القدس المحتلة – زكي خليل
صادف امس ذكرى مرور أربعين عاما على يوم الأرض الخالد، الذي ارتقى فيه ستة شهداء هم خير ياسين من عرابة ومحسن طه من كفركنا وخديجة شواهنة من سخنين ورجا ابوريا وخضر خلايلة وكلاهما من سخنين، ورأفت زهيري من مخيم نور شمس قرب طولكرم وقد قضى في الطيبة وأصيب ٣٠٠فلسطيني خلال هبة جماهيرية احتجاجا على التهام إسرائيل للأراضي الفلسطينية بالداخل الفلسطيني ما أدى الى إحياء هذه الواقعة المجيدة من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني للدفاع عن ارضه وتأكيد انتمائه لوطنه فلسطين، وإصراره على التمسك بكل ذرة من ترابه مهما تعددت المؤامرات وتعاظمت التضحيات ويستعد الأهل في داخل الخط الأخضر وأبناء الضفة الغربية والقدس العربية والشتات والمتضامنون من مختلف أنحاء العالم لإحياء هذه الذكرى.
الشرارة الاولى
يشار إلى أن الشرارة التي أشعلت الجماهير العربية ليوم الأرض، كانت بإقدام سلطات الاحتلال على مصادرة نحو 21 ألف دونما من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل ومنها عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد وغيرها في العام 1976 لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه العرب، وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في أراضي 48 وخصوصا المتضررين المباشرين عن الإضراب العام في يوم الثلاثين من آذار.
وفي مثل هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل والمثلث إضرابا عاما، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين وعرابة ودير حنا.
وتفيد معطيات لجنة المتابعة العليا - الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- بأن قوات الاحتلال صادرت منهم نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى العام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.
وبذلت قوات الاحتلال جهودا كبيرة لكسر إرادة القيادات الفلسطينية ومنع انطلاق فعاليات نضالية، لكن رؤساء المجالس البلدية العربية أعلنوا الإضراب العام في اجتماع يوم 25 آذار 1976 في مدينة شفا عمرو.
تهويد
ويشير باحثون إلى أن مصادرات الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة تجد لها مسوغات في 'القانون' و'خدمة الصالح العام'، أو في تفعيل ما يعرف بـ'قوانين الطوارئ' الانتدابية.
بدوره اكد خليل تفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في ذكرى يوم الارض ان الاحتلال يركز على قضية مصادرة الأراضي من اجل بناء المستوطنات عليها سواء في القدس او الضفة الغربية.
وقال ان ما يتم الإعلان عنه بين الحين والأخر من مصادرة ألاف الدونمات من الأراضي سواء في غور الأردن او الكتل الاستيطانية او داخل مدينة القدس لأسباب إستراتيجية واضحة لمنع إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.
وأشار الى ان الفلسطينيين يسيطرون حاليا على 40 % فقط من مساحة الضفة الغربية وما عدا ذلك تحت السيطرة الإسرائيلية.
وأوضح تفكجي ان 87% من مساحة القدس المحتلة يسيطر عليها الاحتلال بعد العام 67 وانه لم يتبقي للمقدسيين سوى 13% مشيرا الى ان الاحتلال يسير بخطى حثيثة جدا في تنفيذ البرامج التي وضعها في العامين 79 و 94 لجلب مليون مستوطن في الضفة الغربية مشيرا الى ان القدس المحتلة تتعرض لتغيير ديموغرافي لصالح الاحتلال للوصول الى الأهداف الإستراتيجية لمنع إقامة دولة فلسطينية.
وأكد تفكجي ان الاحتلال يركز على البناء الاستيطاني في الكتل الاستيطانية او على سفوح الجبال او في مناطق غور الأردن ويعمل على توسيع المستوطنات في القدس وبناء مستوطنات جديدة من اجل جعلها عاصمة واحدة للدولة العبرية.
تحذير
فيما حذر د. جمال عمرو الباحث المختص بشؤون القدس ، من خطورة الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة بحق المدينة المقدسة والتي طالت تحت الارض وفوقها وسماء المدينة امام صمت العالم .
واضاف عمرو، ان المدينة المقدسة يومياً تستفيق على كوارث متتابعة ، فبعد الحفريات وبعد تصديق اللجنة القطرية الاسرائيلية وتجاوزها لتحفظات اللجنة اللوائية على ما يسمى بمشروع " كيدم يرشلايم " ، هذا المعهد العملاق والمركز الأمني الشرطي الكارثي الذي يبعد فقط 24 مترا عن محراب الأقصى ، استفاق الناس أيضاً على قرار بهدم حوالي 51 منزلا يريد أن يسيطر عليها المستوطنون في محيط الأقصى وسلوان ، كما استفاق الناس على ماراثون تلمودي تهويدي كارثي يومي من هذه الفئة المستجلبة إلى القدس الذين يجوبون المدينة المقدسة في يوم الجمعة بتظاهرات ذات بعد وطابع سياسي لا يخفى على أحد , في محاولة منهم لإظهار القدس عاصمة دولة فلسطين على أنها موحدة تحت سطوة الاحتلال .
وقال ان الاحتلال يدعي دائماً بأن هذه الحفريات التي يقومون بها ، هي أثريه وما هي بأثرية" إن هذا إدعاء كاذب و لا أساس له من الصحة إطلاقاً ، خاصة أن الذي بدأها في فلسطين هو قائد عسكري وهو موشيه ديّان ومن المعروف أنه عسكري ولا علاقة له بالآثار ، فقد دمّر الآثار الفلسطينية في كل أنحاء فلسطين ثم أطلق العنان لضباط الجيش ليدمروا ويواصلوا التدمير و فقط العسكريون هم من يشرفون على تدمير الآثار الفلسطينية ويعدمونها كما أعدموا مئات الشبان والشابات الفلسطينيين" .
وقال عمرو ان سماء مدينة القدس هو فضاء مقدس صعد منه الأنبياء إلى السموات وبعد فترة من الزمن سوف يكون هنالك مشروع صهيوني تهويدي عنصري جديد وهو عبارة عن تلفريك فوق المسجد الأقصى يحمل الأعلام الإسرائيلية ليخطفوا الأبصار عن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة ومشهد المدينة التاريخي من حيث صعد المسيح عليه السلام من على جبل الزيتون نزولاً إلى القصور الأموية التي يضعون عليها الآن مشروعا يهوديا كبيرا اسمه " كيدم يورشلايم " وهو أحد أكبر وأشد المشاريع التهويدية خطورةً التي يجري الآن العمل على تمويلها والمصادقة عليها , والعالم يقف متفرجاً ولا يحرك ساكناً ونحن نتساءل ونسأل أين هي دول هذا العالم الذين يدّعون الإنسانية والديموقراطية والقانونية والأخلاقية ؟!