافتة مكتوب عليها باللغة السويدية «الإضراب المدرسي من أجل المناخ». لم يكن أحد يتوقع أن تبدأ هذه الفتاة البالغة من العمر 15 عامًا حركة يدعمها ملايين الشباب، والفوز بمنصة حيث يمكنها مواجهة قادة العالم. إننا بحاجة إلى المزيد من الأفكار المبتكرة حول أفضل السبل للتبليغ عن الطابع الملح للموقف، وعن الحاجة إلى تغيير حاد في المسار.

أستاذ أخلاق الطب الحيوي بجامعة برينستون ومؤسس منظمة «الحياة التي يمكنك إنقاذها» غير الربحية