الحسكة - أ ف ب
أعلنت وزارة الدفاع التركية، امس السبت، عن سيطرة القوات التركية على إحدى المدن بمحافظة الحسكة قرب الحدود السورية مع تركيا، وذلك ضمن العملية العسكرية التي أعلنت أنقرة إطلاقها الأسبوع الماضي ضد مواقع قوات حماية الشعب الكردية السورية.
وقالت وزارة الدفاع التركية على وسائل التواصل الاجتماعي «تويتر» إنه «ضمن العمليات الناجحة التي يتم تنفيذها في إطار عملية ينابيع السلام، تمت السيطرة على مدينة راس العين شرقي الفرات»
تخوض قوات سوريا الديموقراطية امس السبت، لليوم الرابع على التوالي، معارك عنيفة للحد من تقدم القوات التركية في مناطق سيطرتها في شمال شرق البلاد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر ميدانية.
وتمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، والمدعومة بسلاح المدفعية والطيران، من السيطرة خلال الليل على 11 قرية حدودية، غالبيتها قرب مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، بحسب المرصد.
عزل
وتسعى القوات التركية إلى تطويق وعزل بلدة رأس العين (شمال الحسكة) ومدينة تل أبيض الحدوديتين، حيث تدور أشد المعارك بين الطرفين.
وقال مصدر من قوات سوريا الديموقراطية من داخل مدينة راس العين لفرانس برس «تصدت قواتنا لهجوم تركي من ثلاثة محاور مع اسناد جوي ومدفعي عنيف على مواقعنا»، مشيراً إلى اشتباكات على جهات عدة في محيط البلدة.
وكان محللون توقعوا أن يقتصر الهجوم التركي في مرحلة أولى على هذه المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض، ذات الغالبية العربية خلافا لغالبية المناطق الحدودية الأخرى ذات الغالبية الكردية، والتي يبلغ طولها أكثر من مئة كيلومتر.
ونقل مراسل لوكالة فرانس برس قرب رأس العين سماعه لأصوات قصف عنيف، وشاهد مقاتلين من الفصائل السورية الموالية لأنقرة يتوجهون نحو جبهات القتال.
وأسفر القصف التركي والمعارك منذ الأربعاء، وفق المرصد، عن مقتل 74 مقاتلاً في قوات سوريا الديموقراطية وعشرين مدنياً.
وفي الجهة المقابلة من الحدود، قتل خلال اليومين الفائتين 17 مدنياً في قذائف اتهمت السلطات المقاتلين الأكراد بشنها.
وتهدف تركيا من هجومها إلى إقامة منطقة عازلة تنقل إليها قسماً كبيراً من 3,6 ملايين سوري لديها. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إصراره على مواصلة العملية العسكرية برغم التهديدات الأميركية المتصاعدة ضده بفرض عقوبات «شديدة» على بلاده.
وبدأت تركيا هجومها، الذي دفع منذ الاربعاء نحو مئة ألف شخص للنزوح وفق تقديرات الأمم المتحدة، بعد يومين من سحب واشنطن عشرات من جنودها من نقاط حدودية في شمال سوريا ما بدا وكأنه ضوء أخضر أميركي لتركيا.
وبعدما طالته انتقادات لاذعة متهمة إياه بالتخلي عن الأكراد ومحذرة من عودة تنظيم داعش هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تركيا بتدمير اقتصادها في حال تخطت حدودها.
وسقطت قذائف مدفعية تركية مساء الخميس بالقرب من نقطة مراقبة أميركية في منطقة كوباني الحدودية في شمال حلب. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بروك ديوالت «يعرف الأتراك أن جنودا أميركيين يتواجدون فيها».
ولم يعتبر البنتاغون الهجوم مقصوداً.
نفي تركي
ونفت تركيا السبت استهداف قاعدة عسكرية أميركية في شمال سوريا بعدما قال البنتاغون إن قوات أميركية في سوريا تعرضت لنيران مدفعية تركية.
وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لوكالة أنباء الأناضول الرسمية «لم تطلق أي نيران إطلاقاً على موقع المراقبة الأميركية».
وقال إن تركيا ردت بإطلاق النار الجمعة بعدما قصفت وحدات حماية الشعب الكردية مركزاً لشرطة الحدود التركية انطلاقاً من تلال تقع على بعد كيلومتر من موقع المراقبة الأميركي في سوريا.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدت أن انفجاراً وقع «على بعد أمتار» من موقع أميركي قرب بلدة كوباني (عين العرب)، وحذر من أن الولايات المتحدة جاهزة للرد على أي اعتداء ب»عمل دفاعي فوري».
وأشار أكار من جهته إلى أن «كل التدابير الوقائية الضرورية كانت قد اتخذت لمنع إلحاق ضرر بالموقع الأميركي».
وقال إن القوات التركية توقفت عن إطلاق النار «كتدبير احتياطي» بعدما تواصل الأميركيون معها. وأضاف «يتم على أي حال القيام بالتنسيق اللازم بين مراكز قيادتنا وبين الأميركيين».
وتستهدف تركيا قوات سوريا الديموقراطية الحليفة للولايات المتحدة في المعارك ضد داعش التي استمرت خمس سنوات.وخسرت قوات سوريا الديموقراطية 11 ألف مقاتل في الحملة العسكرية التي قادتها واشنطن ضد التنظيم المتطرف.
تنظيم ارهابي
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، تنظيما ارهابيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الداخل في نزاع مسلح مع السلطات التركية منذ العام 1984.
وانسحبت القوات الأميركية من مواقع على طول الحدود بين تركيا وسوريا قبل أسبوع من بدء العملية التركية.
ويواجه الرئيس دونالد ترامب عاصفة من الانتقادات بعدما بدا وكأنه أعطى الضوء الاخضر لتركيا لتشن عمليتها العسكرية في الشمال السوري التي بدأت بعد اعلانه سحب الجنود الأميركيين من هناك.
تعطيل روسي
وعطّلت موسكو الجمعة مسودة بيان أميركي لمجلس الأمن الدولي يطلب من تركيا وقف عمليتها العسكرية في شمال سوريا، كما ذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس.
وقال أحد هؤلاء الدبلوماسيين إن موسكو عطلت إجراءات تبني النص الذي كان يفترض أن يتم عند الساعة 19,00 بتوقيت غرينتش. وذكر دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه أن الصين حذت حذو روسيا وعطلت الإجراءات أيضا.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يجب تحرير سوريا من الوجود العسكري الأجنبي وهذا ينطبق على جميع الدول.
وأضاف بوتين، «إن أعلنت القيادة الشرعية المستقبلية في سوريا، أنها لا تحتاج إلى وجود القوات الجوية الروسية في المنطقة فسوف تخرج من المنطقة».
وكانت مسودة البيان تكتفي في صيغتها الأصلية بالطلب من تركيا العودة إلى الطرق الدبلوماسية بدلا من استخدام وسائل عسكرية. لكن تم تشديد الصيغة بعد ملاحظات قدمتها دول أعضاء في مجلس الأمن في الساعات الـ24 الأخيرة.
ويطلب النص النهائي الذي تم طرحه واطلعت وكالة فرانس برس على نسخة منه، من تركيا «وقف عمليتها العسكرية واستخدام القنوات الدبلوماسية بالكامل لمعالجة مخاوفها الأمنية». كما يؤكد النص «القلق العميق (لمجلس الأمن) في مواجهة العملية العسكرية التركية وتداعياتها وخصوصا ببعديها الإنساني والأمني».
وتطالب مسودة البيان أيضا كل الأطراف بحماية المدنيين والسماح بإيصال مساعدات إنسانية بشكل دائم في سوريا.
ويحذر النص من إعادة تنظيم داعش تشكيل صفوفه ويؤكد أن عودة للاجئين إلى سوريا، وهي أحد أهداف أنقرة، لا يمكن أن تتم إلا بأمان وعلى أساس طوعي.
وفي ختام اجتماع شهد انقسامات الخميس، اقترحت الولايات المتحدة على شركائها في مجلس الأمن الدولي نصا لا يتحدث في صيغته الأولى سوى عن «قلق عميق» ويطلب من أنقرة تغليب «القنوات الدبلوماسية» على السبل العسكرية.
وطلبت البعثة الدبلوماسية الروسية لدى الأمم المتحدة بعض الوقت للتشاور مع موسكو، ووافقت الولايات المتحدة على الانتظار حتى صباح الجمعة الفائت.
وطلبت روسيا بعد ذلك مزيدا من الوقت من دون أن تتم الاستجابة لطلبها.
وأطلقت الولايات المتحدة إجراءات تبني النص الذي تم تشديده ليطلب وقف العملية التركية، كما ذكر دبلوماسيون.