علي المطاعني
مما يثلج الصدر بأن تعمل مؤسسة أكاديمية على تنظيم حدث يتعلق بالجودة في التعليم العالي والنهوض بالجوانب الأكاديمية وهي تقدم في ذات التعليم العالي كمؤسسة خاصة، كغيرها من المؤسسات الأكاديمية، وهو مايجعلنا نطمئن أكثر بأننا بخير وان الاستثمار في التعليم العالي في البلاد وصل لدى البعض مراحل من الوعي ما يجعلنا نطمئن له ومؤسساته على اختلافها من جامعات وكليات وغيرها من محاضن التعليم العالي، تسعى أن تكون الجودة هي الضمانة لاستمرارية مواصلة رسالتها الأكاديمية وهي الأداة التي سوف تسوقها إلى أبنائنا الطلبة والطالبات بالسلطنة وخارجها، وهي العلامة الناصعة للتعليم العالي في اي مكان.
لعل جامعة مسقط بمبادراتها الرائعة بتنظيم مؤتمر يختص بالجودة بالتعليم العالي ادركت ذلك مبكرا أهمية تأصيل هذا الجانب في السلطنة وتأخذ المبادرة لكي ترسل رسالة بأن الجودة شعارها ورسالتها، الامر الذي يبعث على الارتياح لهذه الخطوات الايجابية في المساهمة في تأصيل الجودة في التعليم العالي وربط التعليم العالي بسوق العمل في البلاد من خلال استحضار التجارب الدولية لتكون نموذجا يحتذى به ومشاركة الخبراء والمختصين في التعليم العالي من السلطنة وخارجها لتدارس علاقة التعليم العالي بالمجتمع وضروة ايجاد شراكات مجتمعية وثيقة يقطف ثمارها الاقتصاد الوطني والبلاد والعباد.
فبلاشك أن الجودة في الكليات والجامعات هدف سام يتجاوز كل الجوانب التجارية التي في العادة هدف لأي استثمار في كل مجالات، وهذا لا يتأتى الا من خلال ايمان عميق من جانب المستثمرين وأرباب مؤسسات التعليم العالي وكل المستثمرين في التعليم من رياض الأطفال إلى الدراسات العليا بأن ارباحهم لا يجب أن تكون على حساب الجودة مهما بلغت كلفتها. فالجودة قيمة لا يمكن المساومة عليها.
وهو ما نراه يتجسد في بعض مؤسسات التعليم الخاصة الفاعلة والهادفة إلى أن وضع لبنات جديدة للتعليم العالي الخاص يقوم على الجودة مستمدين من الأمانة في العمل وأخلاقياته الوسيلة في المضي في ذا المجال معتمدين على ثقة المجتمع ووعيه في اختيار ما يصلح ابناءه ومستثمرين في السمعة الاكاديمية على المدى الطويل التي تتراكم لصنع علامات تجارية اكاديمية تجتذب الطلبة من داخل البلاد وخارجها تلقائيا.
ان تنظيم مؤتمر يعالج تحديات التعليم العالي ويناقش الابعاد العملية والعالمية في التعليم العالي وتبادل الرؤى والخبرات، ويناقش اتجاهات التعليم العالي ومدى توافقها مع سوق العمل ومؤشرات تلبية الاحتياجات المجتمعية له اهمية في تعزيز الشراكة ومعالجة ضعف ارتباط انظمة التعليم العالي ومخرجاته بسوق العمل وما ينتج عنه من تحديات تواجه الخريجين والخريجات في سبر اغوار سوق العمل وتلبية متطلبات الشركات والمؤسسات من مخرجات جامعية تمتلك من المهارات ما يمكنها من التي تساعد على تلبية متطلبات العمل وترضي رغبات ارباب الشركات وتلبي احتياجات العملاء.
فتنظيم مؤتمر يشارك به اكثر من 200 مختص بشؤون التعليم العالي من داخل السلطنة وخارجها جاء استقراء للاوضاع التعليم العالي وتوجهاتها في السلطنة، وللمبادرات التي تطرح لمعالجة اشكالياته ومشكلاته للمشاركة في الجهد الوطني الذي تبذل الجهات الحكومية المختصة لحلحلة قضايا التعليم العالي في البلاد ووضعه على مسار العالمية من جانب وتجويد مخرجاته، وكذلك يأتي تنظيم هذا الحدث تجسيدا للمسؤولية الوطنية والاجتماعية لمؤسسات التعليم العالي في ايجاد حلول عملية تسهم في الارتقاء بمستوى التعليم العالي وربطه بسوق العمل وتضيق الفجوة بينهما، فضلا عن مواكبة التوجهات العالمية في تعزيز المهارات في التعليم بشكل اكبر كاحدى اهم المسلمات التي يتطلب التركيز عليها.
فالدراسات التي قامت بها وزارة التعليم العالي اشارت الى ان الخريجين يفتقرون الى المهارات المطلوبة في سوق العمل وان التعاون بين قطاع التعليم وسوق العمل لا يتجاوز 25% فقط، ناهيك ان الكثير من الدراسات تشير الى التباين الكبير بين الخريجين الذين يتلقون تدريبا ونظراءهم الذين لا يتلقون او بجرعات اقل من التدريب، بل ان ربط التعليم بالاحتياجات المجتمعية ومن بينها سوق العمل يعد من مؤشرات جودة التعليم.
ان قضايا التعليم العالي والنهوض به كثيرة، الا ان اهمها الجودة وربطه بسوق العمل وتعزيز المهارات والتدريب اثناء الدراسة، وهو ما يعالجه المؤتمر بهدف ايجاد حلول لهذه الاشكاليات، وسوف يسهم في الاطلاع على تجارب الجامعات والخبرات المشاركة في كيفية معالجة مثل هذه المعضلات في السلطنة وايجاد شراكات بين جامعاتنا وكلياتنا ومؤسسات اكاديمية عالمية لها باع طويل نظيره خاصة بضبط الجودة والجامعات الزميلة التي لها باع طويل، فضلا عن تعزيز اتجاهات ضبط الجودة كمعيار في مؤسساتنا الاكاديمية تلقائيا والتعرف على سبل استقطاب الطلبة الدوليين.
نأمل ان تحقق هذه الملتقيات العلمية النتائج المتوخاة منها ويستفاد مما يطرح فيها من افكار تسهم في زيادة جودة التعليم العالي وايجاد شراكات مجتمعية فاعله وربط التعليم العالي بسوق العمل وتعزيز التدريب والمهارات كجزء من المقررات الاكاديمية ويتطلب من الطلاب اجتيازها.